أقلام حرة

قبله غازلت الرئيس بوتفليقة.. والآن جاء دورعبد المجيد تبون

علجية عيشمنذ اكتشاف العصابة ومرض الرئيس المقال عبد العزيز بوتفليقة لم نسمع صوت شيوخ الزوايا أو كما يسميهم العلامة عبد الحميد بن باديس بالطرقيين، أي منذ  أكثر من سنة تقريبا من انطلاق ثورة 22 فبراير لم تسجيل هذه الطائفة حضورها في الساحة، وها هي اليوم تعود في رسالة وجهتها للرئيس الحالي تهنئه بامتثاله للشفاء وتجاوزه أزمته الصحية، قبله كانت تغازل الرئيس بوتفبيقة في مناسبة وبدون مناسبة، لا عجب طبعا أن تغازل الطبقة المحكومة حاكمها، وتعبر له عن شعورها الدافئ وتقاسمها معه الألم والمحن، هي الرسالة التي وجهتها بعض الطرق الصوفية  لرئيس الجمهورية تهنه فيها بشفائه، وأعربت له فيها عن تثمين توجهاته في استكمال مشروع الدستور الجديد وتنفيذه الخيار الإنتخابي الذي يقف في وجهه من سمّتهم بهواة المراحل الإنتقالية، طبعا هو موقف نبيل لكنه جاء متأخرا جدا، خاصة وأن الرسالة كانت بتوقيع عدد من شيوخ الزوايا، حيث تراوح عدد التوقيعات بين 03 إلى 04  فقط  من مجموع مئات الزوايا الموجودة في الجزائر.

البداية كانت بدعوة الشعب الجزائري للذهاب إلى صناديق الإقتراع وانتخاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ثم تثمينها وثيقة التعديل الدستوري،  فبعد مغازلتها بوتفليقة هاهي الزوايا تغازل الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، لا يختلف إثنان في أن مهمة شيوخ الزوايا هي تحفيظ القرآن وتدريس الناشئة مختلف العلوم الشرعية وتكوين الأئمة، و إصلاح حال الأمّة وتهذيبها وإرشادها للطريق السليم من أجل نشر السلم والأمن في المجتمع، ومحاربتها الفساد والمتورطين فيه،  أي ان دعوتها هي دعوة إسلامية وشيخ الزاوية هو بمثابة الإمام أو االداعية الإسلامي، وليس رجل سياسة،  لا يمكن طبعا التنكر للدور الذي قامت به الزوايا أيام الثورة ومواجهتها الإستعمار الفرنسي، كما قامت بدور هام  عندما وقفت بجانب الجيش الوطني الشعبي في محاربة العنف والتطرف  خلال العشرية السوداء، وهذا ما يثبت أن علاقة الزوايا بالسياسة قديمة،  لكن أن يكون التودد لرئيس الجمهورية ممزوجا بطعم سياسي فهذا أمر آخر، أي أن في الأفق "أجندات" لا أحد يمكنه التنبؤ بها في الوقت الحالي سوى أصحابها.

لا نستغرب  يوما نقرأ فيه أن شيخ زاوية أو أحد مريديها أصبح برلمانيا، أو أوكلت له مهمة فوق العادة (مهاما دبلوماسية)  بحكم  تمكنهم في التأثير في الجماهير وتخديرهم باسم الدين، فهذا ليس مستحيلا، فكل شيئ ممكن في الجزائر، فما قيل عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقه أنه قبل وصوله إلى المرادية قام بزيارة العديد من الزوايا وقدم لشيوخها الدعم المالي،  ثم ألحقها برئاسة الجمهورية بعدما  كانت محسوبة على وزارة الشؤون الدينية،  وكان الرئيس بوتفليقة قد وقف طويلا في إحدى زوايا إحدى مدن الجنوب (أدرار)، ودعا له العلامة الشيخ محمد بلكبير دعوة بدوام الحكم حتى الممات، لكن لا شيئ تحقق من هذا القبيل، فالرجل أقيل من منصبه في "حراك شعبي" شهد له العالم،  الواقع أن الجزائريين لم يعهدوا أن يكون الرئيس عبد المجيد تبون صاحب زوايا، وواحد من زوارها، وأنه كان يقدم لها القرابين  في المناسبات الدينية، من أجل الحصول على صكوك الغفران، إلا إذا تغيرت الأمور .

 حسبما كشفته الأرقام فإن عدد الزوايا في الجزائر اليوم يتراوح بين 900 إلى  1600 زاوية، من أشهر هذه الزوايا: الزاوية التيجانية، والزاوية البلقايدية، والطريقة القادرية، هو رقم لا يستهان به، ولكل زاوية منهجها وأسلوب خطابها في التاثير في الناس باسم الدين، ما جعل الإمام عبد الحميد بن بايس يتخذ منها موقفا ويعلن حربه على الطرقيين، من أجل القضاء على الخرافات وعوامل الجهل،  واعتبر أن الجزائر تواجه استعمارين: الأول هو الإستعمار الفرنسي، والثاني الإستعمار الروحي المتمثل في الطُّرُقِيَّة، كون أغلب رموزها  تجار دين، وإن كانت الزوايا في المرحلة البوتفليقية تحولت من مؤسسة دينية وتربوية  إلى شبه حزب سياسي، وأضحت قوة سياسية تضاهي الأحزاب السياسية الأخرى، عندما وقّعت "بروتوكول" التحالف السياسي بينها وبين السلطة،  يبقى السؤال المطروح هو: ماذا تحمل الزوايا في أجنداتها في عهد تبون ؟.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم