أقلام حرة

العباسيون بعد مقتل المتوكل!!

صادق السامرائيبعد مقتل المتوكل (247 هجرية) من قبل إبنه المنتصر بالله، فقد الخلفاء العباسيون هيبتهم ودورهم في الدولة، وعاشوا مأزومين مرعوبين تتحكم بهم قوى متعددة وتحسبهم رموزا لتمرير مطامعها، وأعداد منهم قتلوا شر قتلة وأهينوا، وجرت على رؤوسهم الويلات، فكأنهم الدمى التي تحركها القوى التي جاءت بهم، ولهذا لم يبرز خليفة قوي بعد المتوكل، وكأن مقتله كان النهاية الحقيقية للدولة العباسية؟

ولو توفرت قوة كبيرة في حينها لتم القضاء على الخلافة العباسية قبل هولاكو بقرون، لكن الظروف كانت مواتية لإستمرارها في السيطرة على الدنيا، ولهذا كانت واهية عندما داهمها التتار.

المتوكل كان الخليفة العاشر، وبعده جاء ستة وعشرون خليفة، تميزوا بالضعف وفقدان الهيبة وعدم القدرة على إتخاذ القرار، حتى سقوط بغداد (659 هجرية).

فلأكثر من أربعمئة سنة لم يبرز خليفة يضاهي المتوكل، ومَن سبقه من الخلفاء بالهيبة والقوة والقدرة على الإنجاز.

وبعد مقتله صار قتل الخلفاء والتمثيل بهم وتعذيبهم أمرا عاديا ومتكررا، فكانوا كالقرابين التي يتم ذبحها والإتيان بقربان غيرها يبقى في السلطة إلى حين جزره.

وهؤلاء الخلفاء الذين تم قتلهم بعد المتوكل:

"المنتصر بالله، المستعين بالله،  المعتز بالله، المهتدي بالله، المعتمد على الله، المقتدر بالله، القاهر بالله (سمّل)، المتقي لله (سجن 25 سنة حتى مات)، المسترشد بالله، الراشد بالله، المستعصم بالله"

وإذا أضفنا لهم الأمين والهادي، فأن أكثر من ثلث الخلفاء العباسين قد تم قتلهم وسمل عيونهم وتعذيبهم وسجنهم وإهانتهم.

فخلفاء بني العباس (36)، وأطول مَن حكم من العباسيين القادر بالله (381-422) هجرية، وإبنه القائم بأمر الله (422-467) هجرية.

فالدولة العباسية بلغت أوجها في مرحلة الخلفاء العشرة الأوائل، الذين إنطلقت بهم رغم ما رافق مسيرتهم من تحديات، وإنحدرت ببطئ شديد إلى نهايتها بعد مقتل المتوكل.

فالفترة الحقيقية لسطوع الدولة العباسية هي (132-249)هجرية، والفترة (249-659) هجرية كانت أطول فترة هبوط في تأريخ الإمبراطوريات والدول.

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم