أقلام حرة

زئير "نتنياهو" لا يخيف الشرفاء..

بكر السباتينوقرار أردني بمنع نتنياهو من عبور الأجواء الأردنية إلى أبو ظبي

صفعة قوية يوجهها الأردن إلى رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي المتغطرس بنيامين نتنياهو، من خلال موقف انتظرناه طويلاً؛ بمنع السلطات الأردنية مرور طائرته في الأجواء الأردنية، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي ولي العهد الأردني من دخول المسجد الأقصى للصلاة فيه بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج.

وتسبب القرار الأردني السيادي بالغاء زيارة نتنياهو الى الامارات.. وكان من المزمع ان تتم يوم أمس الخميس.

ودرءاً للحرج الذي تعرض له نتنياهو فقد لجأ إلى تمرير أكاذيبه التي لم تنطل على أحد، خلال مؤتمر صحفي أجراه مساء يوم أمس، الخميس وقال فيه:

"لم يكن بالإمكان القيام بزيارتي إلى الإمارات بسبب سوء تفاهم وصعوبات في تنسيق رحلاتنا الجوية وذلك بسبب الحدث الذي وقع أمس في جبل الهيكل".

وأضاف "تسوية الاختلاف مع الأردن استغرق عدة ساعات ونحن نستطيع التحليق، أنا أستطيع التحليق في سماء الأردن وحتى إن تحقيق هذا التنسيق، فإنه لم يكن بالإمكان القيام بهذه الزيارة"!!!.

وأردف "ولذا تحدثت للتو مع الشيخ محمد بن زايد، واتفقنا على أنني سأقوم بزيارة أخرى قريبا جدا"!!.

وهذا كلام هراء.. لأنه كان بوسع نتنياهو العلم مسبقاً بنية الأردن المبيته من خلال وزارة الخارجية الإسرائيلية لاعتماد خيارات أخرى مثل الأجواء المصرية كما هي العادة! وهل يعقل أن يصدق أحدٌ بأن قرار المنع الأردني مهما كان وزنه قد يرجئ الزيارات الرسمية لدولة الاحتلال الإسرائيلي أو يعطل برامجها الدبلوماسية.. فهذا غير مشهود في العلاقات بين الدول التي تحكمها اتفاقيات بينية؛ لذلك فنتنياهو لا يريد أن يقال عنه بأنه بات شخصاً منفراً لغطرسته الطاغية، وباعتباره عديم الثقة، ومن أكبر المروجين للأكاذيب في العالم.. وليس هذا من قبيل المبالغة؛ لأن الشواهد على ذلك كثيرة.

ولو افترضنا جدلاً بأن نتنياهو يقول الحقيقة، فهل تنأى الإمارات بنفسها عن هذا الموقف الأردني وتتجرعه بهدوء دون أن تتدخل دبلوماسياً!

لماذا إذاً لم يشد نتنياهو الرحال إلى الإمارات عبر مصر مثلاً؟ فالطريق عبر تلك الأجواء سالكة ومريحة!

أم أن نتنياهو نفسه بات يحرج القيادة الإماراتية لعدة أسباب، أهمها،

-انتقاد الدول العربية المتصاعد للهرولة الإماراتية المتسارعة نحو التطبيع المهين مع تل أيب وما رافق ذلك من هجوم إعلامي عاصف قام به المعارضون للتطبيع؛ لشيطنة الإمارات العربية ووضعها في إطار أجندة دولة الاحتلال الإسرائيلي على اعتبار أن مستوى العلاقة بين البلدين تتجاوز امستوى التطبيع إلى درجة التحالف الشامل.

- خروج ترامب من المشهد السياسي الدولي، وكانت تربطه مع الشيخ محمد بن زايد ونتنياهو علاقات وطيدة، ومشاريع سياسية إقليمية تم إجهاضها مثل صفقة القرن.

- كون نتنياهو أصبح ورقة محروقة أمريكياً بعد رحيل ترامب، في ظل تأزم العلاقة الشخصية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نتنياهو الذي مارس غطرسته حتى على الأمريكيين في عهد أوباما عندما كان الرئيس الحالي نائباً له!! وما فتئ بايدن يذكر بذلك.

وللتذكير فإن العلاقات الأردنية الإسرائيلية تشهد صعوبات بالغة بسبب انتهاكات الاحتلال. الإسرائيلي للمسجد الأقصى، وتشكيك القيادة الإسرائيلية في عهد نتنياهو بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، بدلالة أن الأردن لم يستقبل منذ زمن بعيد نتنياهو شخصياً أو أحداً من حزبه، وفضل التعاطي مع منافسيه من خلال تخفيض مستوى اللقاءات الرسمية؛ ففي وقت سابق، استقبل الملك عبد الله الثاني الجِنرال بيني غانتس، وزير الدفاع في قصره في العقبة رسميّاً، بينما استقبل وزير خارجيّته أيمن الصفدي نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، والاثنان من حزب "أبيض أزرق" المنافس لنِتنياهو، وهذا بحد ذاته دليل على أن الأردن لن يقبل بأن يكون ورقة انتخابية يوظفها نتنياهو لمآربه فهو خارج الرهانات؛ لذلك أعطى فرصة هذين اللقائين لمنافسيه داخل حكومة الوحدة الإئتلافية والتي يرأسها نتنياهو حيث وصفها زعيم المعارضة يائير لابيد بأنها “الأسوأ في تاريخ إسرائيل”. وهذا كله يشير إلى تعارض النوايا في العلاقة بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي التي يسودها الارتياب رغم توقيع معاهدة وادي عربا المرفوضة جماهيرياً.

وكنت أتمنى لو جاء قرار المنع بسبب الاحتلال الإسرائيلي الغاشم وممارساته الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية؛ ورغم ذلك فإن هذا القرار يُعَدُّ خطوةٌ أردنية مشرفة وسديدة.. ونتمنى لها الثبات والسؤدد فزئير "نتنياهو" لا يخيف الشرفاء.

 

بقلم بكر السباتين

12 مارس 2021

 

 

في المثقف اليوم