أقلام حرة

صادق السامرائي: المصطلحات الخائبة!!

صادق السامرائيما يميز السائد في الأوساط الثقافية ووسائل الإعلام وما يجري على ألسنة الناس، مسميات لا قيمة لها ولا أساس، ولا يمكنها أن تتصل بشخص مهما توهم العلم والمعرفة، ومنها، العلامة، الفقيه، الخبير، العارف، العليم، وغيرها من التي تجري على نسقها ووزنها.

فقرننا الحالي المعلوماتي الدفاق  ألغى هذه المسميات وأخواتها، وصار كل شخص لا يعرف مهما توهم أنه يعرف، ولا يعلم مهما أصاب من العلم، ولا بد من من جمهرة عقول لكي تعرف بعض الشيئ عن شيئ.

فلا يوجد شخص لوحده يحيط بأي علم من العلوم، لما بلغته المعارف الإنسانية من التوسع والتراكم العظيم، فلا يمكنك أن تقنعني بأن شخصا واحدا صار عارفا بدين، أو خبيرا بعلم من العلوم، أو جامعا في معارفه ومدركا لما يقول  في شؤون الدنيا والدين.

فكل شخص أصغر مما يعرف، وأضأل مما يعلم، فالعلوم والمعارف صارت بحارا ومحيطات، وكل منا يسبح فيها، فهل يعلم السابح ما في البحر والمحيط، وهل تدرك قطرة الماء ما يضمه النهر والبحر والمحيط.

علينا أن نواجه أنفسنا ونهدم الأوثان التي نصنعها ونتوهم بها ونتآكل ونضمحل حولها، فلا عارف بشيئ في مجتمعاتنا، ولا عالم بعلم، وإنما يستوجب علينا أن نفعّل عقولنا للوصول إلى معارف ذات قيمة حضارية ومنطلقات إنسانية معاصرة.

فلا تقل لي هذا عالم دين، بل قل أنه يعلم بعض شيئ عن الدين، ولا تقل هذا عالم طب، بل يعلم شيئا ما في مجال تخصصه، ولا تقل هذا مرجع في كذا وكذا، وقل أنه يتخصص في كذا وكذا، فلا مرجعية فردية، وإنما عليها أن تكون جماعية وبجمهرة عقول فاعلة ومتفاعلة.

نعم، يتوجب علينا إدراك هذه الحقائق وتطهير رؤوسنا من الجراثيم العالقة بها، فلا يمكن للواحد منا أن يكون بمعزل عن الآخرين، ولا تتحقق القوة بالأفراد بل بالجماعات المتنورة بعقولها المتفاعلة.

أما مناهج الراعي والرعية، والأمر والطاعة، والإذعان الأعمى للأوهام والأوثان الآدمية، فأنها ولت إلى غير رجعة، وعلينا أن نستوعب ذلك ونقر بإنتفاء وجودها، وإنتهاء قيمتها ودورها.

فهل سنكون في عصرنا ونتمثل روح وجودنا فيه؟َ!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم