أقلام حرة

ببكر السباتين: هل تورط الجيش الإسرائيلي في مستنقع المواجهة مع غزة!

بكر السباتينمنذ يوم الاثنين والقصف المتبادل بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي متواصل، وقد بادرت إليه حماس نصرة للمرابطين في القدس بعد أن طفح كيلها،

الثمن من الطرفين كان باهظاً على الصعيدين المادي والمعنوي.. والتصعيد إلى الآن هو الخيار الأبرز في ظل محاولات مصرية يائسة للتوصا إلى اتفاق هدنة بين الطرفين المتعنتين.. وقد أمعن جيش الاحتلال الإسرائيلي الهمجي بالقتل والتدمير في غزة.. مقابل رد المقاومة الصاروخي الرادع  الذي طال تل أبيب ويافا وعسقلان. ومحيط القدس وبئر السبع.. ودائرة الخيارات تتسع بناءً على مدى التصعيد الإسرائيلي.

فقد أعلنت حركة حماس مساء الثلاثاء إطلاق صواريخ في اتجاه تل أبيب، في اليوم الثاني من التصعيد العنيف بين المقاومة البطلة وجيش الاحتلال الغاصب. وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في بيان مقتضب "وجهت كتائب القسام ضربةً صاروخيةً هي الأكبر لتل أبيب وضواحيها ب130 صاروخاً رداً على استهداف العدو للأبراج المدنية"، في إشارة إلى تدمير الطائرات الحربية الإسرائيلية برجاً سكنياً من اثني عشر طابقاً غرب مدينة غزة.

وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي استشهاد قياديَين ميدانيَين في سرايا القدس، الجناح العسكري للحركة في غارة إسرائيلية الثلاثاء. وكانت حركة حماس أعلنت الاثنين استشهاد قيادي فيها في غارة إسرائيلية شمال غزة. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة عن ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين إلى 28 بينهم 10 أطفال وسيدة منذ أمس. وأصيب أيضا في القطاع 152 شخصاً بجروح.

في الجهة المقابلة حدث ما لم يكن معهوداً في المواجهات السابقة بين الطرفين، فقد تم إغلاق مطار بن غوريون القريب من تل أبيب أمام حركة الإقلاع والهبوط جراء الهجمات، وتم تحويل الرحلات إلى قبرص. وذكرت القناة 12 بالتلفزيون الإسرائيلي أن خط أنابيب للوقود بين مدينتي إيلات أصيب في الهجوم الصاروخي من غزة..

وقتلت امرأة قرب تل أبيب جراء سقوط صاروخ، لترتفع حصيلة القتلى الإسرائيليين من جراء القصف الصاروخي من غزة إلى ثلاثة، إضافة إلى 95 جريحاً.. والأرقام تتوالى في الصعود والمواجهات مفتوحة دون وجود مؤشرات توحي بالانفراج.

وصباح اليوم قذفت المقاومة وابلاً من قذائف الهاون إلى المكان الذي دمرت في الآلية الإسرائيلية في منطقة المواجهة الميدانية منعاً من محاولات إنقاذهم.. ما يعني أن استعدادات فصائل المقاومة لخيار الاجتياح الإسرائيلي جاهزة وسيخضع كل القرارات الميدانية الإسرائيلية للحذر.

وسبق ذلك قصف وغارات إسرائيلية مكثفة على غزة جاءت رداً على إطلاق دفعات جديدة من الصواريخ من القطاع في اتجاه "إسرائيل". وأصيب من جراء ذلك مبنى من 12 طابقا يضم مكاتب لمسؤولين في حركة حماس دمر بالكامل في إحدى الغارات على مدينة غزة.

وتحدثت قناة الجزيرة صباح اليوم نقلاً عن متحدث مصري رسمي بأن جهود الوساطة بين طرفي المواجهة في غزة ما زالت تدور في حلقة مفرغة نتيجة تعنت الطرف الإسرائيلي إزاء مطالب حركة المقاومة التي تمحورت حول إزالة أسباب هذا الاشتباك سواء بإخراج جيش الاحتلال من باحات الأقصى وعدم التعرض للفلسطينيين في حي الشيخ جراح.. والإفراج عن أسرى المواجهات الأخيرة في القدس.. علماً بأن الهجوم الصاروخي الرادع الذي بادرت إليه المقاومة منذ يومين جاء دفاعاً عن الأقصى الذي يتعرض لاقتحامات متتالية من قبل السلطات الإسرائيلية دون مراعاة لحرمة المسجد كمكان للعبادة أو حرمة الشهر الفضيل الذي استبيه فيه الدم المقدسي دون رادع.

 ويبدو أن لغة التصعيد هي التي تتحكم بمجريات المواجهة المفتوحة بين جميع الأطراف سوى أن حماس كانت أكثر دبلماسية، فقد تركت الباب موارباً بعض الشيء استجابة للوساطة المصرية.. وعليه فقد قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة مساء الثلاثاء في كلمة متلفزة عبر فضائيّة الأقصى التابعة لحماس "إذا أرادوا (إسرائيل) أن يُصعّدوا، فالمقاومة جاهزة. إذا أرادوا أن يتوقّفوا، المقاومة جاهزة". وأضاف "هذه رسالة أوصلناها لكلّ من يعنيه الأمر"، في إشارة إلى الوسطاء الذين يُحاولون إرساء تهدئة بين الجانبين.. وحتى لا تتهم حماس في أنها تمثل عائقاً في ذلك الاتجاه.

من جهته كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أكثر تشدداً فخروجه من المستنقع بدون ثمن يعد كارثة بالنسبة لمستقبله السياسي ويضع الليكود في موقف حرج؛ لذلك قال في تصريحات بثها التلفزيون الإسرائيلي الرسمي وبجانبه وزير الدفاع وقائد الجيش، إن الجماعات المسلحة في قطاع غزة "ستدفع ثمنا باهظا".

 إلا أن نتائج القصف الصاروخي المدمرة في العمق الإسرائيلي أحرجت موقف نتنياهو وعرضته لضغوطات معاكسة ما جعل إسرائيليون يتهمونه بالعجز والخذلان.. في الوقت الذي ما زال يبحث فيه عن مخرج من الأزمات المتفاقمة التي يعوم فيها بصعوبة.. وبخاصة أن ثقة الإسرائيليين بجيش الاحتلال الإسرائيلي وضعت على محك الاختبار، فكيف تمكنت فصائل المقاومة في غزة من تعزيز قدراتها الصاروخية في ظل الحصار المحكم الذي تفرضه تل أبيب على القطاع منذ عقود! حتى صلت إليهم التكنلوجيا الإيرانية المتقدمة التي مكنتهم من تصنيع هذه "المقذوفات" الصاروخية الفاعلة! ولماذا تفشل القبة الحديدية في التصدي لهذه الصواريخ التي باتت أكثر تطوراً من حيث الدقة وقدرتها التفجيرية!

 وكانت الحجة الإسرائيلية التي بررت هذا الفشل الدفاعي واهية ومحبطة للإسرائيليين وبخاصة أفراد جيش الاحتلال الذي فقد بوصلته في معركة غير مضمونة النتائج بل وضربته في مقتل.. إذ ادعت قيادة الجيش الإسرائيلي بأنها سربت خبراً إلى الإعلام الإسرائيلي حول تعطل نظام القبة الحديدية الطاريء، الأمر الذي قوبل بالسخرية لأن ثبوت فشل هذا النظام الدفاعي الذي تباهي فيه"إسرائيل" العالم قد فشل في كل أماكن تواجده إزاء استراتيجة المقاومة في تحييده التي تعتمد على الزخم الصاروخي وتنوع الاتجاهات ما أصاب هيبة هذه الجيش المتغطرس في مقتل فيما هيأ للمقاومة القدرة على التحكم بقواعد الاشتباك.. صحيح أن الطرفين غير متكاقئين ولكن ما ينقص المقاومة تقنياً تعوضة معنوياً بروحها القتالية العالية وإيمانها بعدالة قضيتها.

 

بقلم بكر السباتين

12 مايو 2021

 

 

في المثقف اليوم