أقلام حرة

صادق السامرائي: السيف والنطع والكرسي!!

صادق السامرائيالنطع: بساط من الجلد يُفرش تحت المحكوم عليه بالقتل لقطع رأسه بالسيف فيتجمّع دمه فيه.

ثلاثية سلوكية آثمة ترافقت مع الحكم الذي إنطلق بموجب ما سمي بالخلافة الوراثية، ويقوم بضرب الأعناق بالسيف الخليفة أو السلطان، وكأن من موجبات ومؤهلات الجلوس على كرسي الحكم، أن تكون جريئا بقطع الرؤوس، التي تقدم إليك كالقرابين، فلكي تكون سلطانا مهابا عليك أن تبدأ يومك بسفك دم، لشخص على أنه زنديق، وبقتله تكون قد حميت الدين.

هكذا جرت الأمور في الحكم منذ البدء وحتى اليوم، وإن تغيرت أساليب النيل من الخصم، فبدلا من السيف والنطع، صارت المعتقلات وسوح الإعدامات، والقتل بشتى الأساليب المعاصرة الخاطفة، التي تقضي على الآخر بسرعة وبلا ضجيج وعن بعد.

وهذه الثلاثية متوارثة في مجتمعاتنا، ومتجسدة بسلوكيات الكراسي بأنواعها، ومعظم أنظمة الحكم القائمة قد مارستها منذ تأسيس دولنا، ولاتزال تعبّر عنها وفقا لمقتضيات ومتطلبات الكرسي، ففي مجتمعاتنا يُعدم الناس بالجملة، ويقتلون ويخطفون ويُعذّبون ويُنكل بهم، وكأن السلوك طبيعي ومقبول.

ولهذا فالحاكم جزار متوحش شرس فتاك ومستبد، وإن نطق بغير ذلك فهو ينافق.

وقد إستمر هذا السلوك لغياب الدستور والضوابط الرادعة لإنفلات قوة الكراسي، وفشل مجتمعاتنا في وعي أهمية عدم حصر القوة بفرد أو بفئة، وإنما عليها أن تتوزع لتضمن سلامة الجميع وتمنع البطش والإستبداد والطغيان الأثيم.

لكن المطمورات الفاعلة فينا تدفعنا للإتيان بالذي يعذبنا ويهيننا ويقهرنا، وكأننا نأنس بالعذاب، ونترنم بالتشكي والتظلم والأنين، ونعيد المشهد ولا نتعلم.

فاحضِر نطعا وسيفا وسيّافا لتتوجَ حاكما علينا!!

 

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم