أقلام حرة

صادق السامرائي: المشاريع الحجرية!!

صادق السامرائيالمفكرون العرب يعزفون على أوتار المشاريع النهضوية، القادرة على إخراج الأمة من نقمتها إلى نعمتها، ومن ظلامها إلى نهارها، ومن ضلالها الفاعل فيها إلى أنوار الحاضر والمستقبل الزاهر.

مشاريع قائمة في الكتب، وصرّح بها ألف مفكر ومفكر منذ قرون، فأصابوا بها واقع الأمة بمقتل شديد، فلكل منهم مشروعه ونظرياته وتوصيفاته ومصطلحاته، وكلٌّ يريد أن يكون إماما لمجموعة من الناس، ولا يختلفون في سلوكهم عن أي معمم يرغب بأخذ البشر إلى ميادين سقر.

مشاريع المفكرين العرب متراكمة ولا تنتهي، وكل يؤسس مشروعه على السطور لينام خائبا على رفوف النسيان والإندثار، وما أعطت مشاريعهم ثمارها منذ مطلع القرن التاسع عشر.

كتبتُ موضوعا وتوالت الرسائل بخصوصه على أن يتحول إلى مشروع، وكلما سمعتُ هذه الكلمة أو قرأتها أشعر بالغضب والألم، فنحن أمة مشاريع كلامية وخطابية، وحشر الأفكار في الكتب، وكأننا لا نمتلك القدرة التنفيذية لأية فكرة.

وما نجيده هو سفك الدماء والعدوان على بعضنا، فهذه هي المشاريع التي ننجزها، وإن لم تصدقوا، إسالوا أحزابنا العتيدة بأنواعها ومسمياتها عن إنجازاتها، فجميعها ذات مشاريع ومشروعها المشترك تدمير البلاد وقهر العباد.

وأعود إلى المفكرين وأحمّلهم مسؤولية ما آلت إليه أمور الأمة وأوضاعها وما أصابها من تداعيات، وسيقولون نحن لسنا ساسة ولا أصحاب قرار، لكنهم فشلوا في صناعة التيار القادر على الفعل، والإصرار على التغيير والإنتصار.

فشلوا في ذلك لأن لكل منهم مشروعه الخيالي المتمخض من زاوية نظره للحالة، وما إستطاعوا التفاعل والتواصل، وتبادل الأفكار والرؤى، والوصول إلى نظرية ذات قيمة عملية، بل عززوا الفشل العربي الذي يتلخص بالتنافر المروّع ما بين النظرية والتطبيق، وجعلوا الإنجاز السائد كلام وخطاب وحسب، أما العمل فهذا ليس من شأنهم، فالقول فعلهم.

فإلى أين وصلت بنا مشاريعهم، وهل أثمرت جهودهم وما بذلوه من طاقات في موضوعات لا تنفع؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم