أقلام حرة

عماد علي: من يقلل من اضرار الطقوس الدينية؟

عماد عليبمناسبة مرور شهر المحرم وما نشهده على ارض العراق من الطقوس، لم يعلم احد متى بدات هذه التي تحصل وهل هي الفية العمر والمدة ام جاءت باكملها او اجزاء منها حديثا او انبثقت بهذا الشكل كما هو ام تغيرت وفق ما اقتضته مصالح سياسية او مذهبية ام انها لتحقيق الذات المذهبية على حساب الدين ومن خلالها يتم الافراز والتباين والتمايزات المختلفة الانواع، وفي النهاية تتم بها تفرقة والاضعاف وهشاشة المجتمع التي تفيد من لها يد في هذا. لا بل اصبحت بعض منها هوية مذهبية وشخصية وملئا للفراغ النفسي وافتخارا للانتماء على عكس الاخر الذي لا يحق له ما يمكن ان يمارسه او تعويضا لنقص الشخصية وثبات الذات.

اختلفت هذه الطقوس في اكثر المذاهب والطرق مع بعضها وجاءت اكثرها متوارثا او بالاحرى متنقلا في مراحل مختلفة حتى قبل مجيء مرحلة الغزو الاسلامي للعراق, فكانت طقوس معينة تمارس على ارض وادي الرافدين من قبل الاديان الاخرى ومنها غير السماوية التي كانت لها مميزات ومن بينها الطقوس التي افادت ما اتت مابعدها واخذتها منها جزئيا والشرط هو عدم تماثلها لتختلف عن السابق من اجل كسب التوابع والاتباع.

يمكن ان نصنف الطقوس الدائمية او المرحلية او المناسباتية او الفصلية من دين لاخر ومن مذهب لاخر وحسب الاهداف والاغراض التي جاءت من اجلها، او انبثقت كنتيجة او اسباب لما فرضها وكانت بداية مرحلية مؤقتة الا انها ثبتت لتكرارها من وقت لاخر. فهل هناك من يعلم عن تشابه الطقوس الدينية عن المناسبات الاجتماعية وما كانت تفرضه متغيرات الحياة على مجتمع هنا وهناك، ومن ثم اصبحت طقسا او عادة على مجموعة ومن ثم ورثتها الاجيال باعتبارها مقدسة، ومن شروط الانتماء الديني والمذهبي. التاريخ مليء بهذا وفي جميع انحاء العالم الاسلامي ولدى مختلف المذاهب وبالاخص الاسلامية منها. وكما يتوضح لدينا التشدد في الدين الاسلامي لتعليماته وشروطه واداء فروضه وسننه التي تتسم بها، فاننا نرى حتى الطقوس التي انبثقت منها عبر التاريخ اشد واضخم واقوى واكثر تاثيرا عقليا وبدنيا على الممارس عن الاديان الاخرى. فهل من يقول لي اين التطبير وشق راس حتى للطفل المسكين وشق الاحشاء بالاسلاك لاثبات معجزات الاسلام والمذاهب غير في الاسلام ومذاهبه. اذا ليست الطقوس الا من صنع التاريخ والمصالح وشروط الانتماءات وتجسيد الاختلافات مع الاخر.

من هنا لابد ان نشير الى ان السياسة فعلت فعلتها في العراق وهو بقعة الاختلافات وحاضن التاريخ المشحون المليء بكل ما لا يعقل من ما لصقت بالدين من اجل اهداف ومصالح متعددة شخصية كانت ام طائفية ام شعبية، ام من اجل الانتصار في صراعات تاريخية طويلة الامد.

فلنختصر ونسمح لانفسنا ان نكلم عما تجري الان من ممارسة طقوس دينية وفي اصلها سياسية عند شيعة العراق وفي اوقات كثيرة عند سنة العراق ايضا وعلى ايدي الدراويش والشيوخ. لو تمعنا فاننا نجد ما يسري ويدفع ما يحصل بدوافع سياسية صراعاتية وطموع نابعة من خلافات تاريخية اكثر من كونها طقوس او مناسك دينية مذهبية، لان التاريخ الاسلامي كان يضمن ما يجري ولكن بهذا الشكل المتعدد الاوجه والاهداف، لانها تاتي في وقت شهدت المنطقة تغييرات وفرزت احاسيس قومية لم تتمكن من تغطية الطقوس الدينية بل استغلتها من اجل تحقيق اهدافها.

كما هو الحال في الامور الاجتماعية السياسية الاخرى, فان لهذه الطقوس اضرارها ولنها اقوى واخطر من اي شي اخر انسانيا وثقافيا. فكيف يمكن التاثير الايجابي عليها دون انبعاث افرازات متوقعة للضغط بعدة اشكال للتقليل من مضراتها وبناء السد المنيع امام تخلخلها في كيان الاجيال القادمة ومنع تثبيتها ولصقها في شخصية المتابع والمنتمي ومن يمكن ان يفكر ويقتنع بصحة اداءه في هذا الجانب.

هذا يخضع للظروف الموضوعية والذاتية للمجتمع والفرد المتجانس مع ما يجري ويمكن ان نعتبره ذائبا في الحالة نفسيا وفكريا وعقليا وجسميا. وبما انه اصبحت السياسة هي الامارة والدافع الاول في هذا، فلابد ان تتغير تلك الحالة من اجل قطع دابر الغرض السياسي الذي يدفع من اجل مجموعة او حزب او طائفة على حساب الشعب ومستقبل اجياله. ومن ثم استغلال الوضع القائم من عدم الرضا عن المتسلطين، من اجل ازلة اشرارهم مع ما طرحوه ورفعوه على السطح لاجلهم, وبه يمكن من خلال انعطافة سياسية اجتماعية ثقافية قوية ومؤثرة ان تتغير الامور وان جاءت الفوضى بداية فمن ثم تستقر الحال على مرحلة مختلفة متغيرة من جميع الجوانب ومنها الكف عن اداء بعض من هذه الطقوس التي اعادت هيكلتها وفرضتها الظروف التي اختلقت بعد سقوط الدكتاور. فللقوى العلمانية المعتدلة التقدمية العمل على تحويل الاتجاه لما يحصل مع التعامل مع سمات المجتمع والعقلية السائدة وغير المتشددة المتطرفة التي تحتاج للتعقل لحصول على نتائج عملها بشكل صحيح دون نتاجات معاكسة لما هو المطلوب، فيمكن التاثير الايجابي وبيان ماهو الضرر في استمرار الحال للجميع لتتخفف تدريجيا, ولا يحصل هذا كرد فعل وانما بعد اقتناع الكامل لمضرة ما يحدث وبعد اكتمال استحضارالوسيلة طبيعيا من اجل وأد هذه الخزعبلات جميعها ويبدا المجتمع بداية حياة جديدة.

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم