أقلام حرة

صادق السامرائي: البيئة الطاردة!!

يقول الأبله البغدادي: "لا يعرف الشوق إلا من يكابده...ولا الصبابة إلا من يعانيها"، ويمكن القول على ذات الإيقاع: " لا يعرف الإنجاز إلا مَن يحققه.. ولا البطولة إلا مَن يوافيها"!!

البيئة في معظم دول الأمة، يتعزز فيها سلوك الطرد للإيجابي، وتأمين وترسيخ ما هو سلبي، لكي تبقى فريسة سهلة على موائد الطامعين.

ومن عجائب سلوكنا أصبحنا نطهي أنفسنا ونقدمها وجبات شهية للآخرين، ونأنس بما نقوم به، وننتشي بإنجازاتنا المدمرة لذاتنا وموضوعنا.

ودارت العقود العصيبة بناعور الويلات والتداعيات والتفاعلات الإستنزافية، والمحاولات الإتلافية اللازمة للتخميد والتقعيد والتقنيط.

وما جرى في دولنا على مدى أكثر من قرن، لا يخدم أجيالها، ويصب في مصلحة المُستهدفين لها، ولا نزال نتحرك بإندفاعية نحو تدمير وجودنا بإرادتنا المبرمجة ضدنا، فأساليب الإفتراس الحضاري الجديدة، أن تتحول عناصر ومفردات الهدف إلى عوامل مساعدة للإجهاز عليه، وهذا ما يحصل في ديارنا.

ووفقا لما تقدم، فالمشاريع النافعة توضع أمامها العراقيل، وتعيش في مواجهة قاسية مع الواقع الرافض للإيجابي، والمؤازر للسلبي الميَسر لتأمين الإرادة المضادة وإيصالها إلى مآربها المنشودة.

ومن المعروف أن الثقافة النفسية من العوامل التنويرية اليقظوية النهظوية، اللازمة لإعمال العقول وتحفيز التفكير، وجلاء الوعي ووضوح النظر، وتأهيل الناس لإمتلاك قدرات ومهارات تقرير المصير، وهذا يتقاطع مع أساليب تكريس المصالح الأجنبية، والحفاظ على المكاسب المتوخاة من الذين يتم تخويلهم بوكالة إدارة البلاد وقهر العباد.

فالدول التي تناهض الحياة وتنفي إرادتها، وتعشق التعفن في الحفر، تستحضر خمائر إتلافها ومنها تعطيل العقول، وتأجيج النفوس، وضخها بأسوأ الشرور، وحثها على التوحل ببعضها، والتواصل في غيها، ليكون الجهل مرتعها، وتبديد قدراتها الجمعية سلوكها المرهونة به رغما عنها.

وفي هذه البيئة الغابية المزدحمة بالجوارح والكواسر والوحوش، تتحرك الطاقات المؤمنة برسالة الصيرورة الحضارية الكبرى، وبأن الأمة أقوى من صولات العدوان والجبروت عليها.

وما دامت فيها مشاعل لا تنطفئ، فهي حية ومتوثبة، وستنتصر على مصدات تعويقها!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم