أقلام حرة

حشاني زغيدي: ماذا يعني انتمائي للوطن؟

حشاني زغيديأجد المقال يفرض نفسه، لينصب حديثنا عن الانتماء للوطن حين تصبح المتاجرة بالوطن وبيع الذمم، وحين تصبح المتاجرة بقطع أوصال اللحمة المجتمعية ثقافة تروج، للأسف يقع في شباكها المنهزمون الذين تشوهت فهمهم، يقع في شراكها نجب صنعت في مخابر خاصة مهنتها الحاق الضر بمصالح الأوطان، يكون الضحايا أصحاب القناعات المهتزة، يقع في محبسها المتعصبون أيا كان شكلهم، هؤلاء قنابل موقوتة تزرع في جسم الأمة .

يقع الشرح حين تحيد الأفهام عن القصد، ويحل التشويش في العقول تحصل المصائب، لكن المنتمون حقا لأوطانهم يدركون القصد والهدف، يعرفون اتجاه سيرهم، يعرفون أنفسهم جيدا، يعرفون أصول قضيتهم، يعرفون العناصر القوية التي تحفظ جمعهم، وتوحد كلمتهم

يقول العلامة الإمام عبد الحميد بن باديس الأمازيغي الأصل - رائد النهضة في الجزائر- محددا عناصر الانتماء الأساسية التي تبنى على دعائمها الوطن الجزائري، ضمن العناصر في قصيدة نحفظها جميعا، وهي عناصر عاصمة للوحدة الوطنية .

شعب الجزائر مسلم *** وإلى العروبة ينتسب

من قال حاد عن أصله *** أو قال مات فقد كذب

أو رام إدماجا له *** رام المحال من الطلب

وحتى لا يحيد اتجاه بوصلة الانتماء رسمت ثورة التحرير الوطنية الأهداف الكبرى التي من أجلها قامت الثورة المجيدة الثورة التي دكت حصون المستضمر، أعلنت أهدافها واضحة للأجيال وقد اقتطفت من روض بيان أول نوفمبر هذه الكلمات كأنها بنت اليوم

{أمام هذه الوضعية التي يخشى أن يصبح علاجها مستحيلا، رأت مجموعة من الشباب المسؤولين المناضلين الواعين التي جمعت حولها أغلب العناصر التي لا تزال سليمة ومصممة، أن الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص والتأثيرات لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة والتونسيين}.

قم يخلص البيان في أهدافه الكبرى أبعاد مشروعه في صياغة المجتمع والدولة

الهدف: الاستقلال الوطني بواسطة:

1 ـ إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية.

2 ـ احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني.

وأتخيل ألا انتماء دون الاعتزاز بالانتماء للوطن والشعور بالرابطة الوطنية التي تذوب خلالها كل الفوارق، تذوب خلالها الأعراق والانتماءات، وأتخيل أنه لا انتماء في غياب الغيرة المحركة للدفاع عنه اوقات الحاجة، وأنه لا انتماء دون السعي الحثيث من بائه ورفعته ببذل الجهد والوقت، وأنه لا انتماء له والولاء لغيره، ولا انتماء للوطن والأواصر الاجتماعية تقطع بين أبناء الوطن الواحد

على الشباب ان يقرأ لرواد نهضته ليفك الألغاز والطلاسم التي يزرعها المرجفون في المدينة المبهرون بفرنسا العجوز، على الشباب إن يقرأ هذه الكلمات الفاضحة مزاعم أعداء الوطن يقول العلامة البشير الإبراهيمي: "جاءت فرنسا إلى الجزائر بالراهب "الاستعماري" لتُفسد به على المسلمين دينهم، وتفتنهم به عن عقائدهم، وتُشكِّكهم بتثليثه في توحيدهم، وتضار في ألسنتهم كلمة "الهادي" بكلمة "الفادي"… وجاءت بالمعلّم "الاستعماري" ليُفسد على أبناء المسلمين عقولهم، ويُلقي الاضطراب في أفكارهم، ويسْتَنْزِلَهم عن لغتهم وآدابهم، ويُشوِّه لهم تاريخهم، ويُقلِّل سلفهم في أعينهم، ويُزهِّدهم في دينهم ونبيّهم، ويُعلِّمهم -بعد ذلك- تعليما ناقصا: شر من الجهل. أما هذا الطبيب الاستعماري بالنسبة إلى المسلمين فكأنما جاء ليُداوي علة بعلل، ويقتل جرثومة بخلق جراثيم، ويُجرِّب معلوماته فيهم كما يُجرِّبها في الأرانب، ثم يعيش على أمراضهم التي مَكّن لها الاستعمار بالفقر والجهل" [من كتاب آثار الإمام الإبراهيمي].

وأختم مقالي بأواخر أبيات إلياذة الجزائر التي تغنى فيها مفدي بالجزائر

بلادي بلادي الأمان الأمان**أُغنّي عُلاك بأي لسان؟

جلالك تقصُر عنه اللُّغى**ويُعجزني فيك سحر البيان

إليك صلاتي وأزكى سلامي**بلادي بلادي الأمان الأمان! 

 

الأستاذ حشاني زغيدي

 

في المثقف اليوم