أقلام حرة

صادق السامرائي: الديمقراطية المحمومة!!

صادق السامرائييبدو أن ما حصل ويحصل في المنطقة له ما يشابهه في المجتمعات الأوربية، فعندما إنطلقت الثورة الفرنسية  وأسقطت الملكية ، إنتشرت روحها في الدول الأوربية الأخرى، التي تهاوت فيها الأنظمة المستبدة أمام الطاقات الجماهيرية الفوارة الملتهبة العنفوان.

وأصاب الثورة ما أصابها بسبب الأزمات الداخلية، التي عصفت بها فأردتها خاوية على عروشها.

ومع إندحارها بقيت مبادؤها، مثل حقوق الإنسان، والحكومة خادمة للمواطنين، وإقامة أنظمة دستورية تترجم القانون الذي هو السيد الأعلى في البلاد.

وبعد إنهيار الحالة في فرنسا التي إستمرت لأقل من عقدين، نهضت أنطمة الطغيان والإستبداد، التي حاولت الإلتفاف على مبادئ الثورة ، كما حصل بين روسيا وبروسيا والنمسا، التي دخلت في معاهدات لتأمين الطغيان، والإستبداد بخيارات دستورية مكشوفة.

ومع ذلك توالت الثورات في أوربا التي توجتها ثورة (1848) في فرنسا بقيام الجمهورية الفرنسية الثانية.

وبعد الحرب العالمية الأولى، إنهارت العديد من الأنظمة الطاغية، وولدت جمهوريات ذات تطلعات جديدة، لكنها إنحرفت، كما حصل في ألمانيا وروسيا وإيطاليا فيما بعد وغيرها من الدول.

فالبشرية تعودت على أنظمة الإستبداد والطغيان منذ البدايات الأولى لتأسيس الدول، وما عرفت الديمقراطية ومعانيها ومعاييرها، إلا في منتصف القرن التاسع عشر، وبدأ الحديث عن حقوق الإنسان والدستور الوطني السيادي الحر.

ومضى الإلتفاف على الإرادة الديمقراطية، كما حصل في المنطقة العربية، سفكت فيه الدماء وخربت المدن وطغى الدمار بأنواعه، وتعاظمت النزعات الفردية والحزبية والفئوية والمذهبية، وتسيّدت الطائفية والمحاصصاتية، وغيرها من أدوات الإستلاب والإنتهاب والإستعباد بإسم الديمقراطية، وما يدور في ربوع المنطقة قد حصل في أوربا، لكن الإرادة الحرة والمواصلة في التحدي والنضال، أوجدت أوربا المعاصرة، والدول الغربية التي تحترم حقوق الإنسان، وتسعى حكوماتها جاهدة لتأمين كرامته، وعيشه المتوافق مع إنسانيته وعزته، وإن المنطقة العربية ستكون كذلك في أجيالها القادمة حتما وأكيدا!!

 

د. صادق السامرائي

8\9\2021

 

 

في المثقف اليوم