أقلام حرة

صادق السامرائي: وسواس التأريخ والدين!!

صادق السامرائيالوسواس: أفكار وصور ودوافع متكررة تسيطر على الوعي.

هل أن المفكرين والفلاسفة العرب مصابون بداء الوسوسة بالتأريخ والدين؟

سؤال يطرح نفسه عندما تقرأ البحوث والدراسات والمشاريع، المنضدة في كتب مركونة على رفوف التجاهل والنسيان.

إذ يوهمون القارئ بأن العرب لوحدهم عندهم التأريخ والدين، وهما السبب في شقائهم.

أ يصح في الأفهام هذا الطرح المتكرر المتعسف، الذي يدورون في دوائره المفرغة؟

العرب مثل غيرهم من الأمم التي لديها تأريخها وأديانها، ولو أخذنا أية أمة لوجدناها متعددة الأديان والأعراق وعندها تأريخها الذي تتميز به، ولن نجد فيها مَن يتخذ منهما شماعة يعلق عليها معاناته المعاصرة.

الأمم تتحدى، وتتعلم من تأريخها وتتقيد بقيمها السلوكية النابعة من دينها، أيا كان ذلك الدين، فلا توجد أمة بلا دين أو تأريخ، مثلما يحاول أن يوهمنا المفكرون والفلاسفة العرب، بطروحاتهم ومشاريعهم، وإمعانهم في التركيز على النص القرآني وتأويلاته، والتأريخ وقراءاته، وما يتصل بهما من توجهات وينجم عنهما من تداعيات.

فلكل مفكر عربي وفيلسوف مشروعه الذي لا يرى غيره الأنجع، لتخليص الأمة من عثرات السلوك ومطبات الطريق، والأمة راقدة، وكأنهم فوق التلال ينجّمون.

إن ما يقومون به يمثل سلوكا وسواسيا مزمنا ومتوطنا في أذهانهم، بل وأصبح من المناهج التي تُدرّس في المدارس والجامعات، فلا شيئ في هذه الأمة سوى الدين والتأريخ، ولا سبب لتأخرها سواهما، فما هو الحل، إنه في إعادة قراءة التأريخ وبإعمال العقل في النص القرآني، وكأن العرب لم يعملوا عقولهم فيه، وبسبب هذا الإعمال المتعدد أصابهم ما أصابهم من الفرقة والشقاق.

إن المشكلة الحقيقية تكمن في هذا الوسواس المتفاقم في مسيرة الأجيال، ومن الواضح أن إنغلاق العقل العربي في دوائره الضيقة المتسارعة الدوران، حَجَّم قدرات الإقتراب الموضوعي والعلمي من الحالة، فأهمل العلم وما عاد يذكره، وإندحر المفكرون والفلاسفة في زوايا حادة خانقة ذات تداعيات مريرة.

فهل أفلحوا في تنوير السبل لحل أية مشكلة تواجه الأمة؟!!

إن الحل بالتوجه للعلم وإتخاذه منهجا لصناعة الحياة، وما عداه محض هراء!!

فهل لنا أن نرى بعيون العقل، فليس كل ما هو مقنع يمثل عين الصواب؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم