أقلام حرة

صادق السامرائي: السؤال الخاطئ!!

صادق السامرائيالمثقفون والمفكرون والفلاسفة العرب يجتهدون في طرح أسئلة خاطئة، وينتهون لأجوبة  متوافقة معها.

فالسؤال مهارة بحاجة لثقافة عميقة، ودراية واسعة .

ومن هذه الأسئلة: "لماذا تأخرنا"؟

لو تتبعنا أصل السؤال لوجدناه ضاريا في مسيرة العرب المعاصرة، ومتسيّدا على وعي النخبة والوعي الجمعي منذ بدايات القرن التاسع عشر، ولا يزال يعصف في أرجاء الرؤوس، التي تحمل رايات الثقافة والفكر.

وهو سؤال خاطئ، والدليل على خطئه، تراكمات الأجوبة عليه لم تقدم نافعا للأمة، وبسببه هناك مئات المشاريع الفاشلة المرفوفة، التي يدّعيها المفكرون والفلاسفة على أنها الجواب الأصوب عليه.

وما دام السؤال خاطئا، فالجواب سيكون منسجما معه!!

بينما السؤال الصحيح: "كيف نتقدم"؟

فالأمة أمام محنة التعبير عمّا فيها من الطاقات، ويتحتم عليها شق سبل تأكيدها، وهذا يتأتى بإرادة "كيف"  لا بأوهام "لماذا"!!

علينا أن نستفيق من تبعات "لماذا تأخرنا"، وما إستطعنا أن نتقدم، لأنه أشبه بتعزيز اليأس والهوان، ودفع الأجيال إلى قيعان الدونية والإنتكاب.

وتعصف الحيرة في الألباب الفطنة، المتبصرة بالواقع الإنساني، مما يدفعها  للبحث في تكرار سؤال "لماذا تأخرنا" عبر الأجيال؟

ويمكن القول من السهل على المفكرين والفلاسفة والباحثين، تبرير وتسويغ وتعزيز ما هو قائم في الواقع العربي، بدلا من العمل على تغييره، وهذا يشمل الحركات والأحزاب بأنواعا وعقائدها، فهي غارقة في مستنقعات "لماذا" وتخشى السباحة في أنهار "كيف" لأن تياراتها دافقة متواكبة، ومَن يسمّون أنفسهم نخبا في أمتنا، يدمنون على الإنسجام مع واقع يتظاهرون برفضه، وهم المشاركون بإقامته!!

فعلينا ترك سؤال "لماذا تأخرنا"، ولنجتهد بمناهج  "كيف نتقدم"، وعندها سنجد أجوبة إيجابية  ذات قيمة حضارية معاصرة، أما أجوبة "لماذا تأخرنا"، فبكائيات ورثائيات وجلد مرير للذات!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم