أقلام حرة

صادق السامرائي: المفكرون العرب ولعنة لماذا!!

صادق السامرائيإرتكب المفكرون العرب خطيئة كبرى بدورانهم في فلك "لماذا"، فمنذ أكثر من قرنين وهم يتحركون في دائرة مفرغة عنوانها "لماذا"، وما تجرأ أحدهم على الخروج منها والتفاعل مع "كيف"!!

وهذه من عجائب سلوكهم الذي ما أوصل الأمة إلى سواء السبيل، وما تعلم اللاحقون من السابقين، ولا تساءلوا عن منفعة الأجوبة على أسئلة "لماذا"!!

وتجد المكتبة العربية تزدحم بموسوعاتهم المسماة مشاريع، فلكل منهم مشروعه اللماذاوي، الذي تأكله رفوف الإهمال والنسيان ولا أثر له في الواقع.

ولا نزال حتى يومنا الحالي، نقرأ الدراسات التي تدور حول "لماذا" العقيمة البهيمة، الخالية من المتفعة العملية والإنجازية الإيجابية الدافعة نحو مستقبل أفضل.

وبموجب ذلك فقدت الدراسات والبحوث قيمتها، بل وتحقق إفراغ الإبداع من جدواه، وأصبح كل مكتوب ومنطوق مجرد كلام.

ومن غرائب سلوك المفكرين العرب أنهم يخافون التقرب من أسوار "كيف"، وكأنهم مرعوبون منها، ويتهربون من ذكرها، والإشارة إليها.

فلا توجد لديهم دراسة بعنوان "كيف نتقدم؟"، ولو جمعتم ما ألّفوه من كتب ستجدونها متمركزة حول " لماذا تأخرنا"، وأجوبتهم متشابهة ومتقاربة، وما أفادت أمة العرب، بل أوقعتها بمزيد من التأخر والإنكسار، ودفعتها نحو النكبات والإنتكاسات، حتى صار العربي لا يستطيع أن يحرك ساكنا أو يسكّن متحركا.

ويبدو أن التواصي بلماذا نوع من الهروب والإستكانة والتسويغ، لترقيد الأمة وتخميد الأجيال في مسارات اليأس والإبلاس، وإستلطاف التبعية والخنوع والإذلال، فهذا ما تتوصل إليه لماذا التي ستقول في خلاصات إجتهاداتها بأن العلة في القرون البعيدات الغابرات، وما تعانيه الأمة ناجم عن تلك القرون بأجيالها التي رسمت خارطة موتها وتمزقها.

وهذه فرية عمياء، ودعوة للفناء!!

فهل من نخب ذات بصيرة واعدة؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم