أقلام حرة

صادق السامرائي: المدن بأهلها!!

صادق السامرائيالمدينة مرآة أهلها، فكيفما يكون أهل المدينة تكون مدينتهم، ولا يمكن الفصل بين الحالتين، وهذا القانون يسري في أرجاء المعمورة، ونغفله في مجتمعاتنا، ونتجرد من المسؤولية، ونلقيها على الحكومة، وكأن إبن المدينة لا علاقة له بمدينته، ولا تقع على عاتقه رعاية ما فيها.

المطلوب تنمية الشعور بالمسؤولية تجاه المدينة، وتأكيده في الوعي الجمعي لأبنائها، وترسيخه في أذهانهم منذ الطفولة، ولا بد من مادة دراسية في المدرسة الإبتدائية والمتوسطة عن المدينة التي فيها المدرسة، لكي يعرف الناس مدينتهم وقيمتها ودورها ومسؤوليتهم تجاهها.

فنحن نعيش في مدننا ونجهلها، ونتعرف عليها بعد أن نغادرها، ونعيش في أماكن غيرها، وتجدنا نتحسر ونتألم والندم يفترسنا، لأننا عشنا فيها والجهل بها رفيقنا.

إن من أهم بواعث إطلاق الطاقات الأصيلة في الإنسان وعيه المبكر لمدينته، وتأهيله لإدراك قيمتها ودورها الحضاري والوطني والإنساني.

فعندما يعرف الإنسان قيمة مكانه سينطلق منه لتأكيد قدرات وإنجازات متوافقة مع قيمته.

ويبدو أن إغفال ثقافة المدينة من الأهداف المقصودة لإضعاف الإنتماء الوطني، وإخراج الوطن ككيان حي من الوعي الجمعي.

فلو سألت أي مواطن عن مدينته فلن يخبرك بما هو مفيد، وسيفاجأ بالسؤال، لأنه ما تعلم عن مدينته شيئا، فهو يتحرك فيها وكأنه ليس فيها، فهي مجرد مكان مجهول يقضي أيامه فيه ولا يعرفه.

التجهيل بالمدينة عاهة وطنية مرعبة، فالذي لا يعرف مدينته لا يعرف وطنه، ومن لا يعرف وطنه يعيش تائها حائرا مجردا من طاقات الصيرورة الحضارية المهمة.

وسيبقى يبحث عن مأوى نفسي وروحي له، لأنه ما إستقر وجدانيا في بقعة أرضية يعرفها.

وعليه فأن ترسيخ مبادئ وقيم ثقافة المدينة من الخطوات الوطنية المهمة، فلكي تعرف وطنك، يجب أن تعرف مدينتك.

 

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم