أقلام حرة

نرجسية الغرب ورسالة الشر

تشعر براحة أن ترى الجمال شاخص بعينه ويزدان بهاءً وحضورا، يكمن رونقه في منظره ونضارته وترتيبه وتنظيم هيكله وعظمة قواعده وبنيانه المرصوص جوهرا نفيسا متلألا. عندما تتسلم القيادة يفترض في العالم بقوته وصولته وإنجازاته وصاحب السيادة والريادة أن يكون كبيرا بقيمه ومبادئه وممارساته. على الرغم من ان القيم والأخلاق من المفترض ان تكون اسسها موحدة لدى معظم شعوب الأرض لأنها نابعة من الفطرة والشعور الإنساني الصرف، الا ان بعض الشعوب وتحت معايير جديدة وضعتها لنفسها، اصبحت تنادي بمبادئ وقيم غريبة تحت مسميات حقوق الانسان والحريات، والتي في اغلبها غير مقبولة لدى العديد من الأمم والقوميات والديانات. لذلك وتحت نفس الأسس التي وضعت بها هذه القيم الجديدة، لا بد أيضا من احترام الاخر الذي لا يؤمن بهذه القيم وعدم فرض ما تؤمن به من قيم واخلاق على غيرك من الشعوب والبلدان، أعمال ترقى إلى الفعل الحسن والسلوكيات التي تضيف تناسقا وجرسا موسيقيا وحسنا بعد حسن.

قطر سطرت جراءة غير عادية عندما عادت للجذور، لم يكن غريبا عليها أن تكون كذلك، فقد عهدناها كبيرة تتمسك بتاريخ مجيد وسجل حافل بكل ما هو ناصع وجميل الطلعة والهيئة، فهي دولة عظيمة على قدر التحدي أن تنظم مونديال فاق كل التوقعات والأوصاف وسجلات الماضي التي حفل به كأس العالم في النسخ التي خلت والسنوات التي مضت.

فقد أقيم في بلدان عديدة وتاريخ الكؤوس مليء بالمفاجآت والإمكانيات والقدرات والطاقات.

 قطر أفردت تاريخا مبهرا بأشكال من التنظيم والإعداد والإنفاق وتوفير كل ما يلزم من بنية تحتية وإمكانيات هائلة تتسع لكل الحاضرين وراحة للقادمين والزائرين، كانت أيقونة المونديال في كل شيء جمالا ورونقا وقيما ومبادئ وممارسات ترقى لفعل الدول ذات التاريخ الكبير.

فقطر علمت العالم أن المستحيل ممكنا، وأن الصعب أصبح حقيقة، والتفرد أمسى قطريا عربيا إسلاميا، عادت الجذور واختلط الماضي بالحاضر ليؤسس لمستقبل واعد وحضارة تعود ريادة وسيادة وتألقا، لينعم المجد والطمأنينة والراحة، لتعود أيام وشهور وسنوات خلت كانت الأمجاد تنساب بين العقول والأفئدة والأيدي المسلمة الزاخرة بقيم الإسلام وعدله.

أن تجرم الفعل المشين كالمشروبات الكحولية ومناصرة المثليين وتمنع ممارسة المحرمات أمام الناس وفي الملاعب، جراءة وممارسات تستحق الاحترام والتقدير، علمتنا قطر أن نحترم قيمنا ونمجدها ممارسة وتطبيقا ونفرض أنفسنا ولا ننتظر تعليمات وقواعد بالية من الغرب ونرجسيته التي قتلت الفطرة وحولته لمسخ عندما ثارت للشذوذ وقوانينه المقيتة التي تدمر الحضارات وتلغي بشرية الإنسان وفطرته السمحاء التي فطر الله الناس عليها.

دول كألمانيا وغيرها ساندت ودعمت  تاجرت بموضوع رخيص شوهت نفسها ووضعت في زوايا ضيقة و تصرفات مراهقة منحلة ومتفسخة، فقد حرمت نفسها من مشجعيها و مناصريها وداعميها و معجبي مواهبها وتاريخها الكروي الناصع بالتفوق والبطولات، خسرت وضاعت بين أقدام نرجسيتها،  قدمت نموذجا غير صحيح لا يضع أي وزن او احترام لغيرها من الشعوب والدول والديانات.

تنكروا لقطر البلد الصغير أن يفعل فعل الكبار، فكبرت قطر بما قامت به وصغر كل نرجسي ناكفها وتنكر لها وأراد إجهاض حلم وواقع سطرته بإعدادها وتحضريها، ففازت بكل أفعالها بينما تاهت المانيا في نرجسيتها وأصبحت موضع انتقاد حتى من الصحافة والشعوب الغربية، فخرجت خالية الوفاض من المونديال ومن الدور الأول، ووضعت تاريخها الكروي في مهب الريح.

اذا، فازت قطر عندما تسلحت بقيم وأخلاق رسالتها ورؤية حلمت بها فأصبحت واقعا و تاريخا مشرفا، وخسرت المانيا بسبب نرجسيتها المقيتة وعدم احترامها لقيم شريحة كبيرة من العالم، وبسبب محاولتها الظهور بمظهر المناصر لقضايا الأقليات "والمضطهدين" على الرغم من أن الفلسطيني يقتل ويضهد يوميا أمام مرئي العالم ولم نرى أي ردة فعل من المانيا وأخواتها، قمة النفاق والانفصال عن الذات.

***

بقلم د. أكرم عثمان

6/12/2022

في المثقف اليوم