أقلام حرة

زيد الحلي: بعضهم يرمون الحجارة في الماء الصافي!

لستُ ضد ابداء الآراء البناءة، التي تسهم في تعميق الرؤى السليمة في التنمية وتطوير البلد في كافة مناحيه، لكني اقف بالضد تماما من الطروحات التي تسعى الى تهديم البناء، ووضع العصي في عجلة المسارات التي تخدم المجتمع ..

لقد فوجئت مساء الاحد 25 الحالي، وانا اتابع برنامج "القرار لكم" من قناة "دجلة" بأحد ضيوف البرنامج، يتكلم بما لا يقبله عقل المتابع، ومنطق  الاقتصاد، بشأن اجراءات البنك المركزي العراقي العديدة التي اتخذها مؤخرا في وضع حد لـ "جنون" الدولار امام الدينار العراقي، وهي اجراءات استندت على اسس عملية، ومن تجربة عميقة الجذور قادها بشجاعة وثبات السيد علي العلاق محافظ البنك المركزي المتكئ على خيرة مالية واقتصادية ومصرفية عراقية وعربية ودولية .

إن للإعلام  دورا ايجابيا وسلبيا في نفس الوقت، حيث يكون ايجابيا في تنمية وعي المجتمع بالأحداث بصدق ونبل، وله دور سلبي بما يسمى " الادعاء المريض"، الذي يعمل على اثارة الشكوك والاحقاد، واظن ان حديث ذلك الضيف، كان على هذا المنحى، وإلا بماذا  نفسر تصريحه اللافت وغير المسؤول، في وقت يخوض فيه البلد حربا مع تجار العملة، وسارقي اقتصاد الوطن من ذوي النفوس العليلة، والاسواق الحالية مشرعة امام العوائل للتبضع بمناسبة عيد الاضحى المبارك بقوله: (ان اداء البنك غير محمود) و(التواطئ والسكوت) وهي كلمات بعيدة عن السياقات  المقبولة في النقاش، و اجدها تدخل في نطاق الشكوك، وتشجع على التمرد على الاجراءات  الرسمية وعلى عدم انضباط السوق الموازي، باعتبار ان البنك على خطأ ، من خلال ما ذكره نصا ان " البنك حين يبيع من نافذة العملة 200 مليون دولارا يوميا، فإن 20 مليونا تذهب الى جيوب المستفيدين، لكن لم يوضح ذلك بما يقنع المشاهد .. عجيب !

لقد نسى الضيف، المكانة العالمية التي حظي بها البنك  المركزي العراقي بعهد السيد العلاق  والي تجسدت  بقرار الاتحاد الأوروبي بإعلانه رسمياً خروج البنك المركزي العراقي من قائمة العقوبات التي يفرضها الاتحاد على المؤسسات المالية الدولية، من خلال نشرة الصحيفة الرسمية للاتحاد الأوروبي، التي أكدت فيها إلغاء العقوبات المفروضة على البنك المركزي العراقي منذ ثلاثة عقود التي كانت تنص على حظر التعامل مع مجموعة من المؤسسات المالية وغير المالية العراقية ومنها البنك المركزي العراقي.

ومعروف ان خطوة الاتحاد الاوروبي تلك، جاءت في ضوء ما حققه البنك المركزي من خطوات ملموسة في تحسين أدائه وتطبيق الأنظمة والمعايير الدولية في هذا المجال، وان الاتحاد الاوروبي، وما نعرف عنه من ثبات ودقة ومصداقية وابتعاده عن المحاباة، ما كان له اتخاذ قرار اعادة الروح لبيت المال العراقي، ممثلاً بالبنك المركزي العراقي، دون ان يكون له مجسات ومتابعات لقرارات وألية العمل المهني والاداري في البنك.

وقبلها، حصل العراق على شهادة دولية مصرفية انطلقت من باريس، حيث تم تتوج السيد علي العلاق، كأفضل محافظ بنك عربي لعام 2018. وجاء هذا التتويج في ضوء الإنجازات العديدة التي قام بها على المستوى المحلي والدولي في عدة مجالات كان من أبرزها مراقبة سعر الصرف، وغلق الفجوة  بتأن ورؤية اقتصادية مرنة، بين السعر الرسمي والسعر الموازي، بعد ان كانت تلك الفجوة متسعة بشكل هدد البلد اقتصاديا وسياسيا ، قبل عودة السيد العلاق الى قيادة البنك المركزي من جديد .

لقد تقصدتُ عدم الاشارة لأسم المتحدث في البرنامج، فالرجل ربما لديه ميل او هدف من تصريحاته، لكني اوجه كلامي الى زملائي في الاعلام، ولاسيما المرئي، ان يتوخوا الدقة في اختيار موضوعاتهم التي تدعو الى رصد صفوف المجتمع،  فوسائل الإعلام باختلاف أشكالها يفترض أن تظهر الأثر الإيجابي لخطوات البناء، حيث يعتبر المحتوى الإعلامي المرئي من أهم السبل لتقديم ثقافة إيجابية إلى المجتمع تسهم في الغاء الصورة المغلوطة، وتغيير القناعات والأحكام المسبقة المبنية على الرغبات الشخصية 

وفي النهاية اقول، لستُ مدافعاً عن  السيد العلاق، فأعماله وخطواته محط اهتمام الجميع،  غير اني اقول كمختص في الاعلام منذ ستة عقود ونيف، ان رمي الكلمات غير الموزونة  في نهر رقراق، ودسها بين ثنايا حديث في الاعلام، للإساءة  لمن بنى، بجهد وتمكن، تحت يافطة (الحرص المصطنع)  فربما لهذه اليافطة مآرب ومنغصات لا تخفى على العقول الواعية .

***

زيد الحلي

في المثقف اليوم