أقلام حرة

علي حسين: فرهود وبدرجة خاصة

للاسف البعض من المسؤولين يفترض أن العراقيين مجموعة من المصابين بداء فقدان الذاكرة، يجعلهم يرون هلاوس وحكايات على أنها حقائق. ولهذا لابد من ضبط حركتهم ومراقبة احاديثهم ومحاسبتهم عندما يصرون على ازعاج المسؤول الكبير .

كنت في هذا المكان قد حدثتكم عن كتاب بعنوان " العراقيون على طاولة التشريح " لمؤلفه الأستاذ طارق عبد الحميد الكنين، والكتاب الذي أعود إليه بين الحين والآخر أشبه بموسوعة تغوص في أحوال العراقيين وما جرى لهم، ويذكرني المؤلف بموسوعية الراحل علي الوردي عندما خرج لنا بكتابه الفريد " لمحات اجتماعية في تاريخ العراق " فالكنين يحاول مثل الوردي أن يربط بين الحكاية الاجتماعية بالظواهر السياسية التي يعج بها المجتمع العراقي في السنوات الأخيرة وهو يعترف بفضل الوردي في تحديد منهجه لقراءة الحوادث التاريخية أو المعاصرة، فيأخذنا معه في سياحة طريفة يلتقط فيها الحوادث من هنا وهناك ليقدم من خلالها عرضاً ممتعاً لكنه يحمل الكثير من الأسى لسلوك العراقيين مستعينا بآراء ومقتطفات لمجموعة من الكتّاب الذين رصدوا تحولات المجتمع العراقي. ولأنني مشغول هذه الأيام بمتابعة الشأن العراقي العام وماطرأ عليه من تحولات خطيرة فقد استهوتني لعبة الأستاذ الكنين وهو يربط الماضي بالحاضر مقدماً لنا وثائق من التاريخ تسلط الضوء على صفحات مشرقة أحياناً ومؤلمة أحياناً أخرى من تاريخ الشعب العراقي. من بين الفصول التي تمنيت أن يقرأها كل مهتم بالشأن العراقي الفصل المعنون " الفساد في العراق الحديث " حيث ينشر لنا المؤلف عدداً من الوثائق والحكايات لعل أطرفها وأبلغها ما جاء في مذكرات المرحوم توفيق السويدي من أن الملك فيصل الأول طلب مبلغاً من المال بقصد المعالجة خارج العراق، لكن الوزارة التي كان على رأسها ساسون حسقيل رفضت ذلك قائلة " إن الملك يتقاضى مخصصات ملكية كافية لجميع أموره الشخصية مما يبرر صرف المبالغ اللازمة للمعالجة الطبية من جيبه الخاص ". ومن دفاتر عبد الرزاق الحسني يستشهد بهذا الخبر الذي يقول إن توفيق السويدي نائب رئيس الوزراء أراد تعيين شقيقه عارف السويدي رئيساً لمحكمة التمييز خلفاً للقاضي الإنكليزي " بريشارد " فلم يوافق مجلس الوزراء على طلبه بسبب الشكوك التي تحوم حول استقامة شقيقه حيث خشي المجلس من الغاية التي قد يجتمع الشقيقان من أجلها.

ربما يقول البعض يارجل: تكتب عن الديمقراطية وتتحدث عن الحريات وترفع شعار اليسار وأنت تروِّج للملكية، ماذا أفعل ياسادة وأنا أتابع ما جرى في قضية بيت السيد رئيس الجمهورية، فالرجل بعد أن قرر إغلاق قناة في اليوتيوب لأحد الإعلاميين حذرنا من الاقتراب من قلاعه، وبيوته التي حصل عليها بكده واجتهاده.

***

علي حسين

في المثقف اليوم