أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (73): لا عهود لهم

شكلت عملية طوفان الأقصى بتاريخ ٧/أكتوبر/٢٠٢٣ مفاجأة صاعقة لدولة الاحتلال، حيث فتحت ثغرة في جدار الشعور الأمني لها الذي كانت تظنه محكما وصعب الاختراق. فالخسائر التي منيت بها على جميع المستويات كانت فادحة، وفوق التوقعات. لكن الأهم فقدان الروح المعنوية لجيشها وبالتالي فقدان ثقة اليهودي بدولته وجيشه. ولهذا تلجأ هذه الدولة إلى الحصول على فترة هدوء لإعادة بناء الروح المعنوية والقومية لهذا الجيش عن طريق عقد الهدن.

غير أنه ومن المعروف أن دولة الاحتلال لها تاريخ غير مشرف وطويل في الدخول في هدن عسكرية ثم خرقها. وأشهر هذه الهدن هدنة عام ١٩٤٨ التي وقعتها هذه الدولة مع الجيوش العربية. وكانت في صالحها حيث تسلحت وأعادت هيكلة عصاباتها كما قامت بخرق الهدنة حينما أقدمت على مهاجمة قرى فلسطينية ودمرتها تماما.

واليوم في حربها على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ رأينا ما حصل بعد الهدنة بين دولة الاحتلال وحركة حماس والتي بدأت بتاريخ ٢٤/نوفمبر/٢٠٢٣ وكانت تتضمن وقف لإطلاق النار لمدة أربعة أيام قابلة للتمديد. وقد تم تمديدها بالفعل لسبعة أيام تخللها إطلاق سراح الرهائن من الجانبين. إلا أنها وكعادتها خرقت هذه الهدنة بإطلاقها النار على الفلسطينيين ما أدى إلى استشهاد عدد منهم. كما رفضت إدخال المساعدات إلى شمال القطاع المنكوب. بالإضافة إلى خرقها الاتفاق الذي يخص ملف الأسرى حيث تضمن الإفراج عن الأسرى على أساس الأقدمية.

وفجر اليوم الذي انتهت به الهدنة قام الجيش بنشر خريطة لما أسماها بمناطق الإخلاء في قطاع غزة، وبدأ بشن موجات متتالية عنيفة على شمال القطاع وجنوبه ووسطه. فارتكب مئات المجازر بحق المدنيين وهذا إن دلّ على شيء فيدل على ان اليهود لا عهود لهم.

أما بالنسبة لما تبع هذه الهدنة من مفاوضات على هدنة جديدة، تمت عبر قطر ومصر حيث لعبتا دور الوسيط بين دولة الاحتلال وحركة حماس فإنها لم تنجح. وقد اتهمت دولة الاحتلال الحركة بأنها السبب في عرقلة الهدنة المزعومة.

والحقيقة التي لا لغط بها أن الحركة اشترطت وقفا شاملا للعدوان على غزة والبدء بعمليات الإغاثة والإيواء وإعادة الإعمار بضمانات دولية.

فما كان من دولة الاحتلال إلا المراوغة، فلم تعط أية ضمانات والتزامات واضحة فيما يتعلق بموضوع وقف إطلاق النار ووقف العدوان. ومن هذا المنطلق يتولد السؤال التالي, لماذا ترفض هذه الدولة مثل هذا الشرط وتتقمص دور الطيب الذي يسعى بيديه ورجليه نحو الهدنة، وتلصق عملية العرقلة لحماس؟

ولماذا يجب على حماس من وجهة نظر المحتل أن تقبل بهدنة دون ضمانات، مع أنها تقول بأنها ما زالت منفتحة على مواصلة المفاوضات؟

فهل الهدف هو شيطنة حماس أمام العالم الذي بات مدركا تماما لحقيقة هذه الدولة بعد سقوط القناع عن وجهها البشع؟

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم