أقلام حرة

علجية عيش: من يحرق المصحف كمن سَبَّ الله

الحادثة التي وقعت أمام مسجد ستوكهولم بالسويد والتي تمثلت في حرق كتاب الله (المصحف) اشعلت نار الغضب لدى مئات المسلمين واثارت جدلا كبيرا، لاسيما والحادثة تزامنت مع احتفال المسلمين بعيد الأضحى المبارك، مع إدانات عربية أعربت عنها الهيئات الدينية الرسمية، فهي تعد جريمة يعاقب عليها القانون لأنها تعدّ سلوكا متطرفا، ولا يمكن تقبلها مهما كانت الأسباب والمبررات، بعض المصادر الأوروبية ربطت العملية بالتطرف في ظل ما يحدث في الساحة من إرهاب وتحت أسماء عديدة كالإسلاموفوبيا، هذه الحادثة تعدّ اعتداءً على المقدسات وإهانة للأديان، وبالتالي ما كان على الشرطة السويدية إلا أن تمنع الذي قام بحرق كتاب الله ولا تقف موقف المتفرج، وإن كان الفاعل عربيا وقد تبرأ من دينه وأعلن إلحاده، إلا أن الظاهرة ليست بالجديدة، فقد أشارت تقارير أن هذه الجريمة سبقتها جرائم حين أقدم زعيم حزب الخط المتشدد الدانماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان على حرق نسخة من المصحف قرب السفارة التركية في ستوكهولم، مما أثار احتجاجات عربية وإسلامية، واتخذت خلالها إجراءات دعت إلى مقاطعة المنتجات السويدية.

الغريب في المسألة أن السلطات السويدية سمحت للفاعل بحرق المصحف ومنحته كل الحرية لانتهاك حرمة الأديان، والسؤال ماذا لو كان مسلما اعتدى على كنيسة من الكنائس السويدية؟، ماذا سيكون موقف السلطات السويدية؟، فالمسيحية في السويد هي الدين الرئيسي، فأغلب سكانها مسيحيون وبعضهم لادينيون، إلا أنها تعيش صراع أديان، فقد عاشت هذه المملكة حالات عنف حين قام أحد السويديين في سنة 2016 بحرق مدرسة إسلامية بدافع عنصري ديني، ووقبلها وقعت أحداث أخرى تتعلق بحرق مساجد، في السويد وعلى غرار البلدان التي لا تدين بالإسلام وترى الإسلام دين عنف وتطرف تحدث فيها كثير من الاعتداءات ضد المسلمين وانتهاك حرماتهم، وقد سبق وأن خاضت السويد حربا ضد الحجاب مثلما حدث ويحدث في فرنسا التي ما فتئت تلاحق المسلمات وبخاصة الطالبات وإجبارهن عن نزع الحجاب خاصة داخل مدارسها، ظنا منها أن لبس الحجاب تعدي عليها وكثيرا ما تضغط على أولياء المسلمات للتوقيع على وثيقة خلع الحجاب للسماح لهن بالتمدرس، هي سلوكات تشبه النازية بسبب التعصب الديني، بدلا من التعايش بين الأديان والشعوب والتسامح فيما بينهم، لاسيما والسويد كانت ولا تزال بلد مستقبِل للجالية المسلمة التي مزقتها الحروب.

وإن كان صمت الحكومة السويدية يعتبر خرقا للقوانين والمعاهدات الدولية للسلام، على الأنظمة العربية أن يكون لها رد فعل، لكن كلامٌ لابد من قوله، ماذا عن المسلمين الذين يسبون الله؟ ويعتدون على حرمة المساجد؟ فكثيرا من المسلمين يسبّون الله ومن يسب الله لا فرق بينه وبين من يحرق كتاب الله، فكم من المرات نقف على حالات كهذه، مسلمون يسبون الله في الشارع وأمام مرأى المواطنين والأمن، وينتهكون كرامة بيوت الله ويستهزئون بالقرآن دون أن يحرك المسلمون ساكنا، ومثل هذه السلوكات صدرت عنها فتاوى كثيرة، إذ اعتبرها الفقهاء وبالإجماع ناقضا من نواقض الإسلام وأن من يسبُّ الله يعتبر كافرا مرتدا عن دين الله، وقيل أنه وجب هجر كل من يسبّ الدين من المسلمين، كما يجب على الحكومة التي تقع فيها مثل هذه السلوكات أن تتخذ إجراءاتها ضد الفاعل ولا ينبغي التساهل معه، فعجبا إذن لمن يدافعون عن الإسلام ولا يطبقون تعاليمه ومبادئه، يكذبون، ويسرقون ويشهدون بالزور، يغشون في البضاعة وفي الميزان، يقذفون في المحصنات، يشربون الخمر ويأتون الموبقات ويرتكبون أبشع الجرائم في حق ابناء جلدتهم وفي حق الإنسانية، انتشر العنف وتفاقمت الجريمة في بلاد المسلمين، لم يعد المرء يمشي في أمان خشية من تعرضه للاعتداء أو السرقة، حتى الأنظمة العربية انتهكت حرمة الدين الإسلامي واعتدت على حرمة المساجد،  فأين هو الإسلام في أرض المسلمين ؟ وهل نحن مجتمع مسلم؟.

***

علجية عيش

 

في المثقف اليوم