أقلام حرة

محمد حسن الساعدي: البيت السني وخلافاته العاصفة

يبدو أن الكتل السنية باتت متورطة بخلافات عاصفة، وخصوصاً بين جبهة تقدم وتحالف العزم، وهذا بات يهدد مكانة الحلبوسي كرئيس لمجلس النواب.. وهذا  الشق تعمّق التنافس في أعقاب الانتخابات البرلمانية،  التي أجريت أواخر عام 2021، وفيها أصبح حزب التقدم أكبر حزب سني 37 مقعداً، وأظهر تفوق الحلبوسي بين السياسيين السنة على الأقل من حيث التمثيل البرلماني.

خلال تلك الانتخابات البرلمانية حاول التيار الصدري والإطار التنسيقي، كسب دعم النواب والشخصيات السياسية المستقلة داخل البيت السني، وهذا كان ضرورياً لتشكيل أكبر تحالف في البرلمان، وعلى الرغم من كون الصدر ما زال خارج العملية السياسية، إلا أن احتمالات عودته واردة من باب الانتخابات، خصوصاً ونحن مقبلون على صراع مجالس المحافظات، والتي تعد حجر أساس للانتخابات البرلمانية القادمة، ما يعني أن جميع القوى السياسية ستحاول أثبات وجودها السياسي فيها..

أنقسم البيت السني عموماً إلى كانتونات، بانت معالمها من خلال الرفض لولاية السيد الحلبوسي على مشهد المكون، فانقسم لمكونات سياسية متعددة أولها ظهور معارضة النائب ليث الدليمي، وبروز أصوات عشائرية تطالب بالتغيير، وهذا ما انعكس بالفعل من خلال المؤتمرات، التي أقيمت في الأنبار او غيرها من المدن، التي تنادي بتغيير الحلبوسي، وإعادة بعض الوجود المبعدة إلى المشهد السياسي.

من جانب أخر تحاول بعض القيادات السنية اللجوء إلى العامل الإقليمي، والذي كما يبدوا رفض أي تدخل في عملية التغيير، وعزاها إلى أن هذا الملف يعد من الملفات الداخلية، التي تنأى الدول الإقليمية والمجتمع الدولي التدخل فيه، على الأقل حاليا.. خصوصاً مع المتغيرات الإيجابية التي تحدث في المنطقة العربية، بعد التقارب الإيجابي بين السعودية وإيران، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، ما يوحي بأن الاستقرار متفق عليه بين كل الدول العربية والإسلامية الفاعلة في المشهد السياسي برمته.

كما ان هناك بعض الأصوات اتهمت الحلبوسي بالفساد المستشري والسلطوية، وقد تكثفت جهودها لمواجهة الحلبوسي خلال الأشهر القادمة، ومن المتوقع أن تتصاعد هذه المطالبات بعد أن أقر مجلس النواب ميزانية مدتها ثلاث سنوات، إذ تتحرك بعض الشخصيات والقوى السياسية، لتشكيل تحالف بعنوان "تحالف الأنبار" ويخطط لخوض انتخابات مجالس المحافظات، بالتنافس مع حزب الحلبوسي (تقدم) والتي من المتوقع أجراؤها في نهاية عام 2023.

كانت لعبت الاحتجاجات الجماهيرية جنوب العراق، أزمة ثانية في يد رئيس مجلس النواب بعد عام من ولايته، مما أدى إلى تشتيت انتباه النخب الحاكمة الشيعية، وهز الحكومة المركزية فاستفاد الحلبوسي من ضعف رؤساء الوزراء المتعاقبين، وبسط سلطته عميقاً في السلطة التنفيذية، وكان ضعف حكومة الكاظمي بالخصوص، ما أعطى الحلبوسي العنان لإحكام قبضته، على المؤسسات المحلية في الأنبار، من خلال التحكم في التعيينات في المؤسسات مثل الشرطة والمخابرات ومفوضية الانتخابات.

القوى السنية مطالبة الآن أكثر من قبل، بضرورة توحيد الموقف والخطاب، وان تتفق على توحيد للموقف السياسي، ليبقى الاختلاف داخلياً.. حاله كأي خلاف واختلاف يحدث هنا أوهناك، على أن تتعامل القوى السنية، مع الملفات العالقة بين المكونات الأخرى، على أساس التوافقات السياسية والفاصل هو الدستور العراقي النافذ.

***

محمد حسن الساعدي

في المثقف اليوم