أقلام حرة

سراب سعدي: خطوات لدمج المتسول إجتماعياً

هناك بعض الظواهر من الصعب السيطرة عليها أو التقليل منها وهي ظواهر غير حضارية وغير مقبولة من قبل جميع المجتمعات في العالم ولعل ظاهرة التسول من بين تلك الظواهر المنهكة للمجتمع، فللتسول آثار سلبية كبيرة على الفرد والمجتمع والدولة، فيعتبر التسول إهانة للنفس وضعف وذل فيجعل المجتمع منهاراً اخلاقياً وفكرياً وهو سبب رئيسي من أسباب انتشار البطالة والتقليل من هيبة الدول !، ولعل الأسباب التي أدت إلى هذه الظاهر كثيرة لكن تأتي بالدرجة الاولى ارتفاع معدلات الفقر بسبب الحروب أو غلاء الاسعار هي اساسها ..

وكما نعلم أن التسول أنواع منها التسول لحاجة فعلية ومنها التسول من غير حاجة (التسول الكاذب) ويستخدم هذا النوع اساليب ملفتة من أجل الوصول إلى مبتغاه وهو الحصول على المال باستعطاف الناس، ومن اغرب ما قد يستخدمه (المتسول الكذوب) هو التظاهر إصابته بمرض عقلي أو استخدامه لأدوات التجميل من أجل تشويه وجهه أو أي طرف من جسمه في سبيل الحصول على مآربه ! وقد تنطلي هذه الحيلة على الكثير منا والمشكلة الأكبر أن المتسول لا يتوقف عن التسول بعد اكتفاءه المادي أو أن يبحث عن عمل ما لسد حاجاته! بل يصبح هذا الفعل مرض نفسي يستمر معه مدى الحياة وربما يتوارثه اولاده واحفاده !، ومن الاماكن التي يتواجد فيها المتسولون وأكثرها شيوعاً هي الاشارة المرورية واماكن العبادة والأسواق فيُسبب الضجر والاستياء للناس المارة وخاصة ان البعض منهم يكون لجوج في الاستجداء!، يمكن تعريف التسول بصورة عامة بأنه استجداء عاطفي للحصول على حاجات مادية أو معنوية وهي ظاهر غير صحية في المجتمع وقد يستخدم فيها المتسول التذلل بكرامته أو عاهاته أو اطفال في سبيل الوصول إلى ما يريد، وبغض النظر عن صدق المتسول أو كذبه!، لكن لماذا يعتبر التسول من الظواهر الخطيرة ؟! قد يعتبر البعض أن التسول أمر بسيط أو غير مهم لكن ما يترتب على التسول من أمور تجعل منه معضلة كبيرة تنهك العالم أجمع ومن الأسباب الخطيرة للتسول أنه سبب في انتشار الفقر والبطالة فهو يجعل الفرد كسولا وغير منتجاً في مجتمعه ويعتاش على غيره، وكذلك انتشار الجرائم والسرقات وازدياد فرص تعاطي المخدرات بين المتسولين كبيرة جداً، وأيضاً يعتبر التسول سبباً في حرمان الأطفال من حقوقهم في التعليم وكذلك اصابتهم بأمراض جسدية ونفسية جراء بقائهم في الشوارع أو مبيتهم على ارصفة الطرقات، ومن الظواهر الجديدة على المجتمع هي ظاهرة التسول الالكتروني ربما يبدو المصطلح غريبا نوعا ما لكنها ظاهرة حقيقية حيث يستخدم المتسول الرسائل من أجل الاستعطاف أيضاً وانه بحاجة الى المال بشكل مُلح من أجل علاج مريض أو شراء طعام أو حليب لأطفاله ! وتكون هذه الرسائل مزعجة ومحرجة !، ومن الاجراءات الضرورية للحد من البطالة هي توفير فرص عمل مناسبة لتلك الفئة، افتتاح جمعيات خيرية، وضع قوانين صارمة للحد من التسول، توفير ضمان اجتماعي للأشخاص غير القادرين على العمل، بالإضافة إلى توفير مراكز المعالجة النفسية من اجل جعل المتسولين مؤهلين للتخلص من امراضهم النفسية وشعورهم بالنقص بشكل دائم حتى ينعم المجتمع بالحياة الكريمة للجميع.

***

سراب سعدي

في المثقف اليوم