أقلام حرة

صادق السامرائي: الدين دين والعلم علم!!

العلم نشاط عقلي، والدين  إنتماء عاطفي قلبي، ولا يمكنك أن تحاجج متدين بأدلة عقلية، لأن ما ينتمي إليه يسخره لتسويغ وتأكيد وتعزيز ما يعتقده، ولهذا يكون مفهوم المقدس، الذي لا يُمَس ولا يصح الإقتراب منه.

الذين يمزجون بين الدين والعلم، يخلطون بين حالتين متقاطعتين، وقد خاض محاولات المزج بينهما الخليفة المأمون (198 - 218) هجرية،  فانتهى به الأمر إلى إضطرابات تفاعلية ذات آليات عقلية صرفة، مما دفعه إلى التوهم بأن هذه الفرقة التي تجعل العقل إماما ومنطلقا لرؤيتها وفهمها للأمور هي الجواب القاطع على ذلك، مما أدّى إلى توريط الأمة في محنة خلق القرآن (218 - 233) هجرية.

وفي بداية القرن التاسع إنطلقت الدول الغربية بعقلها المتفاعل الفعّال، بعد أن إنتصرت على طغيان الدين وتجميده لإرادة الإبتكار والإبداع المطلق.

وفي بعض مجتمعات الأمة لا تزال الدعوات قائمة أو متوهمة بأنها بالدين لوحده ستصنع وتتقدم، ولا يوجد دليل على أن الدين يبني حضارة لوحده، فالدين يرسخ القيم والأخلاق اللازمة للحضارة التي تبنيها العقول، فحضارة الأمة في مسيرتها المعروفة، كانت منسوبة لعقول أبنائها الذين أبدعوا في ميادين العلم والمعارف المتنوعة، ولم تكن من نتاج دين بعينه.

فهل يوجد دليل على أن الدين يبني حضارة؟

الواقع البشري يؤكد أن الحضارات وليدة العقول، ولو فتشتم في أي حضارة فسيكون العقل بارزا فيها، أما الدين فلا يوجد ما يشير إلى أنه يبني حضارة.

قد يغضب يعض أبناء الأمة، وفي حسبانهم أن الدين هو الذي صنع حضارتها، وعندما يتحدثون عن الحضارة سيذكرون أسماء العلماء والفلاسفة الذين تم النيل منهم بإسم الدين، وقصصهم كثيرة وما عانوه شديد.

فالدين ربما أنار الطريق للعقول لكي تنير!!

فهل لأمة يعقلون ويتفكرون أن تتعقل؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم