أقلام حرة

ميلاد عمر: الاتحاد العام للعمال في ليبيا.. الدور المنشود

المؤكد ان هناك نقابات مهنية بعديد المواقع الانتاجية والخدمية وهذه جميعها تشكل الاتحاد العام للعمال في ليبيا ومهمتها الدفاع عن حقوق الشغيلة في كافة القطاعات ومحاولة الرفع من مستواهم المهني لأداء عملهم على اكمل وجه، كما ان الاتحاد يسعى جاهدا الى الرفع من مستوى منتسبيه المعيشي بما يتناسب مع اسعار السلع والخدمات السائدة في البلد.

في عديد البلدان ومنها دول الجوار، كان لاتحادات العمال دور فاعل في التخفيف من الاعباء عن كاهل العامل بسبب الازمات التي عادة تسببها الحكومات، بتصرفاتها غير المسئولة من خلال عدم قدرتها على ادارة موارد الدولة مهما كانت بسيطة، فما بالك بدولة كانت والى الامس القريب تغص خزينتها بعديد الاوراق النقدية المحلية والعالمية اضافة الى اطنان من الذهب، ولان من يتولون زمام الامور في البلد سواء الذين تم انتخابهم او من اتوا بإيعاز من دول اخرى ومؤسسات دولية(البنك الدولي وتوأمه الصندوق)، تهدف بالأساس الى القضاء على تلك المدخرات والعمل على ارتهان البلد حاضرا ومستقبلا لاملاءات هذه الدول وتلك المؤسسات لتصب ايرادات البلد في خزائنهم من خلال اجبار البلد على الاقتراض بأسعار فائدة، وما يستتبع ذلك من ارتفاع فاحش في اسعار السلع والخدمات، ما يجعل العامل غير قادر على الايفاء بالتزاماته نحو اسرته ما قد يجبره في البحث عن عمل اخر لسد رمقه وقد يؤدي ذلك الى عجزه عن تعليم ابنائه، فيتركون مقاعد الدراسة ويتجهون نحو العمل غير المهني، وقد يؤدي ذلك الى وقوعهم في قبضة ارباب عمل كل همهم جلب المال وبأية وسيلة،  فتحدث الانحرافات وتضيع اجيال.

عديد الشركات العامة اصابها الافلاس بسبب عدم قدرتها على توريد بعض مستلزمات التشغيل بفعل تغير سعر الصرف،  الناتج عن تعويم الدينار الليبي بنسبة تفوق 75% وبعضها لحقت بها اضرار مادية جسيمة، نتيجة الحروب العبثية لأجل السلطة وتحقيق مصالحهم الشخصية ، فاصبح العمال بلا رواتب ولأشهر عديدة وصلت لسنوات من التأخير،  ومنها على وجه الخصوص الشركات العامة في مجال النقل الجوي،  بينما يغط الاتحاد في نوم عميق وكأنما الامر لا يعنيه،  فهل يفيق من سباته ويقف الى جانب الشغيلة التي كونته وارتأت فيه سندها عند اشتداد الازمات. 

الاوضاع الاقتصادية في البلد اصبحت لا تطاق، القبضة الامنية للميليشيات التي تتقاسم السيطرة مع حكومة الوحدة الوطنية(تبادل مصالح) اصبحت هي الاخرى احد معالم العاصمة والغرب الليبي على وجه العموم، فأعمال الاختطاف ومن ثم طلب الفدية او القتل لم تنقطع، خروج العامة في مظاهرات بالميادين والساحات للتعبير عن سخطهم وعدم رضاهم اصبح محفوفا بالمخاطر،  بالكاد يسمح للبعض بحمل بعض الشعارات المعبرة في ميدان الجزائر والذي اطلق عليه ولفترة محدودة ميدان قطر؟! وهو ميدان صغير وحضور اعلامي بسيط (مجرد رفع العتب).

الانتخابات التي يعوّل عليها الكثيرون في ظل الاوضاع الراهنة لن تكون ذات جدوى، فأراذل البشر الذين يحكموننا قد يعيدون تدوير انفسهم، فالمال الانتخابي والسطو المليشياوي سيكون الفيصل.

ربما وفي ظل الاوضاع الراهنة حيث فشلت كافة المحاولات لتحسن الاوضاع الامنية والاقتصادية، فإننا نعول على الاتحاد العام لعمال ليبيا ونعتبره الجهة الوحيدة القادرة على تحريك آلاف البشر للتظاهر بمختلف الميادين والساحات وإجبار السلطات(المدنية والانكشارية) على الاستجابة لمطالب الشعب بتحسين الاوضاع المعيشية والأمنية او الرحيل، ولنا في الاتحاد العام التونسي للشغل خير دليل، لقد قارع الحكومات التونسية التي كانت قبضتها من حديد، فالزم بعضها على التراجع عن قراراتها لصالح الناس، واجبر اخرى على الرحيل.

ترى هل يفعلها الاتحاد العام للعمال (الذي يضم كافة شرائح المجتمع ولم يتهم بالجهوية او الايديولوجية) ويكون الرقم الصعب بما يمثل من زخم شعبي؟ ام انه هو الاخر يتبع السلطة؟ ام انه يخشى على نفسه غضب السلطة ومليشياتها فيركن الى المهادنة؟ اسئلة الاجابة عنها برسم قادة الاتحاد، نتمنى ان يكون عند حسن الظن، فالجماهير سئمت تواجد الوجوه المقرفة.  

***

ميلاد عمر المزوغي

في المثقف اليوم