أقلام حرة

صادق السامرائي: لا يوجد عقل مقدس!!

العقل: إدراك الأشياء على حقيقتها بالجملة، ومظهره التمييز بين الحق والباطل، الشر والخير.

مقدّس: منزّه، مُعظّم

العقل وظيفة القشرة الدماغية، والدماغ كأي أعضاء الجسم الأخرى، وإن كان سيدها، يتأثر بالحالة التي يكون فيها البدن الذي ينتمي إليه، وأي مرض يصيب الجسم يؤثر على الدماغ، ويكون ما نسميه بالعقل مصابا أيضا.

فالعقل السليم في الدماغ السليم!!

وعمل الدماغ نسبي ولا يكون مطلقا، لأنه مسجون في الجمجمة، ومرهون بالبدن الذي يحملها.

ولهذا فوق كل ذي علم عليم، والعلم درجات، لأن العقول درجات.

وما يبدو مقنعا اليوم ربما لا يكون كذلك في الغد، عندما تتراكم معارف وحقائق جديدة.

القول بالمقدس تعني إخراج المخلوق الآدمي من بشريته، وإنكار أنه سيكون طعاما للتراب، ومصيره كغيره من الناس.

فهل وجدتم ما يُكنى بالبشر المقدس أفلت من قبضة الموت؟

 ويبدو أن الكون بأسره يتعارض مع فكرة التقديس، لأن ما فيه يجري وفقا لضوابط محكمة ونواميس ملزمة، لا تستطيع الموجودات التحرر من قبضتها، فكل موجود مستعبَد، ومرهون بها.

المقدس مطلق، ولا يوجد مخلوق مطلق الكينونة، بل هو نسبي ويُرى بعيون مكانه وزمانه، إلا ما شذ وندر.

والمعروف أن في البشر نزعات للتنزيه والإرتفاع الخيالي بحالات، يُراد لها أن تمنحه شعورا بالإطمئنان من الغيب والمجهول.

وهي التي تحتم عليه أن يستحضر أوهاما وتصورات ذات معاني حسية ظنية أو إنحرافية، تكبله بطاقاتها ودواعيها فيمضي منوّما في دنياه، ويتحرر من المسؤولية  بتقديس سواه، لكي يلقي على عاتقه ما لا يطيقه ولا يهواه.

فأين المقدس بعيون العقل لا بعدسات العواطف والأضاليل؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم