أقلام حرة

نهاد الحديثي: ثقافة الناخب والاختيار الصائب

تشهد محافظاتنا العزيزة حراكا انتخابيا لآختيارالمرشحين لمجالس المحافظات، ومع ثقتـناان الانتخابات الحقيقية والناجحة هي تلك التي تسير بموجب ضوابط قانونية ومخرجات ثقافة سياسية تعد تكريسا حقيقيا لأعلى مستويات الوعي كما أنها تمثل تطبيقا لأحد أنماط حرية التعبيرعن الرأي في البلدان المتقدمة، ونحن بصراحة لا نرقى، ولا نمتلك فرصا للتنمية البشرية سياسيا واجتماعيا واننا مازلنا نتخبط احيانا بين مفهوم المواطنة والحرية والالتزام الذاتي، ونتساءل هل نجح الناخبون في اختيار ممثليهم الحقيقيين، الأقرب للتعبير عن مطالبهم وأفكارهم وتطلعاتهم وأمانيهم، الذين سيكملون فريق السلطة في مباريات النصر والإنجازات التي لا تتوقف عند زمن ولا حدود جغرافية معينة داخل الوطن الحبيب، أم أنهم سيختارون نقيضهم على طول الخط، الذين نجحوا بطريقة أو بأخرى في الحصول على أصواتهم، خداعاً والتستر وراء الحقائق قد تكون، أو بلطجة وإتاوة وإرغاماً على الخضوع

الانتخابات تكون عرساً ديمقراطياً إذا كان الناخب على درجة عالية من الوعي، يعرف الرجل الأنسب لمهمة أن يكون نائباً عنه أمام السلطة التنفيذية، يشارك في وضع القوانين، ويكون رقيباً قريباً على تنفيذ سياساتها المعلنة، وبغير ذلك فإنه يختار شخصاً كيفما كان الحال، من دون التدقيق على أهليته للمهمة الوطنية المكلف بها، وهل هو قادر على أدائها باقتدار، أم أنه ليس له باع في اللعبة السياسية والبرلمانية، وبحاجة إلى مزيد من دروس الحياة، بمعنى أنه لم ينضج بعد.. المرشح، بداية يجب أن يكون وطنياً حتى النخاع في كل شيء، له ارتباط بتراب الوطن، ويحب شعبه وقيادته المخلصة لهذا الشعب، ولديه استعدادات للبذل والعطاء والتضحية بالروح إذا طلبها الوطن في معركة مصيرية يعيشها، كانت سياسية أو بنائية سيان، فكلها معارك يخوضها الوطن من أجل أن يعيش معطاء لأبنائه، مرفوع الرأس فخوراً بهم، وهو هنا يستحق أن نلبي كل نداء له، فلا قيمة لإنسان خارج حدود وطنه، وبالانسلاخ عنه ونكران هويته.والمطلوب من الناخب أن يستنهض وطنيته، وحسه الوطني، ويختار ممثله عن معرفة مسبقة، ويكون متأكداً أنه سيكون خير ممثل له أمام الحكومة، يسعى إلى جانبها لتحقيق مصالح الوطن والشعب الواحدة التي لن تفترق في هذه الحالة إذا أحسنّا الاختيار من أجل تحقيق المصلحة العامة للناخب والمرشح ولمن لم يحالفه الحظ ويشترك في العرس الديمقراطي الكبير

نعم لا زلنا للأسف نتفاعل مع الناخب بمبادىءبعيدة عن ثقافة المواطنة والحرية، ويتبع المرشح سلوكيات مادية ضعيفة لاستغلال حاجات بشرية منتهكا بذلك رشد الناخب وثقافته وتفكيره، مغتصبا لحق شرعي من ثقافة الانتماء لهذا الوطن، وسالبا اياه حقوقه الوطنية، وبالمقابل مطلوب من الناخب الابتعاد عن التوجه الطائفي والعنصري والعشائري، ورفض(العبوديات) تحت هذه التسميات واعتماد الخلق والكفاءة والنزاهة وارادة العمل لمصالح الاخرين، وان يمتلك الناخب ثقافة الاختيار، واستخدام وعيه الحقيقي في تمييزه للمرشحين، وعلينا ان نرتقي كي نلفظ سلبيات الماضي ونحقق عيشا كريما، وان نحقق مجتمعا افضل، ونكرس مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، علينا اختيار المرشحين الاقوياء واستبعاد المرشحين الفاشلين والضعفاء، وتجنب منح الصوت لمن لا يستحقون، نريد مرشحون يفهمون القانون ويحترمونه، نريد مرشحون زادهم التقوى والانسانية كما نرفض مبدأ مقاطعة الانتخابات او عدم المساهمة فيها، فالاحتكام لثقافة التغيير هو المفتاح الصائب لغد افضل.

الوطن فوق الجميع، تماماً كما هم شهداؤه تيجان فوق الرؤوس.

***

نهاد الحديثي

في المثقف اليوم