أقلام حرة

شاكر عبد موسى: أين نحن من الذكاء الاصطناعي؟

يوما بعد يوم، تثبت الحواسيب أنها قادرة بشكل متزايد على أداء المهام التي تتطلب ذكاءً بشريًا، بدءًا من الترجمة وصولاً إلى تشخيص الأمراض، علاوة على ذلك، فإن الخوارزميات الكامنة وراء الذكاء الاصطناعي أضحت قادرة على التأثير على قراراتنا بشكل متزايد: من الأخبار التي نقرأها، مرورا بمقاطع الفيديو التي نشاهدها، وبلوغاً إلى الطريقة التي نتفاعل بها.

الذكاء الاصطناعي: هو عبارة  عن فرع من فروع علوم الكمبيوتر، يركز على إنشاء آلات يمكنها محاكاة الذكاء البشري، مما أحدث ثورة في الطريقة التي تعمل بها المؤسسات وتتفاعل مع عملائها ومنها المؤسسات المالية.

كذلك يعرف أنه: أحد مجالات علوم الحاسب، يهدف إلى إنشاء أنظمة يمكنها تنفيذ المهام التي تحتاج عادةً إلى الإدراك البشري، مثل التعلّم وصنع القرار والتطوير الذاتي، ويُشار إليه غالباً باسم “ذكاء الآلة”.

فقد مهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل التعلم الآلي، ومعالجة اللغات، وتحليلات البيانات، الطريق لتجارب عملاء أكثر تخصصية، وتعزيز اكتشاف الاحتيال، وإدارة المخاطر بكفاءة، وتبسيط العمليات التشغيلية.

ولقد عمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على تحسين أداء المؤسسات وإنتاجيتها عن طريق أتمتة العمليات أو المهام التي كانت تتطلب القوة البشرية فيما مضى، كما يمكن للذكاء الاصطناعي فهم البيانات على نطاق واسع لا يمكن لأي إنسان تحقيقه، وهذه القدرة يمكن أن تعود بمزايا كبيرة على الأعمال، فعلى سبيل المثال، تستخدم شركة Netflix التعلم الآلي لتوفير مستوى من التخصيص مما ساعد الشركة على تنمية قاعدة عملائها بأكثر من 25 بالمائة.

ولم يؤد ذلك إلى تحسين رضا العملاء فحسب، بل أدى أيضًا إلى تحسين العمليات الداخلية، مما أدى إلى توفير التكاليف وتحسين عملية صنع القرار، وعلى الأغلب ما يُشار إلى دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات المصرفية باسم "الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الخدمات أو الأعمال المصرفية". إن دمج الذكاء الاصطناعي في الأعمال المصرفية لا يؤدي فقط إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية وإشراك العملاء، بل يمكّن البنوك أيضًا من الحفاظ على قدرتها التنافسية في القطاع المصرفي والذي يعتبر قطاع سريع التطور.

فضلاً عن ما ذكر يُمثّل دمج الذكاء الاصطناعي في الأعمال المصرفية تحولًا مُلفتًا يحمل إمكانات هائلة لكل من المؤسسات المالية وعملائها، كذلك يعتمد الاستخدام الناجح للذكاء الاصطناعي في الأعمال المصرفية على قدرة الصناعة على تحقيق التوازن بين الابتكار والموثوقية، ومن خلال تعزيز ثقافة الابتكار، والاستثمار في حوكمة قوية للبيانات، يمكن للبنوك تسخير قوة الذكاء الاصطناعي لإحداث ثورة في خدماتها. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، فمن المرجح أن تصبح الخدمات المصرفية أكثر سلاسة وتخصيصًا وكفاءة، مما يبشر بعصر جديد من المشاركة المالية التي تجمع بين الخبرة البشرية والتكنولوجيا المتطورة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ، إن الذكاء الاصطناعي سيكون محور الاستثمار الرئيسي للشركة في عام / 2024، معلناً عن خطط لتعزيز الموارد الحوسبية وتوظيف المزيد من المهندسين. وأضاف زوكربيرغ، خلال إعلان أرباح الشركة في الربع الثالث من العام الحالي، أن ميتا ستستمر في إيلاء أولوية أقل للمشاريع التي لا تتعلق بالذكاء الاصطناعي.

وأوضح أن الشركة تعتزم في نهاية المطاف استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى مخصص للمستخدمين عبر تطبيقاتها، وتابع: "بالنسبة لتطبيقات موجز الأخبار، أعتقد أنه بمرور الوقت سيقوم الذكاء الاصطناعي بتوليد أو تحرير المزيد من المحتوى الذي يستهلكه الناس".

واليوم يعيش العالم في عصر تطور رهيب و سريع في مجال التكنولوجيا الحديثة، ومن أبرز هذه التكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فهو أصبح يلعب دورًا متزايد الأهمية في حياتنا اليومية وفي مختلف النواحي و المجالات. و يعد الذكاء الاصطناعي تقنية قوية ومبتكرة، لكن مع هذا التقدم السريع تنطوي عليه مخاطر وتحديات يجب أن نواجها وأن نتعامل معها بحذر بشديد.

فإحدى المخاطر الرئيسية للذكاء الاصطناعي هي تأثيره على سوق العمل والوظائف. لأنه يتوقع أن يؤدي تطور التكنولوجيا إلى تطوير آليات وروبوتات ذكية كذألك، و القادرة على أداء الأعمال البسيطة والمتكررة بشكل أفضل وأسرع من البشر، مما يتسبب في فقدان الكثير من وظائف العمل التقليدية، وبالتالي خلق مشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة، مثل ارتفاع معدلات البطالة وتفاقم الفقر.

أعتقد أن بعض مجالات التكنولوجيا تستفيد من الذكاء الاصطناعي، مثل العمل الطبي والاستخباراتي لتطبيق التعرف على الأنماط بشكل أسرع وأكثر دقة من البشر، وأرى أن هناك بعض التطبيقات السيئة مثل سلسلة منشورات الكتب التي تصيب الإنترنت، ومن الأمثلة على ذلك أنه بعد فترة وجيزة من الحرائق في هاواي، وبعد يوم واحد كانت هناك كتب للبيع على الإنترنت كتبها الذكاء الاصطناعي.

كما أن هناك أيضًا تطبيقات سيئة، مثل إعادة إنتاج الصوت والصور المصممة للتحايل على بروتوكولات الأمان، لذا يجب أن يكون هناك تنظيم للذكاء الاصطناعي يغطي مجالًا واسعًا جدًا، في حين أنه لا يكاد يوجد أي اعتراض على الإكمال الآلي للمهام الحسابية، وما إلى ذلك، يمكن أن يبدو هذا مختلفًا تمامًا بالنسبة للعمليات الأكثر تعقيدًا ومتعددة المراحل.

ففي قطاع الطيران، على سبيل المثال، تعمل القيم الجوية وأجهزة الكمبيوتر الأخرى على تخفيف  الكثير من العمل على الطيار حتى يتمكن من التركيز على المجال الجوي، ومع ذلك، فإنه من الصعب إذا كانت الإجراءات الآلية هي اتخاذ القرارات الصعبة للطيار نفسه، على سبيل المثال، تنفيذ الهبوط الاضطراري في المواقف الحرجة، هنا - على الرغم من صعوبة ذلك - يجب أن يكون لدى الطيار دائمًا الكلمة الأخيرة في معرفة جميع الظروف، لأنه لا يوجد برنامج، مهماً يمكنه التعامل معه سوى الطقس والوزن والسرعة وحالة المدرج وموثوقية رسائل البرج والبيئية وحركة المرور والخصائص المحلية الأخرى .

لكن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعمل بشكل خيالي لترجمة النصوص المكتوبة والأصوات المتنوعة وتصنيف صور القطط /الكلاب وحتى التعرف على الوجوه البشرية - وهي كلها أمثلة لا تزال فيها القرارات السابقة صحيحة.

ومن الناحية الأخلاقية، كيف سيقرر الطبيب معالجة المريض الذي يجب علاجه، عندما يكون هناك سرير واحد في وحدة العناية المركزة فحسب، على سبيل المثال؟ ستذكر الإرشادات دائمًا أن التفضيل يجب أن يكون لشخص لديه فرصة بقاء أعلى.

***

شاكر عبد موسى/ العراق/ ميسان

كاتب وأعلامي

في المثقف اليوم