أقلام حرة

احمد الحاج: حرب المستشفيات وتدمير البنيان والوجه القبيح لأمريكا والكيان!

حرب وحشية شاملة، وعملية ابادة عرقية غير مسبوقة تاريخيا تلك التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة على مرأى ومسمع من العالم كله وسط صمت دولي مريب إزاءها، وتأييد اورو- امريكي شبه مطلق لما يقوم به الكيان من جرائم نكراء مكتملة الاركان ما يجعلها شريكة رئيسة فيه بذريعة الحق بالدفاع عن النفس، مشفوعة بإرسال شحنات ودفعات لا تتوقف من الذخائر والقنابل والاسلحة دعما للكيان لممارسة المزيد من القتل، والامعان بمزيد من التدمير تمهيدا لإخلاء القطاع والتهجير وبما بات يطلق عليه اسم " النكبة الثانية " أو " التغريبة الجديدة "، حيث نزح أكثر من مليون ونصف المليون من مناطق سكناهم داخل القطاع، وهذه وزارة الاوقاف الفلسطينية تكشف عن أن عدد المساجد التي دمرت كليًا قد ارتفع إلى 66 مسجدا، مع الحاق أضرار متفاوتة بـ 136 مسجدًا، اضافة الى تدمير 7 كنائس، أما المباني السكنية فقد دمر وخرب أكثر من 262 ألف وحدة منها، زيادة على قصف عشرات المدارس وبإجمالي بلغ 278 مدرسة، وانتشال ما يقرب من 50 جثة من داخل مدرسة واحدة هي "مدرسة البراق"بعد قصف صاروخي ومدفعي مكثف طالها عمدا، أما عن المستشفيات وقد جاءها الدور بعد قطع الوقود والماء والكهرباء والغذاء والدواء عن كامل القطاع فإن أكثر من 20 مستشفى من أصل 35 قد توقفت تماماً وخرجت عن الخدمة " بحسب الصحة الفلسطينية، فيما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن " أكبر مستشفى فى قطاع غزة تعرض للقصف وأن معظم المستشفيات أصبحت الآن خارج الخدمة" كل ذلك يأتي مع ارتفاع شهداء القصف الصهيوني المتواصل بأسلحة امريكية واوربية محرمة دوليا إلى 11078 شهيدا، بينهم 4506 أطفال، و3027 امرأة، و668 مسنا، وأكثر من 27 ألف مصاب حتى كتابة السطور، والحصيلة قابلة للزيادة في كل ساعة، بالتزامن مع قصف محيط وحصار العديد من المستشفيات ومنع الدخول اليها أو الخروج منها وأبرزها الإندونيسي والرنتيسي والنصر والعودة اضافة الى الاستهداف العنيف والمتكرر لمجمع الشفاء الطبي لقتل كل من بداخله من الجرحى والمرضى والنازحين وترويعهم، وما كارثة قصف وتدمير المستشفى الاهلي المعمداني منا ببعيد وقد تسبب القصف باستشهاد واصابة المئات وفقا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش!

وفيما يتابع الشارع العربي والإسلامي البيان الختامي للقمة العربية الطارئة رقم 15، من إجمالي 62 قمة عربية تم عقدها منذ تأسيس الجامعة العربية على خلفية الاحداث في فلسطين في آذار / 1945، وقد دمجت مع القمّةً الاستثنائيّةً لمنظمة التعاون الإسلامي لتكون القمة العربية الاسلامية الاستثنائية المشتركة، والتي تأتي وفقا لبيان الخارجية السعودية "كإرادة عربية واسلامية مُشتركة تجاه ما تشهده غزة والأراضي الفلسطينية من تطورات خطيرة وغير مسبوقة ".

وها قد مر 36 يوما على الحرب الشعواء ضد قطاع غزة وهناك عدد لايحصى من النشطاء العرب وهم ينامون على فرشهم فيما يطيلون الشخير متسائلين عن " محور المقاومة ..وين ؟"، يقابلهم نشطاء ينامون بدورهم على أرائكهم ويطيلون الشخير سائلين عن " الجيوش والحكومات العربية ..وين؟"، وبعضهم يسأل عن دور الـ جامحة - العربية، وآخرون عن دور منظمة - التهاون - الإسلامي، وعن أسباب صمتهما المطبق، وبين هؤلاء وهؤلاء النائمين واللامبالين من الفريقين دمرت غزة عن بكرة أبيها، وكثيرون إلا ما رحم ربك نائم يشخر أو يجد لجبنه وخوره وتخاذله وسكوته المطبق مبررا صنعه من وحي جبنه، ومن نسج خياله، ومن بنات أفكاره، ووالله وبالله وتالله لقد اكتشفت من المتخاذلين والمثبطين بهذه الذريعة أو بتلك ما لم يخطر لي على بال يوما قط وبما فسر لي وأجاب عن اسئلة حائرة عديدة لطالما سألتها بيني وبين نفسي لتفسير الكثير من أحداث التاريخ المبهمة من قبل تدور حول "ترى كيف يتخاذل عرب ومسلمون عن نصرة اخوانهم في وقت يرتكب فيه الاعداء كل ما يحلو لهم من جرائم شنعاء بحقهم ؟ اليوم فحسب فهمت جليا كيف سقطت غرناطة ومعها الأندلس سنة 1492م وبقية العرب والمسلمين - صاموط لاموط -، وكيف سقطت بغداد مثلها على ايدي المغول سنة 1258م، وكيف سقطت القاهرة بيد نابليون سنة 1798م، وكيف سقطت مصر بيد البريطانيين سنة 1882م، وكيف احتلت فرنسا الجزائر سنة 1830 م، وكيف احتلت تونس سنة 1881م، وكيف احتلت إيطاليا ليبيا سنة 1911م، وكيف احتلت اسبانيا المغرب سنة 1912م، وكيف سقطت فلسطين بيد الجنرال إدموند اللمبي 1917م ليقول قولته الشهيرة - اليوم انتهت الحروب الصليبية -، وكيف سقطت دمشق بيد الجنرال الفرنسي جان لويس غورو، سنة 1920م ليقول مقولته الشهيرة -ها قد عدنا يا صلاح الدين - وما بعدها وما قبلها من احداث وكوارث كبرى يندى لها جبين الانسانية جمعاء، اليوم فقط تأكدت بأن كل هؤلاء إنما دخلوا الى بلادنا واستعمرها لأن المتخلفين والمتخالفين والمختلفين فيما بينهم من العرب والمسلمين يقضون كل أوقاتهم، ومعظم ساعاتهم، في لوم وتوبيخ وتثبيط والسخرية من أحدهم الاخر فقط لاغير وكل واحد منهم يظن بأنه يحتكر الحقيقة المطلقة، وبأنه الوحيد الذي يفهم اللعبة، ويعي كل ما يدور من خلف الكواليس ومن أمامها، ليجد له من المبررات ما يجعله ينام على وسادته مرتاح البال والضمير وشعاره هو " وليكن بعدي الطوفان "بل وقد تمادى بعضهم الى الحد الذي لم يكلف فيه نفسه حتى بالدعاء لإخوانه بظهر الغيب وما أسهل الدعاء وما أيسره ..لم يكلف نفسه حتى بالتظاهر السلمي وما أكثره، حتى بالاحتجاج الشعبوي وما أشده، حتى ببيت شعر ولا أقول قصيدة وهو شاعر، حتى بكتابة مقال صغير وهو كاتب، حتى بخبر - طياري - وهو صحفي، حتى بموعظة - تيك اواي - وهو واعظ، حتى بخطبة قصيرة وهو خطيب، حتى ببوست لايسمن ولا يغني من جوع وهو ناشط، حتى بكاريكاتير وهو رسام، حتى بأنشودة وهو منشد، وما دروا جميعا بأن اليوم غزة " وهي الثور الابيض " وغدا الضفة لامحالة "وهي الثور الاسود "، وبعدها كل العواصم العربية والاسلامية واحدة تلو الأخرى ولن ينفع بعدها ترديد الحكمة الشهيرة "أكلت يوم اكل الثور الابيض "، شاء ما شاء وأبى من أبى، ولات حين مندم "ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

بقي أن تعرف جانبا مما يلقى على قطاع غزة من أسلحة دمار شامل محرمة دوليا لاتفتأ الادارة الامريكية بارسالها تباعا الى ربيبتها المدللة وبالمجان وأبرزها القنابل الارتجاجية "الزلزالية" وهي قنابل تلقى من ارتفاعٍ شاهق بسرعة تساوي سرعة الصوت لتخترق سطح الأرض وتصل الى عمق يتراوح بين 20 و30 متراً قبل انفجارها لهدم المباني والأنفاق المحيطة ولتحدث أشبه ما يكون بالهزات الارضية ولذلك يطلق عليها اسم "القنابل الزلزالية"بحسب "القناة 12" العبرية .

تليها "القنابل الغبية" التي تسببت بتدمير مئات المباني في القطاع وقتل واصابة الاف المدنيين، انطلاقا من عزم دويلة الاحتلال تحويل غزة إلى هيروشيما ثانية ولكن من دون استخدام الأسلحة النووية وإن كان بعض المراقبين قد أكد استخدام الكيان المسخ قنابل "نووية موضعية صغيرة " في الحرب الاخيرة، ويرجع استخدام القنابل الغبية أميركية الصنع الى حقبة الخمسينات والحرب الكورية، ويطلق عليها أسماء عدة منها القنابل غير الموجهة، وقنابل السقوط الحر، وقنابل الجاذبية، والقنابل الحديدية وتتبع مسارا باليستيا يصعب توجيهه بـطريقة "الإسقاط الحر" ما يجعلها من أكثر القنابل إصابة لأهداف غير مقصودة، بحسب الصحفي الأمريكي، سيمور هيرش، ومنظمة "حقوق الإنسان" الدولية .

وهناك ايضا قنابل اليورانيوم المنضب المخصصة لاختراق دروع الدبابات والمصفحات وتتميز باحتوائها على نسبة ضئيلة من النظائر المشعة، وتم استخدامها أول مرة في حرب الخليج عام 1991، وكوسوفو عام 1999، وحرب العراق 2003 وتعد من أشد الملوثات البيئية وأخطرها والتي يستمر تأثيرها الكيميائي فضلا على الإشعاعي لسنين طويلة لتسبب تشوهات خلقية وارتفاع معدلات السرطان وفقا لموقع دفاع العرب، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وصحيفة "إزفيستيا".

كذلك استخدام القنابل الفراغية الحرارية " التي تسمى ايضا بـ" القنبلة الحرارية الضغطية" و" قنبلة الغبار الجوي" و" قنبلة المتفجرات الهوائية وتتألف من حاوية وقود وشحنتين متفجرتين منفصلتين، ومن أنواعها قنبلة "بي إل يو-109"، و"بي إل يو-188"و"بي إل يو-188 بي" وتعمل على اختراق الملاجئ الخرسانية قبل انفجارها بفعل توليدها ما يعرف بـ" الضغط السلبى" لتفريغ الأوكسجين من موقع الانفجار ما يمهد لتدفق الضغط الجوي من جميع الاتجاهات ليدمر الهدف وقد استخدمتها القوات الأمريكية في فيتنام، وفي أفغانستان، وبمعركة المطار في بغداد 2003 وفقا لمجلة "ذي ويكلي ستاندارد"، ومنظمة الأمن الكوني العسكرية.

ولا يختلف الحال مع قنابل الفسفور الابيض برغم حظرها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية (CWC) في عام 1997 الا أن دويلة الاحتلال تستخدمها على نطاق واسع، لغرض تدمير المعدات، وإضاءة ساحة المعركة، وقتل المدنيين وهذه قنابل تعمل على امتزاج الفسفور بالأوكسجين لينتج نارا ودخانا أبيض لإحداث حاجز دخاني كثيف أو لتحديد الأهداف وإحداث حروق مؤلمة للمصابين قد تصل إلى العظام وتخترقها في حال لم تعالج فورا، اضافة الى إلحاق أضرار بالكبد والكلى والرئتين وتسبب السرطان زيادة على تلويث البيئة وترسبها في التربة أو قاع الأنهار والبحار وقد استخدمتها أمريكا في فيتنام، والفلوجة 2004، فيما تستخدمها دولة الاحتلال لقصف قطاع غزة منذ عام 2009 وبما ينتهك القانون الدولي بحسب هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية.

أما عن القنابل العنقودية، والتي تسمى ايضا بالعشوائية وبرغم توقيع أكثر من 100 دولة على "اتفاقية حظر استخدام أو تخزين القنابل العنقودية "الا أن دولة الاحتلال تصنعها وتقصف بها قطاع غزة في كل هجماتها ولاسيما من الطائرات والمدفعية الثقيلة، والقنابل العنقودية عبارة عن حاويات ينفلق الجزء العلوي منها في الهواء لتطلق عددا كبيرا من القنابل الصغيرة التي تنتشر على مساحة تعادل ثلاثة ملاعب ونصف لكرة القدم، ينفجر 40 % منها فور ارتطامه بالأرض، لتنفجر البقية تباعا فيما يبقى عدد كبير منها كألغام أرضية ومصائد مغفلين تنفجر فور لمسها أو الارتطام بها وقد استخدمتها أمريكا في معظم حروبها، كذلك تفعل ربيبتها اسرائيل وبإفراط ومن دون تمييز في حروبها وفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر ومرصد القنابل العنقودية ومنظمة "هانديكاب انترناشونال" الاغاثية .

وختاما على الكيان الغاشم وقف العدوان فورا، وفتح المعابر لادخال المساعدات الطبية والانسانية بصورة آمنة ومستدامة من دون قيد أو شرط، والدول العربية والاسلامية قطع العلاقات مع الكيان وكل من يدعمه، وقطع النفط والغاز، وعلى الدول المطبعة " الاردن، مصر، الامارات، البحرين، السودان، تركيا " طرد السفراء الصهاينة، وغلق السفارات في بلدانها والغاء التطبيع، وعلى اميركا واوربا الكف عن دعم هذا الكيان اللقيط، وايقاف عمليات التجريف والترويع والتهجير القسري، وعلى المحاكم والمؤسسات والمنظمات الدولية في أرجاء المعمورة ادانة جرائم الكيان الصهيوني المسخ وفضحها، وتجريم قياداته الفاشيين وبالتقادم، وجرجرتهم في أروقة القضاء رغما عن أنوفهم، واجبارهم على دفع التعويضات كاملة غير منقوصة لكل من ألحقوا بهم الضرر نفسيا وجسديا وماديا ومعنوياعلى مدار 75 عاما، وايقاف بناء المستعمرات -المستوطنات - نهائيا، ولجم حاخامات صهيون عن اقتحام أروقة الأقصى المبارك، واطلاق سراح جميع المعتقلين الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الصهيونية، وأقولها بصراحة لقد حضرت عشرات المؤتمرات والندوات طيلة العشرين عاما الماضية وكان البيان الختامي لأضعفها وعلى هزالته أقوى من بيان القمة العربية -الاسلامية المشتركة.

***

احمد الحاج

في المثقف اليوم