أقلام حرة

علاء اللامي: مفردات عربية فصيحة في اللهجة العراقية اعتُبِرَت مندائية خطأً (4)

معجم المفردات/ أبوي، يعبي، أحا، إحذاي، اركن، آفة، أفيش، أكليل، أكلة، إمتنگ، إمجرش وإمحلت...إلخ. في هذا المعجم الصغير سنتابع العديد من مفردات اللهجة العراقية والتي اعتبرها مؤلف كتاب "معجم المفردات المندائية في العامية العراقية" الكاتب قيس مغشغش السعدي مفردات مندائية أو ذات جذور أو اشتقاقات مندائية، وهي في الحقيقة كلمات ذات عربية فصيحة أو جذور عربية أو هي اشتقاقات من تلك الجذور. ولتسهيل قراءة قوائم المفردات، سأكتب المفردة أولا كما تلفظ في اللهجة العراقية، ثم علامة مساواة وبعدها اللفظ في المندائية كما ذكره المؤلف بين قوسين كبيرين، ثم معناها في المندائية أو اللهجة العراقية، ثم أختم الفقرة بتعليقاتي أو استدراكاتي عليها مع التوثيق التأثيلي وحسب ترتيب ورود هذه المفردات في الكتاب المذكور:

حرف الألف

1- إبلا = (ابلا، بلا) بدون - ومثلها بليا. هذه المفردة عربية مُلَهَّجَة مكونة من لا النافية مسبوقة بحرف الجر الباء "بلا" ملفوظة بلهجة العراقيين التي تسكن الحرف الأول أحيانا فتجعل الكلمة قريبة من المهموزة "إبْلا". وتسكين أوائل الكلمات امر شائع في اللهجات العربية ومن الخطأ كتابتها مهموزة أي كتابة همزة بدلا من سكون على الحرف الأول ولكني سأنقل المفردات كما وردت في الكتاب المنقود.

- إبهات =(إباهاتا)، آباء. والمؤلف نفسه يسجل أن كلمة أب مشتركة في عموم اللغات السامية فلماذا اعتبر لفظها العامي أصلا مندائيا إذا كان عربيا؟

2- أبوي = (ابوي) أبوه – في المندائية. أبي في العربية.

* والكلمة عربية مكونة من أب وياء النسبة، وهي موجودة بهذا اللفظ في العديد من اللهجات العربية كالفلسطينية والخليجية فيما تعني في المندائية كما يقول المؤلف "أبوه" مع ضمير المفرد الغائب.

3- يعبي = (يعبي). يعتبرها مندائية تعني يملأ ويربط بينها وبين (العباءة التي يتعبأ بها الشخص)، وهذه المفردة هي فعل عربي معروف لفظا ومعنى هو "يعبئ" وربما وجد في لغات جزيرية أخرى، ويلفظها العراقيون بلا همز فالعرب عموما لا يستسيغون الهمز في كلامهم.

4- إبين =(إبيني) بينَ. يسجل المؤلف أن هذه الكلمة واردة في اللغة العربية ولكن الكلمة في العامية تستخدم لفظها المستعمل في المندائية/ص106. وهذا تخريج غير مقبول علميا، فهوية المفردات لا تُعرف بتسكين حرفها الأول بل بجميع حروفها الصائتة والصامتة الموجودة فكلمة "بين" ظرف مكان معروف في اللغة العربية؛ وهو كما قلنا يلفظ تسكين الباء ليس في العراق بل في أكثر من بلد عربي. ولو اعتمدنا هذه الطريقة في تعريف المفردات لظهر لنا أن جميع كلمات اللهجة العراقية مندائية أو أكدية وليس فيها كلمات عربية وهذا وهم وخلط خطِر.

5- أحا = (أها) آخ! وهذا مجرد صوت يفيد التوجع في العديد من اللهجات العربية، وهو أقرب الى "اسم الفعل مثل آهٍ، وصه وهيهات" ويقول المؤلف "إنه ربما بُني الاستخدام على اللفظ المندائي مناداة للأخ، ولفظه بالهاء في المندائية لأن حرف الحاء انقرضت من المندائية". وهذا تخريج لا يمكن قبوله لغويا ولا يعقل أن يصدر من شخص متخصص أو مهتم بعلوم اللغة!

6- إحذاي =(اهدي) وتعني في المندائية بجانبي وبالقرب مني. وهذه مفردة عربية فصحى هي حذاء (بجانب) مضاف إلى ياء المتكلم. وهناك أمثلة أخرى كثيرة كهذه.

7- آخ=(أخا) أكرر هنا الاستدراك السابق في المفردة 5.

8- إركن =(ركن) وتعني في المندائية افسح الطريق وتنحى جانبا. والكلمة عربية فصحى لفظا ومعنى وجذرها ركن وتعني في العربية والعراقية استقر واستند ومنه قوله "اركن سيارتك هناك" والركن أحد جوانب الشيء والمكان يستند إليه. ويقال عنها في المعاجم الفصحى: رَكُنَ الوَلَدُ: رَزُنَ، وَقُرَ، رَكَنَ، أَيْ كانَ رَزيناً وَقوراً، مالَ، سَكَنَ، اِطْمَأَنَّ إِلَيْه.

9- إعلى=(إلي) على. الاستدراك السابق في الملاحظة رقم 4.

10- آفة =(آفة) ضبع. الآفة تتعدى معنى الضبع وتطلق في اللهجة العراقية على الحيوانات والحشرات الضارة وربما أطلق على الضبع والحيوانات المفترسة مجازا. والضبع في اللهجة العراقية هو الضبع، وهناك وادٍ في بادية السماوة اسمه "وادي الضباع". ونقرأ في المعاجم: "كلمة أصلها الاسم (آفَةٌ) في صورة مفرد مؤنث وجذرها (ءوف) وجذعها (ءافة).. الآفَةُ: كلُّ ما يصيب شيئاً فيفسده، من عاهة أَو مَرَض أَو قحط.. آفة زراعيّة: مَا يُفْسِدُ الزَّرْعَ مِن دُودٍ أَوْ حَشَرَاتٍ وَغيْرِهَا. وسلم من العيوب والآفات: بَرِئَ، ولم يُصَب بأذًى ''سلِم من كارثة/ معجم المعاني"

11- أفيش = (فشش) استرخى واستراح. وهذا صوت قريب من اسم الفعل المضارع أو التنهد، وحتى في لفظه فهو بعيد عن اللفظ المندائي (فشش). وفي معجم المعاني نقرأ "فشَّ الإناء ونحوه أخرج ما فيه من هواء وماء: فشَشْتُ الكُرةَ، فشَّ خُلْقَه في فلان".

12- إكليل =(كليلا) ويسجل لمؤلف إنه قال إنها هي نفسها في اللغة العربية لفظا ومعنى، فلماذا إذن اعتبرها أصلا للكلمة في اللهجة العراقية؟ هل هذه اللهجة تابعة للغة المندائية؟ ثم يعود ويوضح أن الكلمة مكونة من "كا +ليلا" وليلا تعني الأعلى.

 13- أكلة =(أكلا) وتعني في المندائية العصا/ الهراوة ويضرب لها مثالا في العامية العراقية يقول "أكلها أكله معسلة"، ويفرق بين هذا المثال ومثال آخر يقوله إنه يختلف عنه وهو "أكلها أكلة غسل ولبس" والواقع فلا فرق بين الاستعمالين في المثالين وهي الكلمة العربية نفسها "أكلة" مصدر الفعل أكل يأكل / أكلا وأكلة، وهي بعيدة عن الكلمة المندائية "أكلا" التي تعني العصا والهراوة.

14- إلما =(إلما) حتى، إلى أن. وهذه عبارة عربية مدغمة من إلى + ما / لـ +ما" تلفظ أحيانا لما ولمن وتقال " لما وصل فلان/ ولمن وصل".

15- إلي وإلك = عند، إلى، من أجل.. واضح أنها حروف جر عربية مضافة الى ياء وكاف النسبة.

16- إللي=(إللي) الذي ... الملاحظة السابقة 15. وأحيانا تقوم أداة التعريف "أل" مقام الضمير فتختصر أو تدغم عبارة "الذي جاء " مثلا  بمفردة "إلي جاء".

17- طقس =(تكسا) ترتيب ونظام في المندائية. والكلمة عربية محدثة ومأخوذة عن لغات أخرى كما يقول المعجم الوسيط "الطقس: النظام والترتيب. وعند النصارى: نظام الخدمة الدينية أو شعائرها واحتفالاتها. وحالة الجو أو المناخ. وهي محدثة وجمعها طقوس".

18- إمتنگ =(تنگ). توتر ضيق في المندائية. والمؤلف نفسه يقول إن التنك "التنق" في العربية تعني (الإصابة بمرض ضيق التنفس)، ولكنه يجعلها مندائية رغم ذلك لأن معنها في العامية (يدل على التوتر والتضايق حد الانفعال والعصبية) فأي تخريج هذا؟!

19- إمچرش=(شرش) شرش في المندائية. والكلمة في العامية بجيم معجمة بنقطة وليست مثلثة. والصحيح انها مشتقة كاسم مفعول ذات جذر عربي هو " ج رش "/ ومنه الجريش: طحن الحب طحنا خشنا، ودقَّه دقًّا غير ناعم، طحنه ولم يُنعم طحنه". والمؤلف نفسه يضرب مثالا لاستعمالها في العراقية فيقول " جرَّش الماء أي تحول إلى ثلج غير كامل الانجماد / الدبس مجرش".

20- إمحلت =(مهلا) ملح، ملوحة، سبخة. والكلمة عربية فصيحة. نقرأ في المعجم: أمحل المكان: أجدب، انقطع عنه المطر فيبست أرضه. 2- أمحل المطر: احتبس، انقطع. 3- أمحل: أصابه المحل وانحبس عنه المطر... يتبع.

***

علاء اللامي

في المثقف اليوم