تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

مزهر جبر الساعدي: ماذا تريد امريكا من العراق؟

قبل ثلاثة اسابيع؛ مرت علينا ذكرى الغزو الأمريكي للعراق في 19 مارس 2003. غزت أمريكا العراق عن سابق تخطيط وإعداد، لا كما يقول الأمريكيون، من أنه كان خطأ. كما أنه ليس بدفع من المحافظين الجدد على أهمية موقف هؤلاء من الغزو أو الدفع للتسريع به، الحقيقة أن عملية الغزو هي جزء من مخطط كوني أمريكي، وهذا هو ما أثبتته كل الأحداث التي تلت الغزو، سواء في العراق أو في المنطقة العربية.

أمريكا بغزوها هذا لم تسقط النظام فقط، بل إنها بتصميم مسبق دمرت الدولة العراقية بصورة كاملة.. وغيرت البيئة الجغرافية له؛ باستخدام غاز (الكيمتريل)، سواء في حربها عليه عام 1991، أو في عملية الغزو التي انتهت باحتلاله، إضافة الى استخدامها لليورانيوم المستنفد. استخدامها للأسلحة المحرمة دوليا؛ هو ما يفسر التصاعد المرعب لعدد المصابين بالسرطان في العراق. والأكثر رعبا لحاضر الشعب العراقي ومستقبله، والأكثر إجراما بحقه؛ هو استخدام أمريكا لتقنية (الكيمرتيل) حتى بعد احتلالها العراق ولسنوات.. هذه التقنية أثرت في مناخ العراق. الولايات المتحدة تريد تدمير العراق ليس حاضرا فقط، بل مستقبلا أيضا فقد خططت وتخطط لتجريده من كل مقومات وأسس التطور والتنمية؛ لإخضاعه لها ولسياستها، سواء في المنطقة العربية أو على المستوى الإقليمي. هذه التقنية وبالذات على المستوى العسكري، وعلى مستوى جغرافية الأرض في أي دولة في العالم؛ ستسبب كوارث بيئية، فهي وكما يقول خبراء الشأن العسكري العلمي؛ إنها ستكون مستقبلا بديلا عن السلاح النووي، الولايات المتحدة الأمريكية، سوف تجر العالم إلى سباق تسلح بين القوى العظمى في العالم؛ أي أنها بؤرة ومركز الخطورة على كل شعوب الأرض. تقول أمريكا إنها تسعى مع الحكومة العراقية إلى تطوير العلاقات بينهما، بما فيه مصلحة الدولتين، أي نفاق وأي فرية وأي كذبة هذه التي تقول بها أمريكا؛ وهي تستخدم تلك التقنية على الأرض العراقية؛ حتى تجرده من مقومات قوته، في الزراعة والبيئة. السؤال المهم هنا ماذا تريد أمريكا من العراق؟ هل تريد له أن يكون تابعا لها إلى الأبد؟ وهل تريد له أن يستمر بالاعتماد على النفط والغاز فقط كما هو حاصل بسبب البيئة في دول الجوار العربية. الولايات المتحدة تخطط للسيطرة على العراق إلى آماد بعيدة جدا؛ عبر هذه الوسائل وغيرها الكثير مما يقع في الاتجاه ذاته. وفي مقال كتبه مؤخرا، الدكتور جاسم يونس الحريري: (في ‏28‏ يناير‏1991‏ قامت الطائرات الأمريكية بإطلاق غاز(الكيمتريل) فوق العراق، بعد تحميله بالسلالة النشيطة من الميكروب المهندس وراثيا لحساب وزارة الدفاع الأمريكية، للاستخدام في الحرب البيولوجية، وذلك بعد أن قامت واشنطن بتطعيم الجنود الأمريكيين باللقاح الواقي من هذا الميكروب قبل إرسالهم لميدان المعركة). وفي ‏محاضرة ألقاها الكولونيل تامزي هاوس أحد جنرالات الجيش الأمريكي ونشرت على شبكة معلومات القوات الجوية الأمريكية، كشف فيها أن الولايات المتحدة ستكون قادرة في عام 2025 على التحكم في طقس أي منطقة في العالم عن طريق تكنولوجيا عسكرية غير نووية، يتم إطلاقها من خزانات ملحقة بالطائرات النفاثة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تسعى لاستخدام تقنية الكيمتريل كجزء من أدواتها الرئيسية للحروب المستقبلية. مشروع (الدرع لتبريد الكرة الأرضية بالهندسة الجغرافية والمناخية)، بدأت أمريكا في استخدامه في حروبها الخاصة، الأخطر أن إسرائيل حصلت على تلك التقنية، التي تجعل الأسلحة النووية بجوارها صفرا على الشمال، وربما يكون حصولها على «الكيمتريل» وراء موافقتها على تفتيش منشآتها النووية والموافقة على جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. عالم الهندسة الجوية العراقي وخريج إحدى الجامعات الروسية البروفيسور نوري القيسي، يشير إلى حقيقة أخرى، فهو وبعد طول دراسة وبحث تأكد أن سبب تلك الظواهر البيئية الجوية في العراق، التي ميزته عن محيطه الدولي هو مادة (الكيمتريل). وكل عراقي يعرف هذه القضية، لكنه يفتقد الوعي بها، فمنذ سنوات ونحن نشاهد الطائرات المحلقة في أجواء العراق تنشر غازا أبيض بشكل كثيف فوق المناطق العراقية، وهذا الغاز يتكاثف ويتزايد حجمه، ويأتي بعده يوم مغبر حار جاف، وشتاء العراق لعام 2010 شاهد على هذا الأمر، فقد قمت بمتابعة القضية وصورت كل المرات التي حلقت بها تلك الطائرات، ونشرت سمومها ليتحول مناخ العراق إلى الجفاف والحرارة، وإلا فمن يصدق أن العراق بلد المطر (بارد ممطر شتاء) كما تقول العلوم الجغرافية، التي يدرسها العراقي منذ الأزل، يتحول إلى جاف حار شتاء، وحتى تاريخ 10/12/2010 والسماء لم تنزل قطرة مطر واحدة على العراق، ولا تزال درجة الحرارة تراوح عند 22 ـ 27 درجة مئوية) انتهى الاقتباس. أمريكا على خطأ تماما؛ إذ تتصور أن بإمكانها من خلال هذه الوسائل الإجرامية، كما في غيرها؛ أن تتحكم بمصير العراق شعبا ودولة وأرضا وسماء، إنها واهمة بالكامل؛ لأن شعب العراق لا يعرف الرضوخ والتبعية، وسيخرجها عاجلا أو آجلا من أرضه وسمائه.. لقد مرت على أديم أرضه في عصور وأحقاب مختلفة؛ سنابك خيول الغزاة، لكنها في نهاية مشوارهم الاحتلالي والإجرامي؛ خرجوا بخفي حنين من دون ان يحصلوا على ما خططوا للحصول عليه؛ من نهب واستغلال لثرواته. كما أن الشعب العراقي فيه الكثير جدا من المفكرين والباحثين عن الحقيقة؛ الذين يعرفون تماما ما تريد أمريكا من وطنهم، وفي كشف وإماطة اللثام عن كل ما تخطط وتنفذ أمريكا من جرائم. الولايات المتحدة الأمريكية، بسياساتها هذه؛ تسحب كل العالم للدخول مجبرا إلى أتون نيران جديدة؛ تسلب منه الأمن والاستقرار والسلام، سواء حاليا كما هو جار، أو في المستقبل المنظور والمتوسط والبعيد؛ بفتحها مجالات جديدة بالإضافة إلى القديمة؛ لسباق تسلح جديد بين القوى العظمى في العالم. الأمريكيون أكثر من اي دولة عظمى؛ تتحدث عن حقوق الإنسان وعن السلام والتنمية والاستقرار في العالم، بينما الحقيقة هي عكس هذا تماما. القوى العظمى وليس أمريكا وحدها؛ كل همها هو بقاؤها كدول عظمى، وبما يكفل لها البقاء متسيدة على العالم، وتمسك بكل مفاتيح التحكم فيه. أمريكا بفعل إمكانياتها وقدراتها؛ تدفع الدول الكبرى إلى سباق تسلح يختلف مع اختلاف العصر، كما حصل في الحرب الباردة، وكما هو حاصل فعليا في الوقت الحاضر. جل الشعوب ودول العالم، هما الضحية لهذه التطورات وآفاق هذه التطورات في جانبها العسكري، وحتى في الجغرافية لجهة تحولها طبقا للمصلحة الأمريكية. ماذا تريد أمريكا من العالم؟ إنها تريد أن تتحكم في مصيره لصالح شركاتها، التي هي في التحليل النهائي؛ الإدارة الأمريكية وهي أيضا البرلمان ومجلس الشيوخ ومؤسسات الدراسات الاستراتيجية؛ أي أن الشركات الأمريكية هي أمريكا دولة ونظام حكم وخططا طموحة، وقد سعت وتسعى لإقامة ما يشبه حكومة عالمية تحكم الكرة الأرضية. السياسة الأمريكية هذه؛ كان من نتيجتها تراجعها كقوة عظمى في الاقتصاد، وانحسار قوتها وهيمنتها في الكثير من الأمكنة في العالم. وهي في الطريق، لأن تفقد الكثير والكثير جدا، من قوتها ونفوذها، بالإضافة إلى الداخل الأمريكي القلق والمضطرب. لكنها حتى هذه اللحظة لم تتراجع قيد شعرة عن طموحاتها في التحكم بمصير العالم؛ دولا وشعوبا. السياسة الأمريكية هذه؛ تصدت لها القوى العظمى والكبرى في العالم ليس لمصلحة العالم، بل لمصلحتها في إطار التنافس على الهيمنة والسيادة والنفوذ والاستغلال، بطريقة أخف كثيرا، بل للحقيقة تختلف كليا عن الاستغلال الأمريكي لنفوذها في دول وشعوب بعينها.. ما يحدث في العراق من مخطط أمريكي؛ لاستدامة احتلالها له بطرق ظاهرة وطرق أخرى خفية، وفي الحرب الروسية الأمريكية على الأرض الأوكرانية، وفي آسيا الوسطى وفي بحر الصين الجنوبي، وفي غزة وما يجري فيها أو ما تقوم إسرائيل فيها من مذابح وإبادة جماعية؛ لا يخرج عن هذا الصراع، بل هو قلب هذا الصراع؛ الذي سوف يغير شكل وصورة المنطقة العربية وجوارها والعالم..

***

مزهر جبر الساعدي

 

في المثقف اليوم