روافد أدبية
لماذا تكتب..
وهو يسلمها نسخة من مخطوط مجموعته القصصية الجديدة؛ سألته سكرتيرة المطبعة بعدما تصفحت أوراق المخطوط بنظرة شاملة، تروم من خلالها معرفة عدد الصفحات إجمالا.
- أستاذ هل تسمح لي أن أسألك سؤالا؟
- تفضلي.
- لماذا تكتب؟
- سؤال كبير؛ والإجابة عنه تختلف من كاتب لآخر، لكن لا بأس من أن أدلي بدلوي لأجيب عنه؛ وأرجو أن أوفق في ذلك، ببساطة فأنا أكتب لأساهم في اقتصاد البلاد فقط.
- تساهم في اقتصاد البلاد بالكتابة ههه..
- لم تضحكين؟
- لأنك بجوابك هذا، تذكرني بعبارة إشهارية قديمة على صفحة علبة عود الثقاب وجدتها مؤخرا بين التحف النادرة التي يحتفظ بها أبي في دولابه إلى جانب ساعته اليدوية دوغما.
- أجل؛ بالكتابة سأحرك من جانبي عجلة التنمية في هذا البلد.
- لو تفضلت بشيء من التفصيل..
- ما علينا سأشرح لك هذا..
- شكرا أستاذ.
- عندما أطبع الكتاب، سأوزعه على المكتبات أليس كذلك؟
- طبعا طبعا.
- طيب؛ آنستي تذهبين إلى المكتبة؟
- مسألة مفروغ منها.
- جميل.
- الله يجمل أيامك.
- العفو؛ عندما يسرق نظرك عنوان كتاب من المحتمل أنك ستقتنيه، أليس كذلك؟
- طبعا طبعا سأشتريه.
- جميل؛ وعندما تأخذينه ستقرئينه أليس كذلك آنستي؟
- طبعا طبعا سأقرؤه.
- حسنا؛ من هنا سيبدأ دوري في المساهمة في اقتصاد البلاد،وستكونين أنت ومجموعة من الأشخاص ضمن هذا المشروع..
- طبعا طبعا..لكن هلا شرحت لي كيف؟
- طبعا طبعا..لكن ليس قبل أن تصحبيني إلى السيد غارسيا ماركيز لننتزع منه جوابا على سؤالك هذا، مارأيك؟
- طبعا طبعا؛ أوافقك الرأي..
- هيا بنا؛ لعله يكون الآن قد استفاق من قيلولته، فهو يقيل كل يوم تحت شجرتي التوت العملاقتين الوارفتي الظلال على سريره الهزاز..
- سرير هزاز!
- طبعا طبعا لا؛ لنقل سرير أرجوحة.
- أرجوحة!
- طبعا طبعا لا؛ لنقل قطعة قماش مشدودة من طرفيها إلى جذعي شجرتين، هل فهمت؟
- طبعا طبعا لا..
- لا!
- بل نعم.
- ها قد وصلنا إنه مستيقظ ومستغرق في القراءة، يمكنك أن تسأليه بنفسك..
- طبعا طبعا سأسأله بنفسي، لكن أخشى أن أزعجه وهو مستغرق في القراءة..
- لا عليك؛ ليس الحال كما لو كان منهمكا في الكتابة.
- عمت مساء سيدي.
- مرحبا؛ تفضلا هل من خدمة؟
- أريد فقط أن أعرف لماذا تكتب؟
- أكتب لكي أنال المزيد من حب أصدقائي.
***
أحمد بلقاسم - المغرب
بركان، يونيو 2017 .