صحيفة المثقف
نحو بناء استراتيجيات تنموية للاقتصاد العراقي.. افكار وتوتصيات (1-ق2)
اعتمدت الدولة العراقية خلال العقود الخمس السابقة على اسلوب التخطيط والتنفيذ الشمولي فالحكومة هي الجهة الاساسية والمركزية للتخطيط والتنفيذ لعملية التنمية بكل جوانبها بالاشتراك مع القطاع الخاص، بموجب ذلك تم تنمية القطاع العام بشكل كبير جدا، واصبح دور القطاع الخاص في عملية التنمية كونه ملحق لدور القطاع العام تحدد مجاله في المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
فالدولة هي الجهة المخططة والمنفذة لعملية التنمية الاقتصادية بشكل مركزي ضمن مشاريع الخطط الخمسية المعروفة، التقييم العلمي لهذه الخطط هو الفشل من حيث الجدوى الاقتصادية ومن حيث سوء الادارة والتنظيم، يتم وضع وتنفيذ هذه الخطط في الغالب لخدمة اهداف سياسية ودعائية، لذلك لم تحقق هذه الخطط زيادة مهمة في الناتج الاجمالي للدخل القومي، ولم تستطع احدث تغيير مهم في هيكلية وحجم الانشطة المكونة للناتج القومي وبقي الاقتصاد العراقي ريعي احادي الجانب يعتمد بشكل كبير على تصدير النفط الى الخارج بدرجة شديدة.
بعد عملية تغيير القيادة العراقية، لم تتمكن القيادات الجديدة المتعاقبة على وضع خطط استراتيجية لتحقيق تنمية الاقتصاد العراقي لاسباب سبق الاشارة اليها سابقا، ولم تستطع تكوين افكار واضحة لطبيعة النموذج التنموي الواجب اعتماده وتطبيقه لعملية التنمية الاقتثادية، ضمن هذا السياق ظهرت اصوات واتجاهات تنادي بتطبيق مفاهيم ونظريات اقتصاد السوق التي حقق تطبيقاتها نتائج ناجحة في الدول الصناعية المتقدمة كنموذج تنموي مقترح يمكن ان يحقق نتائج مفيدة للاقتصاد العراقي.
ازاء ذلك فاننا نقدم افكار وتوصيات توضح معالم النموذج المقترح تطبيقه، يتم على اساسه تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة للمجتمع العراقي.
النموذج التنموي المقترح:
ازاء ماسبق نثبت النقاط التالية :
– ضرورة التخلي عن طريقة التخطيط الشمولي الحكومي للانشطة الاقتصادية، واعتماد بدلا عنها طريقة التخطيط الوظيفي للاهداف واعتماد مفاهيم التخطيط المركزي والتنفيذ اللامركزي لها بعد توفير الظروف والامكانات الازمة لها.
- الاستفادة من مزايا تطبيق مفاهيم نظرية اقتصاد السوق، وهذا لا يعني اعتماد طريقة النقل الحرفي لافكارها وتفاصيل تطبيقاتها، بل يجب التوصل الى الفهم الموضوعي لافكارها ومفاهيمها وتطويرها لتكون منسجمة مع ظروف العراق الحالية واختيار افضل الوسائل لتطبيقها، وعدم تنفيذ برامجها طبقا للفهم السياسي لمفاهيمها وافكارها.
معالم النموذج التنموي المقترح:
يعتمد معالم النموذج المقترح على ثلاث ركائز اساسية هي كمايلي :
أ – الركيزة الاولى:
اعتبار الدولة الجهة المنشطة والمحفزة للعملية التنموية في البلد، بموجبها تقوم الدولة بدور(المشارك والمحفز للعمليات والانشطة الاقتصادية)، اضافة لدورها التقليدي المتمثل بدور الرقيب والمحافظ على حصول الموازنات العامة للانشطة الاقتصادية والمالية الوطنية، وفي مراقبة طريقة الاداء العام للانشطة والفعاليات ومراقبة نوعية الانتاج السلعي والخدمي للحفاظ على المصالح الاقتصادية العليا ومصالح المواطنين.
يتحقيق دور الدولة كشريك ومحفز للعملية الاقتصادية من خلال قيامها بالاعمال والبرامج التالية :
1) - المشاركة (من خلال مشاركة الدولة في عملية الاستثمار بصورة مباشر اوغير مباشر بالتعاون مع المستثمر المحلي والاجنبي في اقامة المشاريع التنموية.
الغرض من هذه المشاركة تشجيع المستثمرين على الاستثمار في المجالات التي تتوفر فيها الجدوى الاقتصادية والتي تتطلب استثمارات ضخمة والتي يتطلب تنفيذها وجود عنصر مخاطرة عالي، تدخل الدولة في هذه الاحوال باعتبارها احد المستثمرين (وليست بديلا عنهم)، وتختلف نسبة المشاركة حسب الظروف المحيطة بالاستثمار، ويتم طرح باقي الاسهم في اسواق البورصة لمشاركة الاخرين في الاستثمار، تحقق هذه العملية تفعيل الانشطة المراد تنميتها، وتنشيط العمل في البورصة الوطنية، حيث يتم من خلالها توجيه مدخرات الافراد نحو الاستثمار الراسمالي، تحقق هذه الاستراتيجية جملة فوائد واغراض.
بموجب هذه الحركة الاستثمارية سيتم تشجيع الافراد على ادخار قسم من ايرادهم بدلا من استخدامه كاملا في المجال الاستهلاكي وتوجيها نحو الاستثمار بشكل مباشر او عن طرق اسواق البورصة او المؤسسات المصرفية.
من جملة الفوائد المتحققة من ذلك تخفيض المعدل المرتفع لمؤشر الميل الاستهلاكي لدى الفرد العراقي سوف يعقبه حصول تخفيض واضح في مستويات التضخم المالي والاقتصادي في البلد بسبب الانخفاض الحاصل في حجم الاستهلاك العام.
ان ظروف العراق الحالية تتطلب اعتماد هذه السياسة لتنفيذ مشاريع تنموية تعتمد طريقة الانتاج الكبير بغرض الاستفادة المزايا الاقتصادية العديدة الناتجة من تطبيق هذا الاسلوب في الانتاج ان هذا النوع من الاستثمار التي يتطلب تنفيذه تخصيص اموال كبيرة يرتفع فيها عنصر المخاطرة، ان تحقيق ذلك لا يمكن تنفيذه حاليا القطاع الخاص المحلي او الاجنبي بمفرده، لذلك يصبح من الضروري ان تتدخل الدولة كاحد المستثمرين الاساسيين لتشجيع الاخرين في الدخول في عمليات استثمارية من هذا القبيل، على ان يتم لاحقا خصصة حصة الدولة في هذه الاستثمارات عن طريق عرض بيع حصتها في سوق البورصة المحلية او العالمية حسب ظروف الشركة المراد تخصيص اسهمها في السوق وحسب الظروف الاقتصادية والمالية العامة للبلد.
يتم ادارة هذه المشاريع وفق اسلوب اداري متطور يتم بموجبه ممارسة الوظائف الادارية بصورة علمية منسجمة مع مفاهيم اقتصاد السوق، وعدم اعتماد الصيغ الحكومية البيروقراطية في ادارة اعمال هذه المشاريع.
(ان تغطية هذا الموضوع يتطلب تفاصيل واسعة من الناحية التنظيرية والتطبيقية، لا يمكن تغطيتها في هذه الدراسة المختصرة)
2) - التحفيز: (يتم من خلال اعتماد سياسات مالية واعتماد برامج عمل تتضمن جملة من المحفزات والتسهيلات المالية والضريبية لتنشيط مجمل النشاط الاقتصادي او تنشيط احد قطاعاته الانتاجية السلعية والخدمية، ولتحقيق نفس الاهداف سابقة الذكر.
يتم تنفيذ ذلك من خلال التشريع او باعتماد سياسات مالية معينة تؤدي الى تنشيط قطاع معين، تملك الدولة وسائل متعددة ومتنوعة بهذا الخصوص.
تتحدد مدى قوة وفاعلية وسائلها على قوة مؤسساتها وعلى قدرتها على تطوير الياتها وعلى نوعية انظمة العمل المطبقة، يتم ذلك وفق معايير وشروط معينة وخلال فترة محددة.
نورد امثلة معينة للوسائل التي يمكن ان تستخدمها الدولة لهذا الغرض (حجم الانفاق الحكومي، سياسة الائتمان وسعر الفائدة والاجراءات المتخذة لتشجيع الافراد على الادخار، اومن خلال اعتماد سياسة مالية تكون منسجمة مع هذا التوجه وتفعيل ودعم النشاط المصرفي وتطوير الياته ووسائلة طبقا للمعايير المعتمدة لدى المصارف العالمية من خلال تطوير انشطته الوظيفية في مجال الادخار وفي توجيها نحو المجالات الاستثمارية في قطاع انتاجي معين).
ب – الركيزة الثانية :
اجراء اصلاحات هيكلية للانشطة الاقتصادية المحلية وتنميتها :
يجب اجراء اصلاحات جوهرية في هيكلية الاقتصاد العراقي، يتم تنفيذ هذه الاصلاحات قبل عملية جذب الاستثمارات الخارجية للمشاركة في عملية التنمية، ان وجود قطاعات انتاجية وخدمية نشيطة ونامية وقاعدة انتاجية متينة تعتبر من الاولويات الاساسية قبل ان يتم جذب الاستثمارات الخارجية، ان الاستثمارات الاجنبية لا تتشجع بالمجيء عند وجود قاعدة انتاجية ضعيفة اي عدم وجود مقومات اقتصادية متينة، تقوم الشركات الكبيرة بدراسة مستوى وحالة القاعدة الانتاجية في البلد قبل مجيئها على ضوءها تحدد حساب تكاليف مساهمتها، كما وان دخول هذه الشركات دون ان يتم ترتيب القاعدة الانتاجية سيفقد الانشطة الاقتصادية الوطنية من الترابط والتكامل بينها، وسيجعل من الشركات الاجنبية تقوم بمارسة انشطتها بصورة شبه منعزلة عن الانشطة الوطنية اوغير متداخل مع الانشطة الداخلية وسيفقد القطاعات الاقتصادية الوطنية من امكانية النمو الموازية لحركة الاستثمارات الخارجية، كما وتقلل من درجة الاستفادة في توطين الخبرات والتقنيات القادمة مع الشركات الاجنبية.
سنبين لاحقا تفاصيل اجراء هذا الاصلاح.
ج- الركيزة الثالثة :
اجراء الاصلاحات الوظيفية والهيكلية للادارات والمؤسسات الحكومية :
وهي تمثل الركن الثاني قبل جراء التنمية المنشودة، وهي عملية ضرورية لها الاولية قبل كل شيء، ان هذه المؤسسات تمثل الاداة الاساسية للتنفيذ فلا يمكن اجراء اي تنمية قبل اصلاح هذه الالية، سنبين لاحقا تفاصيل هذا الموضوع.
((فالنموذج التنموي المقترح يعتمد على ثلاثة اركان اساسية هي (قيام الدولة بمهمة تحفيز الانشطة الاقتصادية وعلى قيامها بتهيئة البيئة والمناخ المناسب لاجراء عملية التنمية من خلال اجراء الاصلاحات الهيكلية والوظيفية للانشطة الاقتصادية وللمؤسسات الدولة العراقية، بعد ذلك يعمل على جذب الاستثمارات الخارجية، من الممكن ان تحقيق وتنفيذ هذه الخطوات بشكل متوازي اي لايتم الانتظار للانتهاء من مرحلة للبدء بالمرحلة اللاحقة بل يجري الاهتمام بهما بشكل متوازي)).
3 – هيكلية تنفيذ المشاريع الاستثمارية:
خلال العقود الخمس الاخيرة كان مجلس التخطيط الاعلى ووزارة التخطيط الجهات المركزية المسؤولة عن عملية التخطيط التنموية الشاملة لجميع الانشطة الاقتصادية، وخلال الحكم الملكي كانت الجهة المسؤولة عن عملية التنمية هو مجلس الاعمار، لا نريد ان الدخول في تفاصيل الانشطة التي جرى تنميتها وطريقة تنفيذ الخطط ومستوى الانجاز لها، ولكن على العموم كان التخطيط يعتمد بشكل اساسي على مفاهيم التخطيط الشمولي، ولم يكن التخطيط والتنفيذ ضمن المستوى اللائق لذا فان نتائج تنفيذ تلك الخطط كانت متدنية جدا واعتمد في تنفيذها في الغالب لدواعي وابعاد سياسية وايدولوجية ولم تراعى فيها دراسات الجدوى الاقتصادية ذات الطابع العلمي المحايد.
بعد عملية التغيير السياسي واقرار الدستور الدائم في العراق الجديد تمتعت بموجبه الاقاليم والمحافظات العراقية سلطات واسعة شملت مجالات الاستثمار والتنمية، مع ان العلاقة بين المركز والوحدات الادارية غير واضحة المعالم من ناحية التفاصيل يلاحظ على العموم تمتع هذه الوحدات بصلاحيات واسعة في جانب التخطيط والانفاق، سنركز ملاحظاتنا على الجانب الوظيفي اي مايتعلق بموضوع التنمية ونترك العوامل والمبررات السياسية خارج النقاش، ازاء ذلك نقترح بان يتم تنظيم وتوضيح هذه العلاقة بشكل اوسع من خلال التعديلات الدستورية واذا تعذر ذلك يتم من خلال اصدار تشريعات قانونية او انظمة تتضمن تعليمات توضح هذه العلاقة وضرورة ان تتضمن التعديلات الاشارة بشكل واضح الى وجود جهة مركزية في العاصمة تتكفل بمهمة التخطيط والمتابعة لمشاريع التنمية في العراق لمختلف الانشطة، اي يجب ان يكون لهذه الجهه المركزية الصلاحيات التي تمكنها من وضع وتنسيق السياسات الاستيراتيجية الخاصة بعملية التنمية الاقتصادية لعموم العراق وفي متابعة تنفيذها، لضمان تحقيق التنسيق السليم في تخطيط وتنفيذ المشاريع ولكون الخبرات والامكانيات المعلوماتية متركزة في المركز، علما ان اغلب دول العالم المتقدمة اتخذت خطوات واسعة في تكوين تشكيلات اقتصادية معينة بغرض تنسيق وتوحيد جهودها وسياساتها الاستراتيجية بخصوص موضوع التنمية فكيف بالبلد الواحد الذي هو بأمس الحاجة لتنسيق وتوظيب هذه الجهود لتوظيفها في مشاريع تنموية ناجحة.
اما من ناحية التنفيذ فلابأس اعطاء صلاحيات معينة للاقاليم والمحافظات العراقية،
وهذا يشمل المشاريع الاستراتيجية الخاصة بعملية التنمية اما المشاريع العمرانية فمن الممكن اعطاءها مرونة اكبر للحكومات المحلية في مراحل التخطيط والمتابعة والتنفيذ.
ان مفهوم التخطيط المركزي الوارد في هذا المقترح يختلف عن مفهوم التخطيط الشمولي من نواحي عديدة، بالخصوص من ناحية تحديد ابعاده ومفاهيمه الفلسفية ومن ناحية تحديد الاطراف الاساسية المكونة لقوى السوق والمساهمة في حركة انشطة الاقتصاد العراقي.
(للباحث افكار في طور الاعداد لبلورة نظرية تسمى (ادارة السوق) تتضمن مفاهيم يتم بموجبها ادارة الانشطة الاقتصادية للدول النامية، يمثل مفهوم دور الدولة كجهة محفزة لهذه الانشطة احد معالمها الاساسية).
مقترح هيكلية هيئة الاستثمار العليا:
نقترح تعزيز صلاحيات الهيئة العليا للاستثمار الحالية وتوسيع هيكلها التنظيمي لتشمل اضافة لكادرها الطبيعي تنسيب اعضاء للعمل فيها من الوزارات التالية على مستوى وكيل وزارة مختص بموضوع التنمية وهم (التخطيط، المالية، التجارة، الصناعة، الزراعة، الري، الاشغال، النقل، البنك المركزي)، ومن الجهات التالية (مندوب من اتحاد الصناعات، الجمعيات الفلاحية، نقابات العمال، غرف التجارة العراقية وممثلين من رجال الاعمال)
يرأس هذه الهيئة احد نواب رئيس الوزراء المسؤول عن عملية التنمية، تقوم الهيئة بوضع السياسات الاستراتيجية المتعلقة بعملية التنمية الاقتصادية لمشاريع الدولة والقطاع الخاص واقتراح الاليات المناسبة لتنفيذها، تقوم الهيئة العليا بتشكيل خلايا عمل على شكل هيئة فرعية تختص كلا منها بنوع معين من النشاط، وتضع الهيئة الفرعية بالتنسيق مع الوزارة المختصة خطة عمل محددة لتنفيذ الاهداف التي تسعى لتنفيذها، وتعمل كل هيئة فرعية بمراقبة الاجهزة المختصة في الوزارة والجهات المتعاقد معها لمتابعة مراحل تنفيذ المهام الموكلة اليها، وعليها رفع تقارير دورية الى رئاسة الهيئة لتبيان مراحل التنفيذ واهم المشاكل التي تعترض العمل لايجاد الحلول المناسبة لها، وعن طريقها يتمكن مجلس الوزراء متابعة مستويات التخطيط والتنفيذ منسوبا لجهة مسؤولة ومختصة،
تقوم الهيئة العليا بتنظيم العلاقة الوظيفية مع مجالس الاستثمار في المحافظات والاقاليم بما يحقق الانسجام في التخطيط والتنفيذ بينهما، وبالاستفادة من مزايا التخصص واللامركزية في التخطيط والتنفيذ بنفس الوقت.
الهيكيل التنظيمي المقترح للهيئة العليا للاستثمار:
مجلس الوزراء
نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية – -
اعضاء متفرغين مختصين بعملية التنمية
(التخطيط) – (المالية) – (التجارة) – (الصناعة) – (الزراعة) – (الري) – (النقل) – (الاشغال)
(مندوبين من البنك المركزي، اتحاد الصناعات، الفلاحين، النقابات العمالية، غرف التجارة، ممثلين من رجال الاعمال)
الهيئات :
(هيئة العلاقات التنسيق الوظيفي) - (هيئة الزراعة) – (هيئة الصناعات التحويلية) – (هيئة الموازنة المائية) – (هيئة الكهرباء) – (هيئة التنسيق مع مجالس المحافظات والاقاليم)..... الخ.
تقوم الهيئة بتنظيم هيكلها التنظيمي الداخلي طبقا لطبيعة الاهداف التي تتبناها.
عمل الهيئة :
اصدرت الحكومة العراقية قانون متطور للاستثمار في العراق هو القانون رقم (13) لسنة 2006 بغرض تحقيق المهمات المكلفة بها، يمكن تحديد اهم الاهداف التي يمكن تحقيقها من خلال هذا القانون بما يلي :
(1) - جذب الاموال المحلية والاجنبية بغرض استثمارها في مشاريع استثمارية مفيدة للاقتصاد العراقي، واستبعاد المشاريع غير ذات نفع والتي لا تساهم بشكل حقيقي حصول زيادة في الناتج القومي الاجمالي.
(2) – نقل الخبرات والتقنيات الفنية والادارية من قبل الشركات المنفذة للمشاريع في العراق، وعلى الهيئة اتباع مختلف الاليات والوسائل لتوطين هذه التقنيات وتطويرها طبقا لمصالح وظروف البلد ضمن عقود التنفيذ او بطرق اخرى تبدعها.
(3) – اختيار المشاريع التي يتم بموجبها تحقيق تكامل النشاط والتي لها علاقة بتنشيط حركة القطاعات الاقتصادية المختلفة اي ان يتم اختيار المشاريع وفق خطة يتكامل بموجبها النشاط المراد تنميته، لجعل الانشطة الاقتصادية متصلة ومتكاملة مع بعضها.
ويجب اعتماد مبدأ الانتاج الكبير قدر الامكان عند تنفيذ المشاريع بغرض الاستفادة من المزايا التي يحققها هذا الاسلوب من الانتاج، وذلك طبقا للظروف الدولية والمحلية السائدة.
ان التشريع مهما كان جيدا لا يحقق بمفرده الغرض المطلوب، لذا على هيئة الاستثمار اتخاذ الوسائل الممكنة لملاحظة النقاط التالية التي تهدف لتهيئة الظروف والمناخات الظرورية لنجاح عملية الاستثمار، وقد سبق الاشارة لبعضها عند تحديد النموذج التنموي المقترح.
عوامل تهيئة الظروف والمناخات المناسبة لنجاح عملية الاستثمار :
(1) - ان تحديد الاهداف ودراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع الاستثمارية وتخصيص الاموال لها وتوفير مقومات عناصر الانتاج المادية تمثل خطوات عملية مفيدة لتنشيط الخطط الاستثمارية في البلد سواءا كان التمويل محلي او خارجي مباشر او غير مباشر، ولكن يجب عدم اغفال عناصر اساسية مساعدة لتحقيق النجاح المطلوب في الاستثمار، متمثلة بوجود مؤسسات اقتصادية وادارية ناهضة وهذا يتطلب اجراء اصلاح اقتصادي واداري سريع للقطاعات والمؤسسات الاقتصادية والادارية الوطنية، والعمل على اجراء تحسن في كفاءة الكوادر والاجهزة الفنية والادارية التي تتكلف بمهمة تنفيذ الخطط والمشاريع التنموية لمراحلها المتعددة، وكذلك مستوى كفاءة وعدد وكفاءة المقاولين وورشات العمل التي تقوم بالتنفيذ الجزئي للعمل وهذه تشمل الورش الحرفية والمقاوليين لمختلف الاختصاصات المتواجدين في القطر.
(2) – تعزيز مستوى كفاءة وجاهزية البنى القاعدية الاساسية الحالية والمستقبيلية للايفاء بمتطلبات الطاقة الانتاجية الحالية والجديدة نتيجة تنفيذ مشاريع جديدة، والعمل على عدم حصول اختنناقات في جميع المراحل التنفيذية، الانتاجية اوعند التوزيع والاستهلاك، وهي تشمل مصادر الطاقة والماء والطرق والمواصلات ووسائل النقل والموانىء والخدمات الحكومية والعامة وغيرها.
لذلك يقع على هيئة الاستثمار مهمة فحص هذه الاجهزة وتقويم عملها لتحقيق اعلى كفاءة لها وبأسعار مناسبة.
(3) – على الهيئة ضمن هيئاتها الفرعية اتخاذ الوسائل والاليات الكفؤة لانجاز اعمالها بانسيابية وسلاسة واختصار الروتين الغير المفيد والمعرقل للعمل يتم ذلك من خلال اعتماد انظمة عمل متطورة تفي بالغرض دون ان تحصل خروقات للانظمة او حصول فساد مالي واداري، ان تنفيذ اي هدف يجب التركيز على الغرض منه واختيار افضل واقصر الطرق لتنفيذه دون ان اصدار طلبات من المستثمر مثل وثائق اومستندات غير متعلقة بالموضوع، ان تقدير هذه الحالة يخضع للتقيم الميداني للهدف وحسب الظروف السائدة،
لتطبيق هذه الحالة نورد المثال التالي، لغرض تسهيل تطبيق البرامج واختصارا للروتين والوقت عليها تجميع مندوبين من الدوائر الحكومية ذات العلاقة بعملية الاستثمار في قسم معين موزعين حسب اختصاصهم ويتم تنسيق العمل بينهم، وعند اجتماعهم مع المستثمر يتم التباحث معه مباشرة وتقديم المعلومات والوثائق المطلوبة مرة واحدة، بدلا من قيام المستثمر بسماع طلبات كل طرف بشكل مستقل، وعند استلام الوثائق يحدد موعد معين لاستلام الجواب الذي يجب ان يكون ضمن مدة معقولة، وعلى الهيئة القيام بالاتصال بالجهات المعنية مباشرة لطلب المستندات منها مباشرة.
ان تنظيم هذه العلاقة بالشكل المقبول يوفر على الدولة وعلى المستثمر كثير من الجهد والوقت الممليين ويساعد بشكل كبير على جذب المستثمرين وتشجيعهم، وتؤدي الى تقليل حالات الفساد المالي والاداري لانه بموجب هذه الطريقة يتم تحديد مسار المسؤليات والعمليات الادارية بشكل واضح ودقيق مما يصعب حصول عرقلة او خرق لها.
(4) – تعين جهة مختصة تابعة للهيئة موزعة في المحافظات مهمتها انجاز وتسهيل طلبات المستثمر مع الجهات الحكومية وغير الحكومية طبقا للفقرات الوارد ذكرها في قانون الاستثمار وحسب شروط الاتفاق بينهم، وعليها الاتصال بتلك الجهات لانجاز الاعمال الخاصة بالاستثمار وتقديم جميع التسهيلات والخدمات والاستفسارات التي يطلبها بدلا من قيام المستثمرين بمراجعة تلك الجهات منفصلة.
على الهيئة او المستثمر تقديم شكوى عند حصول خلاف في تنفيذ الشروط اوالتسهيلات الورادة في قانون الاستثمار، او الجهات الحكومية وغير الحكومية الغير متعاونة بتقديم التسهيلات والخدمات المتعلق باختصاصها، وعلى الدولة ان تكون حازمة في متابعة تنفيذ هذه المهمة لان تطبيقها بالحزم والفعالية المطلوبة تحقق لعملية الاستثمار فاعلية ونتائج جيدة للاقتصاد العراقي وللمستثمرين، وتحقق كذلك اختصارا كبيرا للوقت والروتين والجهد الضائع ويقلل من فرص الفساد المالي والاداري.
ان ترتيب انظمة العمل المتطورة لهذا المواصيع يجب ان تكون ملائمة لاحتياجات العمل وحسب الظروف وطبقا للمشاكل المكتشفة عند التطبيق.
(5) – على الهيئة التنسيق مع الجهات المختصة في الدولة العراقية باجراء دراسة مستمرة لمراقبة مسارات العملية الاستثمارية للتأكد من ان مسارها منسجم مع الخطط والاهداف الاقتصادية والاجتماعية الموضوعة، وعليها اجراء تقيم لمقارنة حجم التسهيلات الممنوحة لكل نوع من النشاط للمستثمرين مع النتائج المتحققة منه.
كما وعليها تخصيص جهة مختصة تقوم بوضع الظوابط والمعايير التي يتم بموجبها مراقبة اداء تلك الشركات لملاحظة عدم خرقها للقوانيين والانظمة المعمول بها وعدم تجاوزها للغايات والاهداف التي شرع قانون الاستثمار لاجلها.
(6) – لظروف العراق الحالية ولتشجيع المستثمرين للاستثمار في العراق، نقترح على الحكومة العراقية تشكيل شركة تأمين لتغطية انواع معينة من الاخطار التي يتوقع ان تصيب المشاريع الاستثمارية، وذلك ضمن تشكيلات الهيئة او بصورة مستقلة، مقابل اقساط معينة، بموجب هذه الطريقة يتمكن المستثمرين من تغطية الاخطار المتوقعة حصولها مقابل اقساط محددة متفق عليها، ويدخل ضمن اختصاصها ضمان حقوق المستثمر طبقا لقانون الاستثمار والقوانيين العراقية المرعية وعليها منح المستثمر مبالغ معينة عن القضايا المختلف عليها مع احدى الجهات العراقية لحين انجاز تسويتها قضائيا.
المحاسب القانوني – فلاح شفيع
............................ الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1315 الجمعة 12/02/2010)