الرئيسية

سيادة العقل التنويري أم الرضوخ ال? سياسة التفرد في إدارة الحكم؟ / سامان سوراني

لم يكفهم شرح إحد? نواحي الحياة أو العقل البشري، بل أرادوا وجوب تطابق الأشياء: الشمس والقمر والنجوم، الله والشيطان، الأشجار والحيوان والإنسان وهكذا سيطرت أفكار بعضهم، كالقديس توما الاكويني (1226-1274) كـ"برج بابل" عل? التفكير لألف وخمسمائة سنة. كان الاكويني رجل منطق بليغاً وعالماً نفسانياً متبحراً ومتعمقاً في الثقافة الانسانية. وبعد وفاة هذه الشخصية العالمية بثلاثمائة سنة وبعد أرسطو بألفي سنة بدأت نقطة انطلاق جديدة في الفكر العلمي حيث برزت أسماء لامعة في فضاء العلم أمثال نقولا كوبرني، يوهانز كبلر، جاليليو جاليلي، وإسحاق نيوتن. والاخير فتح في إكتشافه حساب التفاضل والتكامل وتطبيقه عل? العلوم الطبيعية المستندة ال? التجارب فتحاً جديداً. وهكذا لعب العقل التنويري فجأة دوره التاريخي وتمكن من السيطرة عل? جميع العلوم وبناء فلسفة تنتج السياسة والاخلاق التي تقود ال? الاصلاح الاجتماعي. ويمكن اعتبار هذ‌ه الخطوة بأهم ظاهرة ارتقائية منذ أن انطلق الإنسان الجليدي من العصر الجليدي الثاني قبل ثلاثمائة الف سنة.

من خلال هذه المقدمة القصيرة المبسطة نريد أن نبين دور العقل البشري في تحول الإنسان من مخلوق ضعيف ال? كائن جمهوري ليبرالي مؤمن بالفدرالية والتعددية الحزبية والديمقراطية الجذرية ينادي بسيادته عل? أرضه وحقه في تقرير مصيره ويرفض الاحتفاظ به كذرة ضئيلة أو كشريك نائم.

لكن هيهات، فما نلمسه من قريب في العراق الجمهوري هو الترويج لفكرة الوصاية الفاشلة عل? شؤون الكوردستانيين وحريتهم من قبل سياسيين يريدون أن يكون لهم حكم القائد الفرد الصمد الذي لا يأتيه الباطل ومثقفين جهلة من دعاة الفكر المتطرف والشمولي، عصبويين يرفضون استخدام مصطلح "إقليم كوردستان" لإعادة ما يحفظونه عن ظهر قلب وما كان يستخدمه الطاغي صدام من تسمية، أي المصطلح المصبوغ بالصبغة البعثية، "شمالنا الحبيب".

ومن المعلوم بأن الحكومة العراقية تشكلت بعد مخاض عسير. وكانت للمبادرة التاريخية للسيد رئيس الاقليم واتفاقية أربيل دوراً هاماً في تشكيلها وكنا نأمل بأن الحكومة الجديدة سوف تسع? ال? الالتزام بالدستور أخيراً في كافة بنوده وخصوصا في ما يتعلق بالمواد التي تحدد صلاحيات السلطات الثالثة واستقلالية كل منها وتأخذ بعين الاعتبار، بأن السلطة الاتحادية تتشكل من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وتحترم إرداة جميع مكونات الشعوب التي تعيش في إطار هذه الدولة الفدرالية، لإنهاء سياسة التفرد في ادارة الحكم وتسيير شؤون الدولة وتحزيب مرافق الدولة ومؤسساتها والهيمنة عل? كافة الوزارات والاجهزة الحساسة وتفعيل دور البرلمان بصفته السلطة التشريعية من دون التدخل في شؤونه وإيقاف تحويل المؤسسة العسكرية والأمنية إلى طرف في الصراع. ما نريده هو الكف عن لغة الاتهام والاستعداء عل? الكوردستانيين وكسر منطق الانعزال والانكفاء، للتعاطي مع الازمات بلغة المبادرة والحوار والاجتراح وبمنطق الخلق والتحول للاندارج في الحاضر والمساهمة في بناء فكر عصري يدافع عن حق الشعوب في تقرير مصيرهم ويحافظ عل? أسس الديمقراطية.

نحن لا نريد أن نقع في الفخ نفسه، فمحاولة إبدال المالكي بالجعفري، كما يتنبأ به البعض، ماهي إلا التنقل من دور نبوي ال? دور آخر تتغيير معه المضامين مع الاحتفاظ بعقلية النخبة ونظام الولاية ومنطق الوصاية. ما النفع من الدفاع عن فكرة التأله والتقديس الذي ينشر الشعوذة ويزرع الخراب ويولد من جديد البربرية في العراق.

إن لغة الصاروخ والـ F16  والمدفع والحشد المرصوص والجمهور الأعم? لن تصنع الحياة ولن تجلب الحرية ولن تغير الواقع العراقي نحو الاحسن، وهذا ما جربه العراق خلال أكثر من ثلاثة عقود حت? نهاية حكم الطاغي صدام.

لذا نقول لا وجود لحلول  ثابتة أو نهائية، فهي تخضع دوماً للمراجعة لإعادة صوغها وتركيبها، فلنفكر بطريقة حية وراهنة، لكي نساهم في فهم المستجدات وإدارة التحولات وقيادة المصائر.

و ختاماً: "من يشهر سيف الدفاع عن الهويات بعقلية القوقعة والمحافظة، يدافع عن تقليد عقيم، ليبرر مساؤه وأخطاءه وفي النهاية لا يحقق سو? تدمير الحاضر وافتراس المستقبل."

 

د. سامان سوراني

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2115 الاربعاء  09 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم