تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

الرئيسية

فريدريك لايتن ورائعته الاخيرة .. لمحات مضيئة من تاريخ الفن (38)

38-flaming june1هذه هي لوحة "حزيران اللاهب" أو"لهيب حزيران" كما يحلو لي ان اترجمها. وهي آخر واشهر لوحة للفنان الانگليزي اللورد فريديرك لايتن 1830-1896  Frederic Leighton Lord التي رسمها عام 1895، اي قبل عام واحد او اقل من وفاته. والعنوان في اعتقادي ينطوي على تورية ادبية تجمع بين حرارة المرأة ولهيب ذلك اليوم الحزيراني الذي نرى فيه الشمس المتلألئة تلسع صفحة البحر في خلفية اللوحة.

مما يثير المشاهد ويجعل اللوحة تعلق في ذهنه هو ثوب المرأة البرتقالي المتوهج وشبه الشفاف الذي تظهر من خلاله مفاتنها خلسة. فهذا اللون البراق المثير للحواس يغزو العيون ويخترق اللاوعي فيحمل المشاهد على ان يتلصص بنظره ويمعن في خبايا الثوب طويلا. ومايثير الفضول ايضا هو تكورالجسد على الاريكة بهذا الشكل الجنيني المحاط بالاغطية الشفافة.

38-flaming june3

يقول بعض مؤرخي الفن ان اللورد لايتن كان قد رسم ممثلة المسرح الانگليزية الجميلة دورثي دين (1859-1899) التي كانت في يوم قائض تغفو على اريكته وقد درجت عادتها ان تتردد على استوديو الفنان وتجلس له كموديل، كما انها كانت تجلس ايضا كموديل لبعض آخر من زملائه من فناني ذلك الزمن بصفتهم اصدقائها ومعارفها ومنهم الفنان الشهير جان ايفرت ميليه.

38-flaming june2 اضافة الى ذلك فقد استنطق النقاد مقاصد الفنان الذي وضع على مقربة من هذه الحسناء النائمة باقة من ازهار الدفلى المبهجة العطر والسامة والتي غالبا ماتستخدم في الترميز الى الموت! وكأن الفنان اراد ان يجسد تناقض الحياة الازلي فيقول ان هذا الجمال والسلام والطمأنينة هو قاب قوسين او ادنى من الزوال، ذلك ان الموت هو حتمية الحياة مهما كانت هذه الحياة رائعة وممتعة. ومن سخريات القدر ان دورثي توفت في عز شبابها وتألقها وهي لم تبلغ الاربعين.

38-flaming june1من الطريف ان هذه اللوحة التي اصبحت اشهر من نار على علم لم يتمكن اصحاب الگاليري في لندن من بيعها حتى بعد ان نزل سعرها الى 140 دولار وفي عدة عروض بين 1961 و1962. ولكن في عام 1963 كانت اللوحة قد عرضت في گاليري في امستردام وصادف ان يزور الگاليري احد سياسيي بورتريكو الذي كان يتبضع القطع الفنية للمتحف الذي اسسه آنذاك في بورتريكو فاشتراها بمبلغ 1000 دولار لكنه لم يتمكن من الدفع الآني بل وعد ان يرسل المبلغ الى الكاليري بعد عودته الى بورتريكو. ولاشك فان اللوحة اليوم تقدر بعشرات الملايين او اكثر من الدولارات.

 

مصدق الحبيب

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم