حوارات عامة

حوار مع السيدة د. ناهدة التميمي...صوت المظلومين والمحرومين

zaynab_khafajiلكنني اليوم قررت الخروج من قوقعتي وذبح صمتي  بين يدي توامتي د.ناهدة التميمي..

منذ عرفتها اول مرة لم تكن غير اخت محببة..تواضعها زرع في نفسي حبا قويا لكلماتها وعذب اخلاقها...انها صورة لامراة حلمتها في ليالي عدة..تتسلق السلم كي تحقق امال جميع النساء..وتمنح عطفها لكل ضعيف او محروم..خرجت من صمتي لاكون معكم أنا وتوامتي والعراق... فكونوا انتم معنا..

 

الخفاجي.. من هي ناهدة التميمي على المستوى الشخصي والمهني؟

- ناهدة التميمي صحفية واعلامية كاتبة ومترجمة وشاعرة ان صح لها القول بانها شاعرة مهتمة بالجانب الانساني والمعاناة التي يعيشها الشعب العراقي وبمشاكله التي يبدو انها قدرت علينا فلا حلول ناجعة ولا ضوء في نهاية النفق ليخفف وطاة المعاناة التي يكابدها الناس جراء هذه الظروف الغريبة التي المت بهم.

 

الخفاجي.. كيف تقيمين المشهد السياسي العراقي الحالي؟

- المشهد السياسي الحالي مربك وتنجاذبه ارادات داخلية واقليمية ودولية .. فداخليا هناك قوى تريد ان تفرض مطالبها ومكتسباتها وشروطها بقوة السلاح احيانا وبالصفقات تارة اخرى من باب (شيلني واشيلك او امشيلك هذا القانون وتتنازل لي عن كذا وكذا) واحيانا اخرى تاتي هذه الضغوط على شكل رسائل مفخخة للضغط على الشارع تكون ضحاياه من الابرياء عموما .. اما اقليميا فهناك من لايرحب بحكم هذه الفئة او تلك وهناك من هو متخوف من تجربة (الديمقراطية وان يختار الناس مرشحيهم بانفسهم ولذلك فانهم يحاولون التدخل بشتى الطرق لفرض نظام معين او للتاثير على سير الانتخابات او لتغيير المسارات .. اما دوليا فان لكل من امريكا ودول الغرب اجندة معينة تريد تحقيقها في المنطقة من خلال العراق ولذلك ترى المشهد السياسي العراقي مضطرب ومشوش الى حد كبير لايدفع الثمن فيه سوى المواطن العادي الذي لاناقة له في الاجندات والصراعات التي تجري على ارضه ولاجمل

 

الخفاجي.. للأئتلاف العراقي الذي تنتمين إليه برنامج سياسي معلن.. ماهي أهم الجوانب التي تثيراهتمام الانسانة ناهدة التميمي في هذا البرنامج؟

هنالك برنامج سياسي جيد طرحه الائتلاف وخصوصا استقطاع نسبة من رواتب البرلمانيين والمسؤولين لصالح مرضى السرطان ومعالجة مشاكل كثيرة تخص البطالة والشباب والاستثمار وتشجيع المنتج المحلي وتشغيل المعامل والمصانع المتوقفة .. كلها امور جيدة ولكن هناك مشاكل اخرى مستشرية وتحتاج الى حل سريع الا وهي مشكلة الاعداد المتزايدة من الايتام والارامل والمعوزين وممن يسكنون بيوت الريح وخيام صناديق الكارتون والتنك في العراء وياكلون من المزابل ..واغلبهم يستجدي في اشارات المرور او في الاماكن العامة وهذا امر محزن ومؤلم في نفس الوقت.. لان في العراق من الخيرات والثروات التي لو وزعت بعدالة لما بقي محتاج او معوز او مشرد .. هذا اكثر شيء يهمني واعني كفالة ورعاية الارامل والايتام والعجزة والمعاقين ممن ليس لديهم دخل وايوائهم في بيوت بسيطة ولكن محترمة تصلح للسكن الادمي كما يهمني جدا وضع الحلول العاجلة لمشكلة بطالة الخريجين والشباب بصورة عامة

 

الخفاجي..ماهو التغيير الذي تحلمين بأنجازه؟

- ما احلم به هو ان يعيش العراقي كما يعيش الانسان في دول العالم المتحضر .. اي ان يكون لكل انسان مسكن ياويه وراتب يكفيه حتى ولو لم يكن مرفها ولكن يكفي لسد حاجاته الاساسية فلا يمد يده لاحد .. كما احلم ان يكون للعراقي ضمان صحي بحيث يجد دواء وعلاج عندما يمرض دون الحاجة الى صرف مدخراته او بيع حاجاته ليتعالج بها وخصوصا الفقراء وضعفاء الحال منهم والذي اغلبه لايعرف انه مريض الا بعد فوات الاوان وذلك لعجزه عن مراجعة الاطباء والعيادات الخاصة لانه لايقوى على تكاليفها الباهضة .. احلم ان تكون مستوى المعيشة عندنا بموازاة الدول الغنية او على اقل تقدير شبيهة بدول الخليج ولااظنه حلم صعب التحقيق لو توفرت الارادات والنوايا الطيبة والمخلصة ونبذنا الفرهود والرشوة والمحسوبية وتخلصنا من الانا والفساد .. عندها يكون الحلم حقفيقة ملموسة

 

الخفاجي .. هل تعتقدين أن العمل البرلماني  يتيح استقلالية كاملة للنائب للتعبير المطلق عن رؤاه وتوجهاته الخاصة في ظل سطوة الكتل السياسية؟

- في ظل وجود كتل وارادات متصارعة على المكاسب الفئوية والحزبية والعرقية لااظن ان النائب لديه الكثير من الاستقلالية للتعبير المطلق عن رؤاه وتوجهاته .. ولكن لابد من المحاولة ومن طرح الاراء بشجاعة ولابد ان نؤمن بالتغيير والا فسيبقى الحال على ماهو عليه اذا كبلتنا الصراعات وسطوة الكتل المتصارعة على المكاسب .. لابد من اصوات شجاعة لتقول لا عندما تميل كفة الميزان عن توازنها

 

الخفاجي..  هل هي من علائم القوة ام الاختلاف ..ان يجتمع السياسي التقليدي والمثقف السياسي كفريق برلماني موحد؟

انها من علائم القوة ان يجتمع السياسي والمثقف السياسي في برلمان واحد وكنت اتمنى ان يرشح كل المثقفين انفسهم للنيابة عن الشعب لما يتمتعون به من حس انساني ورؤية عميقة واطلاع واسع على مايدور في العالم من امور.. الادباء والاعلاميين والمثقفين هم اناس مبدعون وكلهم احساس ولديهم ضمير ناصع وهم الاصلح ليتولوا امور الناس ويشرعوا لهم القوانين التي تضمن حقوقهم وكرامتهم .. لذا اجد ان وجودهم مع السياسيين نقطة قوة وليس ضعف في البرلمان

 

زينب.. كيف تنظرين الى واقع المحاصصة السياسية وتأثيرها على نشاط البرلمان القادم وهل تميل التميمي الى مبدأ التوافقية في العمل السياسي أم الأحتكام الى سطوة صناديق الاقتراع؟

- انا اعتبر التوافقية والمحاصصة السرطان الحقيقي الذي ابتلي به شعبنا والالتفاف المؤلم على ارادة الناخب الحقيقة .. اذ في هذه الحالة لافائدة من ذهاب الناس الى صناديق الاقتراع اذا كانت النتيجة محسومة سلفا لصالح هذه الفئة وتلك وتلك وقد قسمن الادوار والحصص بينهم سلفا .. انا اؤمن بالديمقراطية كما هي في دول العالم التي لديها ديمقراطية حقيقية .. وهي الركون الى ماتفرزه صناديق الاقتراع والعمل بها واحترام اراده الناخب وليس الالتفاف حولها .. كما اعتبر المحاصصة والتوافقية الاداة التي اريد بها ان تلوى ذراع العراق لتحقيق اجندات معينة .. لقد كبلت المحاصصة في البرلمان السابق الكثير من القوانين وعطلت الكثير من المشاريع ويجب نبذها والتخلص منها

 

زينب...لقد شكل الفساد الأداري والمالي ظاهرة ملفتة في السنوات السابقة...ماهي أبرز برامجكم لمكافحة هذه الآفة؟

- فعلا يا ام زهراء .. الفساد هو الافة التي نخرت جسد المجتمع العراقي واصبح ظاهرة قد استفحلت .. وحل هذه المشكلة لايكون بالعقوبات لانها لاتحل مشكلة بل بالتوزيع العادل للثروة بين الناس بحيث يكون للجميع دخل محترم وسكن لائق عندها لن يضطر موظف الى اخذ الرشوة او التزوير او الفساد المالي والاداري .. سيكون مكتفيا وسوف يتردد الف مرة قبل لن يدنس يده او ضميره بشيء مخجل او معيب .. ستكون عيشته الكريمة اكرم عنده من اي مال حرام او رشوة تجعله يشعر بالذنب وعذاب الضمير وبانه مفسد مهما طال به الزمن .

 

زينب...هل تعتقدين أن التسليط الأعلامي وكثرة الملصقات كافية لوحدها للتعريف بالمرشحين وإيجاد القبول الجماهيري اللازم لانتخابهم؟

- في الغرب ليس هنالك مثل هذه الطاهرة المقرفة الا وهي كثرة الملصقات بشكل يشوه المدينة ويجعلها عبارة عن اعلام ورايات جاهلية عشوائية ومن كانت له امكانات ثقيلة يلصق في كل زاوية وحارة وشارع وعمود كهرباء الى حد السقم ومن ليس له يكتفي بمن يعرفه .. اقول في الغرب يطرح كل حزب او كتلة او مجموعة برنامجه الانتخابي عبر وسائل الاعلام الرسمية الرسمية التلفزيون والصحف .. واسماء مرشحي كل حزب تصل مطبوعة لكل بيت وبذلك تكون عدالة كاملة في التعريف ببرامج الاحزاب وبالمرشحين بطريقة حضارية ونظيفة .. وتقوم وسائل الاعلام باجراء مناظرات بين الكتل والاحزاب المتنافسة يستضاف فيها من ترشحه كتلته للرد والحوار .. ليس هنالك مثل ماعندنا من عشوائية للتعريف بالمرشحين ولاتشويه للمدن .. وعلى العموم مازلنا في بداية مشوار الديمقراطية وكثرة الصور ليست كافية للتعريف بالمرشحين بل ان اغلب الناس للاسف تنتخب هنا بسبب مذهبي او عشائري او قرابة او معارف ولايعيرون بالا كثيرا للبرنامج الانتخابي للمرشح وهو مايجب ان يهتموا به لانه يمس حياتهم ومسنقبلهم.

 

زينب..بنظركم هل يستطيع المثقف العراقي المساهمة في التغيير القادم بفاعلية؟

- اعتقد ان المثقف هو الاقدر على احداث التغيير لما له من مؤهلات فكرية غالبا ماتصب في مصلحة الشعب وتكون المصالح الشخصية والذاتية عنده ثانوية مقارنة بغيره .. وبالتاكيد برلمان يجلس فيه اديب او شاعر او كاتب او مفكر سيرتقي بادائه حتما لانه قلب وعقل وضمير ..

 

زينب.. حاول البعض بعد 2003 تطبيق نظرية تسييس الثقافة ..هل بالامكان ان نشهد في التغيير البرلماني القادم نظرية تثقيف السياسة؟

- الثقافة يجب ان لاتسيس وان تبقى مستقلة حتى يكون الابداع والنتاج الفكري اكثر ثراءا وحرية .. نعم من الافضل ان يدخل المثقف السياسي معترك السياسة ولكن الثقافة نفسها يجب ان لاتكون في خدمة حزب او فئة بل يجب ان تكون حرة ثرة منفتحة وسفيرة لكل النوايا الجميلة والافكار البناءة التي تهم كل الناس والفئات ونطور ذوقهم وحياتهم.

 

زينب.. هل ستكون حظوظ المراة في الانتخابات القادمة أفضل من سابقاتها ولماذا؟

- لم يكن اداء المرأة البرلمانية في الدورات السابقة بالمستوى المطلوب الا من نفر قليل منهن .. وللاسف فالمراة البرلمانية لم تنصف اختها المراة المهجرة والارملة وام الايتام والعاجزة اوالتي تعاني من عنف اسري .. فكان من المفروض ان تجاهد لتشريع قوانين تكفل وترعى هذه الفئات من النساء .. ولكن الحقيقة ان دور البرلمانية كان بائسا على وجه العموم بل والبرلمان والبرلمانيات السابقات متهمين بالغياب والتقاعس عن المسؤولية وبانهم اهتموا بمصالحم وتركوا حوائج الناس التي انتخبتهم

 

زينب..استطاع القانون العراقي أن يمنح المراة حقوقا متميزة عن مثيلاتها في اغلب الدول المجاورة...أين تقف ناهدة التميمي من دعوات تغيير قانون الاحوال الشخصية  الحالي؟

- انا مع المزج والتوفيق بين الشرع والقوانين السماوية وبين المتغيرات العصرية التي نتجت بفعل التقدم والزمن والمتغيرات والتي تحفظ حقوق المراة والطفل وتحميهم من الضياع وتمنع الزواج او الطلاق التعسفي والعنف الاسري .. وخير الامور اوسطها ..

 

زينب... في مجتمع تسوده النزعة الذكورية ، هل تستطيع المراة إحداث بعض التغيرات ، وهل هي قادرة على تبوء أحدى الرئاسات الثلاث أو على أقل تقدير أحدى الوزارات السيادية؟

- ليس المهم ان يكون المتصدي للمسؤولية رجل او امراة بل المهم ان يكون مؤهل ولديه ضمير وشعور بالمسؤولية واحساس بمشاكل الناس ومعاناتهم .. كانت ماركريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا وقد قادت البلاد من نجاح الى نجاح وربحت حرب الفوكلاند حتى لقبت بالمراة الحديدية وتعد واحدة من ثلاث وزراء بريطانيين تركوا بصمة في الحياة السياسية البريطانية ولهم حضور لن ينسى على مر الزمان هي وتشرشل وبلير .اذ كانوا مميزين ولهم شخصية طاغية .. وكذلك انجيلا ميركل مستشارة المانيا هي امراة ولكنها حكيمة وصارمة فيما يخص مصالح شعبها .. وهناك وزيرة دفاع في فرنسا .. فلماذا تكون المراة عندنا اقل من ذلك .. لابد ان تكون عندنا من النساء المؤهلات للنوء بحمل مسؤليات وزارية وسيادية وربما تكون عندنا رئيسة وزراء امراة مستقبلا

 

 كلمة اخيرة تحب ان توجهها د.ناهدة التميمي لزملائها من الكتاب والادباء واحبتها من القراء

- احب ان اقول لهم اني احبهم جميعا واقرا لهم جميعا حتى وان لم اعلق على بعض الكتابات الا اني اقرأها جميعا وكلها تعجبني وقد لقيت من الحب والتشجيع والموازرة منكم الكثير وكانكم اهلي واخوتي .. كل الحب لكم وللقراء الاعزاء

وكل اهل الثقافة والادب صغارهم وكبارهم فخورين باختنا الطيبة المتواضعة ..عسى الله يهبك النجاح والسعادة من عنده

سارفع لك شعارا من عندي...ابتسموا فأن فينا د ناهدة التميمي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1335 الخميس 04/03/2010)

 

 

في المثقف اليوم