حوارات عامة

القاص المغربي سعيد رضواني .. في ضيافة المقهى؟؟!

يلعب بالأشياء والصور.. ليقدم لنا "مرايا" تتميز بلغة شفافة وأنيقة.. يعتبر المقهى مرصدا للإطلالة على متغيرات ومفارقات.. كثيرا ما تشكل مادة مثيرة لإبداعه القصصي.. من أجل التعرف على القاص المغربي سعيد رضواني وعلاقته بالمقهى.. كان الحوار التالي..

 

بعيدا عن عالم الكتابة، من هو سعيد رضواني؟

- لا يمكن تبسيط هذا الأمر أو اختزاله، فنهر هيراقليطس الزئبقي يستنفذنا، يتغير ويغيرنا معه. وإذا ما استثنينا وقائعي المحفوظة في الذاكرة فإن جزءا كبيرا مني قد تبخر، وما ترسب مني في ذاكرتي لابد مختلف عما سجلته ذاكرة الآخرين عني، ومستقبلا  حتما سأكون مختلفا عما أكونه الآن، وحتما سأتنكر لما أناه الآن... في خضم هذا التيه أجدني أكتب ربما بحثا عن نفسي وماذا ننتظر من بحث يكون فيه الباحث هو المفقود. لا أعرف نفسي خارج دائرة الكتابة وإذا عرفتها يوما ربما أكف عن الكتابة والحياة.

 

كيف تورطت في عالم الكتابة؟

 -الكتابة تبررني، وتجعل لحياتي معنى يخرجها من دائرة الورطة، ويطرح عنها الملل... ربما كانت يوما ما طموحا أورتني عادة حمل القلم... ولابد أن الطفل الذي كنته حين حمل القلم ليمارس لعبة البوح، ليناجي نفسه، كان يحلم بغزو جيش من القراء، ولابد أن الشاب الذي صرته قد أدرك أن هذا الغزو قد سبقته إليه يد ما ليس بالقلم وإنما بالممحاة، ومع ذلك أصر على الكتابة لأن حياتي قد أصبحت إشكالية وجودية الثابت فيها الكتابة والمتغير أنا. إنها الهواء الذي أتنفسه والذي أتمنى أن ينعش أنفاس قراء مفترضين تسعى يد المجهول للقضاء عليهم.

 

ما الدور الذي تلعبه الملتقيات في مسيرة المبدع الأدبي؟

- بالنسبة للآخرين، لا أدري.. وبالنسبة لي، فأنا مشغول بالدور الذي ستلعبه مسيرتي الإبداعية في الملتقيات وليس العكس. أحب أن تمهد لي كتاباتي الطريق إلى الملتقيات لا أن أمهد لها أنا الطريق... أحب أن ألتقي الأصدقاء هناك وبين يدي نصا يجعل الملتقى أجدى. ولا أحب أن ألتقيهم هناك كي أفرض عليهم نصا خديجا.

 

ما هي طبيعة المقاهي في الدار البيضاء؟ وهل هناك خصوصية تميزها عن المقاهي الأخرى؟

- قد  نعجز عن تصنيف المقاهي في البيضاء.. بعض مقاهيها حانات وبعض حاناتها مواخير وبين الماخور و الحانة مقاه قد  تتحول إلى مقرات للقمار حيث تُبدد الأموال التي ينهبها قطاع الطرق. وهناك أيضا كازينوهات سرية تتبخر فيها الكثير من الأموال التي يسرقها أرباب العمل.

وللممثلين مقاه يتجردون فيها من أقنعتهم كي يلوكوا واقعهم المر. ذات الأقنعة يرتديها شباب في مقاه غيرها كي يمثلوا في واقعهم بطولات وهمية مستلهمة مما تعرضه شاشاتنا الوطنية جدا. وطبعا ليس للمثقفين مقاه،  ذاك قدرهم وتلك غربتهم.

ميزة هذه المقاهي أنها، دون مقاهي العالم، تتحمل عبء النيابة عن المراحيض العمومية المفتقدة.

 

"المقهى فضاء ملائم للإبداع"، ما رأيك؟

- هذا إذا وجدت مكانا ملائما في ركن ما بعيدا عن ضجيج السماسرة والعشاق وغيرهم.

 

ما هو الدور الذي تلعبه المقهى في حياتك الاجتماعية والإبداعية؟

- المقهى عندي مرصد للإطلالة على  المتغيرات والمفارقات التي أستلهمها في إبداعي.

 

ماذا يمثل لك السفر، القلم، الحب؟

- السفر:  فسحة  للانعتاق من الرتابة.

القلم: دماغ آخر أفكر به، فكما يعتمد الموسيقي والأعمى على ذاكرة أنامله أعتمد على ذاكرة قلمي.

الحب: مطهر  دانتي  أليجيري.

 

كيف تتصور مقهى ثقافيا نموذجيا؟

- أتصوره فضاء للرصد مليئا بالكُتاب، كل في فلكه يسبح... نحاور شخوص كتب الرفوف، ونحيي كل صباح مؤلفيها، أحياء كانوا أو أموات... نستحضرهم بيننا اعترافا بما أعطوا وأفنوا حيواتهم فيه... نحتسي قهوتنا في حضرة ربة الإبداع حيث يحلو السفر في سديم الأبعاد الكونية والنفسية الاجتماعية وغيرها، وهناك نجوس بواطنها محاولين تفكيك شفرات تناقضاتها المتأرجحة بين النقيض والنقيض حيث الفرق بين الأخير والذي قبله هو في المسافة الفاصلة  بين راصد وآخر.

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2084 الأحد 08 / 04 / 2012)

في المثقف اليوم