حوارات عامة

المثقف في حوار مفتوح مع الكاتب والسياسي موسى فرج (19)

 

سعد السعيدي، كاتب / العراق

أشكرك كثيرا على التوضيحات الأخرى. واني قد اطلعت على كل مقالاتك السابقة حول مسألة تهريب النفط والعدادات الالكترونية. وحول النفط فان لدي مقالة على هذا الموقع تتعلق بتشارك إيران مع صدام لتهريبه خلف بوارج تطبيق الحظر خلال فترة الحصار.. .

س 82: سعد السعيدي:بخصوص الفجوات المالية في موازنة البلد، ذكر بوسائل الإعلام أن المالكي يخصص جزء من موارد الدولة لإغراض أخرى خاصة به لا علاقة لها باحتياجات الشعب. وقد قدرت هذه التخصيصات بـ 50 مليار دولار لعام 2010 على ما اذكر. والمعروف بحسب تقارير هيئة الرقابة والمشورة الدولية فان رئيس الوزراء ووزير المالية أو من ينوب عنهما هما من يمكنه السحب من أموال صندوق (أعمار العراق). كما يوضح التقرير أن السيد أمين عام مجلس الوزراء هو المخول بالسحب. والسؤال هو أين هي التقارير (لا الحسابات الختامية)، التي تشير إلى هذه التخصيصات؟ إذ أن الأخيرة لا تسحب مرة واحدة من الصندوق إنما على دفعات، أليس كذلك؟ كذلك لأني لا أجدها في أي تقرير لوزارة المالية وقيل أنها تخصيصات تقع خارج الموازنة (؟). فهل يوجد شيء أسمه تخصيصات خارج الموازنة علمآ أن الحكومة العراقية لا تساعدنا ابدآ بأي توضيح؟.. .

 ج 82: موسى فرج: الأستاذ العزيز سعد السعيدي مع خالص تحياتي: قبل الإجابة عن أسئلتكم أرجو أن أذكّرك بحيثية بسيطة .. وهي أن تلك الأسئلة لم تكن قد وردتني منك بشكل شخصي أو على بريدي الالكتروني ..فتنحصر مهمتي بالإجابة عنها وـ بما أعرفه ـ لتغطية ما ترغب بمعرفته أنت فقط.. في هذه الحالة سأذهب وبالمباشر إلى ما تريده أنت فقط .. الأمر مختلف فأسئلتكم جاءت عن طريق حوار ينشر على صحيفة وموقع المثقف وهو بالتالي معروض لمن يقرأه غيركم أيضا وعلى هذا علي استشراف ما يود معرفته بقية القراء الأفاضل أيضا .. ثم يهمني أن تعرف أن الموضوع الذي نحن بصدده اعني موضوع الفساد في العراق يتصف بخاصيتين على قدر كبير من الأهمية: .

 الأولى: انه موضوع خطير للغاية فهو يلحق أضرار فادحة بمقدرات الشعب وبموارد العراق واقتصاده ويحرم أبناء الشعب العراقي من فرص توظيف الإمكانات المادية والبشرية لتوفير الحياة الكريمة والمعيشة المقبولة والخدمات لهم .. .

 الثانية: أن تناول هذا الموضوع اعني موضوع الفساد حديث عهد في العراق وفي العالم أيضا .. فأنت تعرف هو أننا في العراق لم يكن شائعا ولا متاح لنا أن نتداول مجرد تداول لمفردة الفساد قبل سقوط نظام صدام مع أن النظام الصدامي المستبد والفاسد غارق حتى هامته في الفساد .. وتتذكر عزيزي سعد يوم كنت في العراق فان الناس تشتري ملابسها من البالات والناس نزعت حتى شبابك وأبواب بيوتها بل حتى الشيلمان من سقوف تلك البيوت كي تؤمن الحد الأدنى من الغذاء لأطفالها .. تصور عزيزي سعد أني صادفت احد معارفي في تلك الحقبة وهو يحمل طفله الذي لم يتجاوز عمره 3 سنوات..وعندما قبلت الطفل ضحك أبوه .. سألته عما أضحكه.. فقال: وقفت قبل قليل أمام دكان فطلب الطفل مني أن اشتري له حبة موز ولأني لا أتمكن من شراءها فقد أحسست بحرج شديد ولكن نزولا عند إلحاح الطفل ضغطت على احتياجات عائلتي واشتريت له حبة الموز فقضمها الطفل دون أن ينزع عنها قشرها ..! لأنه لا يعرف ذلك.. ولم تكن له سابق معرفة بالموز .. هل لاحظت الفكرة ..؟ في ذلك الوقت كان صدام وبطانته يبددون الثروات الطائلة على بناء القصور وشراء ذمم الحكوميين والإعلاميين الأجانب.. ويوزع الأموال على أتباعه من الحزبيين وشيوخ العشائر .. في نفس الوقت فان تداول موضوع الفساد عالميا فانه أيضا لم يكن قديما بل وتزامن مع وقت سقوط نظام صدام فمنظمة الشفافية الدولية وتقاريرها لم تكن معروفة قبل علم 2000 الأمر الذي جعل صعوبة الاتفاق بين من هم حسنوا النية على الأقل من العراقيين على أن يتفقوا على مفاهيم محددة بشان الفساد فاختلفوا .. بشأن: مفهومهم للفساد .. فهذا يراه ماليا فقط وذاك يراه إداريا أيضا وثالث يرى أن الفساد السياسي هو أصل الفساد الحكومي بأنواعه المختلفة .. من ناحية أخرى بات كلٌ يفسر الفساد من منظوره هو منطلقا من مجال معرفته وتخصصه فالمالي يرى الفساد بشكل والقانوني يراه بشكل آخر مغاير لما يراه الاقتصادي والمختص بعلم النفس له رؤية مختلفة عن ماهية الفساد ..وهكذا .. طبعا هذا الاختلاف حول الماهية يتبعه اختلاف في النطاق والأسباب وطرق المعالجة .. ولاشك أن هذا الاختلاف سيميع جهود مكافحة الفساد في العراق.. لأنه يجعلك أمام شيء هلامي شبحي غير محدد المعالم وتكون النتيجة أن سهامك واطلاقاتك الموجهة للفساد ستكون طائشة .. فضلا عن أن ذلك الاختلاف في الرؤى لن يصنع رأيا عاما .. وأنت بأمس الحاجة إليه .. لأن تكوين الرأي العام بات هو السلاح الوحيد المتاح أمامك لمواجهة المعضلات في البلد ..

قدر تعلق الأمر بي وبعد قراءتي لرسائلك الموجهة لإدارة موقع المثقف ولي شخصيا بشان التذكير والتأكيد على الإجابة على أسئلتك.. تلك التأكيدات تنم ـ وهو أمر حسن وتشكر عليه جدا ـ عن حرص أكيد من قبلك على الإسهام في مواجهة هذا الغول الذي يقض مضاجع اهلك ومواطنيك في العراق وينكد عليهم عيشهم.. لكن تلك الرسائل بعضها يعكس بكل صدق طبيعة العراقي الحدية ونافذة الصبر وهذه هي طبيعة العراقي وتفضل هذا نموذج منها: (إلى موقع المثقف..
لقد مضى شهر وأنا انتظر الإجابة على الأسئلة التي طرحتها على الكاتب موسى فرج. متى يا ترى سيتم الإجابة عليها؟.. .
سعد السعيدي..).. .

 وقد كتبت لك هذا الرد: (أخي العزيز الأستاذ سعد السعيدي تحية لك .. اشو رسالتك لا بيها تحيه ولا بيها توقير وهذه الصيغة معتمدة عندنا فقط في مراكز الشرطة .. أدري أنت من بني سعيد بس .. اللي اعرفه .. أكو مركز شرطة بني سعيد بمنطقة الكفاح .. شنو فاتحين فرع من عنده بالمهجر ..؟.. اليوم تم نشر الحلقة 18 من الحوار وكانت الحلقة رقم 6 مخصصة للإجابة عن القسم الأول من أسئلتكم .. مع تحياتي ..).. وأثناء محاولتي إرسالها واجهتني رسالة من الأخ والصديق العزيز الأستاذ ماجد الغرباوي رئيس مؤسسة المثقف ومدير الموقع يخبرني بأنه في المستشفى فصدمت وعدلت عن إرسالها كي لا أزيد عليه .. وتفضل شوف رسالته (عزيزي .. الله يعينك.. آنا بالمستشفى .. آسف..).. .

 
 وصلتني منك رسالة أخرى ولكن سلسة ولطيفه: .

 (أستاذ موسى فرج.. .
لطفآ ممكن تجيب على ج2 من أسئلتي التي انتظرها منذ أكثر من شهر؟ سعد السعيدي.. ) فتحول الأمر عندي إلى: صافي يالبن .. حليب يا قشطه.. لكن وداعتك محضر الرد وخازنه بالحاسوب بس تجي رساله منك تقول فيها: أشو أنت ماخذنا سفره من حدود القفقاس إلى نواكشوط ..؟ آنا سألتك أسئلة محددة وأردت إجابات محددة ..) اذا وصلتني هيجي رساله منك .. شوف جوابي أيش راح يكون :(ليش أنت موديلي قماش اخيطلكياه بنطرون وطلع عريض أتريد أضيكه ..؟..).. بعدين أستاذ سعد .. هناك فرق بين أن تسألني بشان حيثيات قضايا فساد محدده وفي هذه الحالة فأني حاليا بعيد عن هيئة النزاهة في حين أنها حصلت بعدي مثلا فان معلوماتي عنها لا تزيد عن معلوماتك أنت .. باستثناء أني اعرف تفسيرها ربما أكثر لأني سبق وان عملت في هذا المجال وحتى لو كانت تتوفر عندي معلومات تفصيلية عنها فما فائدة ذلك ..؟ هل انه بمعرفتها نكون قد وضعنا حدا للفساد في العراق ..؟ لا طبعا .. هذه ليست مهمتي فانا لست مخبرا سريا .. بعدين شوف شغله ثانيه: تصفح الكوكل تجد إعلامي خوش ولد اسمه ماجد الكعبي مجرد حجى حجايه على رئيس مؤسسة الحج.. نابتين بمتونه صار سنه يطالبوه بحشم مليارين دينار .. آنا يوم جنت بهيئة النزاهة قلت لهم ومن خلال فضائية العراقية وهي فضائية الحكومه: هذا الحجي أبو مؤسسة الحج حرام إلا أوديه للمحكمه ميحجون وياي لأن آنا مسؤول .. هسا آنا مو مسؤول .. وداعتك يعلكون مليارين مو بس بركبتي .. بمتوني وبظهري وبخاصرتي .. مثل سوريه حسين .. هل تتذكرها ..؟ اللي تغني: لو رايد عشرتي وياك .. حجي الجذب لا تطريه .. أدور على ألصدك ياناس .. ضاع وبعد وين ألكاه .... ويطلعون قهرهم مني كله .. في حين أبسط شيء تثيره على هذا ألحجي ..هو: أن تقول له: تعال يابه أشو أنت رئيس مؤسسه وبنفس الوقت عضو مجلس نواب ..؟ الدستور مو يمنع هذا ..؟ لو أنت ذو النورين ..؟ لكن غير أكو شراي للعدل يسعدي يخوي ..؟ ماكو .. هسا بالله اترك الكواتم والخواتم بس المليارات منين أجيبها .. وأنت تريدني أثبت لك المرود بالمكحله.. هسا أنت متفهمني ليش مشغول بالمرود .. تتعال هناه وتلكي المراود مالها والي .. فإذن المهم عندي أن نناقش المسائل العامة كي نصل إلى فهم مشترك إلى ما تعنيه ماهية الفساد في العراق وهل يختلف عما هو قائم في غيره فانا سبق وان قلت ولا زلت عند رأيي انه أهون علي أن نخصص بند في الموازنة نسميه بند الفساد ونخصص له 10 ./. من الموازنة السنوية ونوزعه علنا على الفاسدين في يوم مشهود بدلا من أن نسميه يوم النزاهة في العراق .. نسميه يوم الفساد في العراق ..

ولكن شريطة أن يضمن لي احد بان الـ 90 ./. تستخدم فعلا وبشكل نزيه وكفوء لصالح الشعب العراقي .. طبعا بعضهم سيسجل هذا الكلام ضدي باعتباره كفرا .. لأن الـ 10 ./. من موازنة العراق للعام الحالي مثلا تزيد عن 10 مليار دولار وهو ما يعادل موازنتين سنويتين لدولة الأردن..! هذا صحيح ولكن ..

في مقابل الهدر والتبديد لأموال الشعب.. أقول لك منهوب النص مو خسران كما في أمثلتنا الشعبية .. البعض يقول لك هذا ليس فساد وإنما فشل أداء حكومي أقول له: كل تصرف حكومي أو سياسي من قبل حكومي أو سياسي في الدولة يلحق الضرر بالشعب في دمه أو ماله أو كرامته.. هو فساد .. ويبقى اسمه فساد .. ولكن هناك فرق بين من تكون معالجته أو البديل عنه ضمن التحكم وبين ما يكون البديل عنه خارج التحكم ..الأول ينبغي مواجهته عاجلا لوضع حد له والثاني يمكن التدرج في معالجته وإيجاد البدائل عنه .. فمثلا عندما يقول احدهم: أن عدم تحقيق نتائج ملموسة للشعب العراقي ناجم عن فشل الأداء الحكومي وليس عن السرقة وبالتالي لا نستطيع مواجهته أو محاسبة المسؤولين عنه .. أقول له: ما هو سبب فشل الأداء الحكومي ..؟ الجواب هو: لأن المسؤولين الحكوميين فاشلين ..طيب: هل يوجد آخرين من العراقيين يتمتعون بقدرات وكفاءة ونزاهة أعلى ..؟ الجواب: نعم .. جوابي له: إن اعتمادك هؤلاء الفاشلين وغلق السبيل في وجوه الناجحين هو لب الفساد ..

ببساطة شديدة لأن معالجته أمر ممكن وضمن التحكم .. إبعاد الفاشلين والاستعانة بالناجحين ... فالفساد في العراق ليس سرقة أموال ورشاوي فقط ..إنما فشل الأداء الحكومي وهو فساد اسود .. سأضرب لك ولمن يقرا هذه السطور مثلا: قبل حوالي الأسبوعين سمعت تصريحا لنائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني وهو يعلن أن عام 2013 سيكون عاما لتصدير الطاقة الكهربائية من العراق إلى دول الجوار لم أكن وحدي الذي ضحكت على تلك التصريحات بل كافة وسائل الإعلام العراقية وكافة الأطراف السياسية أيضا .. من ناحيتي فقد وجهت على سبيل المزاح رسالة مفتوحة على صفحتي في التواصل الاجتماعي إلى ابني المغترب في استراليا ادعوه إلى العودة إلى العراق لأن عمه الشهرستاني يقول بان العراق على وشك أن يكون مصدرا للكهرباء ..اليوم وأثناء كتابتي لهذه السطور اختزلت بعض من الوقت لمتابعة لقاء تلفازي ضم أحد أعضاء البرلمان من لجنة الطاقة وعضو من مجلس محافظة بغداد وأيضا الناطق باسم وزارة الكهرباء .. فوجئت بان عضو مجلس النواب يشير إلى تناقص إنتاج الكهرباء في هذه السنة عن السنة السابقة وأشار إلى أن إنتاج الطاقة الكهربائية بتاريخ 13/4/2011 بلغ 5355 ميكا واط في حين أن إنتاج الطاقة الكهربائية بتاريخ 14/4/2012 بلغ 4800 ميكا واط وتوجد 1200 ميكا واط مطاقة كهربائية مستوردة منها 1000 ميكا واط من ايران و200 ميكا واط من تركيا .. في الحقيقة لم أصدق الرجل فقد حسبته قد اخطأ في قراءة الأرقام أو انه من نواب العراقية الذين يذكرون أرقام غير حقيقية بقصد التنكيل بحكومة المالكي ..لماذا ..؟ لأن إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق في حزيران عام 2004 كان يبلغ حوالي 4250 ميكا واط وقد كان ذلك قبل 9 سنوات وخلالها تجاوز إنفاق الحكومة على الكهرباء الـ 20 مليار دولار منذ أكثر من سنتين .. كما أن هناك تسعيرة عالمية لإقامة مشاريع توليد الطاقة الكهربائية وبموجبها تبلغ كلفة الميكا واط حوالي 800 ألف دولار بمعنى أن إقامة محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بسعة 1000 ميكا واط هي 800 مليون دولار وقبل عدة سنوات استشهدت ببناء محطتين في ليبيا لتوليد الطاقة الكهربائية من قبل شركة فرنسية سعة كل واحدة منها 1300 ميكا واط بكلفة مليار دولار بمعنى أن إقامة محطتين بسعة إجمالية مقدارها 2600 ميكا واط كلف ملياري دولار وتم الانجاز خلال سنة واحدة وما دامت الحكومات العراقية قد أنفقت أكثر من 20 مليار دولار خلال السنوات التي أعقبت عام 2003 على إقامة محطات كهربائية فإنها يفترض أن إقامة محطات تبلغ طاقتها التوليدية 20 ألف ميكا واط على الأقل .. أما أن يكون كل ما قامت به هو زيادة الطاقة التوليدية بـ 550 ميكا واط ..؟ فتلك أم الكوارث .. انتظرت بفارغ الصبر تعقيب الناطق الرسمي باسم وزارة الكهرباء ليرد على هذا النائب وليشر إلى الأرقام الصحيحة .. وعقب ممثل وزارة الكهرباء .. لقد أكد أرقام عضو مجلس النواب وقال إن إنتاج الطاقة الكهربائية اليوم فعلا 4800 إلى 5 ألاف ميكا واط ..! في حين أن حاجة العراق للكهرباء تبلغ 16 ألف ميكا واط .. وحاول ابتلاع تلك العبارة بشلال من عبارات الوعود الكاذبة .. عجيب أمرهم .. ما بالهم هؤلاء..؟ هل نرد سبب ذلك إلى أن شهاداتهم مزورة أم أنهم أميون ..؟ الشهرستاني يصف نفسه ويصفونه بالعالم في مجال الطاقة النووية ووزراء الكهرباء كلهم مهندسون ومختصون في مجال عملهم .. ماهي المشكلة إذن ..؟ وزير الكهرباء السابق وحيد كريم قبل 3 سنوات يصرح بان العراق سيكون قريبا مصدرا للطاقة الكهربائية .. ورئيس الحكومة صرح بان عام 2012 سيكون عام النهاية لشحة الكهرباء .. الشهرستاني يصرح بان العراق بات على أبواب تصدير الطاقة الكهربائية ...والكهرباء لم يزد عن عام 2003 إلا إصبعا .. وضاعت الـ 20 مليار دولار دون نتيجة ...لماذا يحصل هذا ..؟ وأي تفسير منطقي غير الفساد الأسود ...؟.. .

 سياسات حكومية تلحق الضرر بالشعب أذكرك ببعض منها: أنهم نزولا عند توصيات البنك الدولي ألغوا الدعم الحكومي عن المحروقات فتضاعفت أسعارها إلى خمسة أمثالها .. هل يوجد شخص واحد في العراق لا تتصل المحروقات باحتياجاته ..؟ .. هسا لو ملح مثل الهنود همين يسلم منها ابو الضغط .. وجماله البنك الدولي لم يقل هذا .. إنما قال: أنكم تبذرون بدليل أن الدعم الحكومي على المحروقات يحصل عليه الفقير والغني وليس الفقير فقط وعليه أوصي بإلغاء الدعم على أن تعوضوا الطبقات الفقيرة .. ونفس الشيء للوجبة الغذائية والكهرباء والماء .. ألجماعه كلهم خاتميه للقرءان الكريم صاحوا: لا تقربوا الصلاة .. وسكتوا عن وأنتم سكارى .. فالغوا الدعم الحكومي واحترقت الأسعار وأفقروا الناس .. وقالوا: هذه توصيات البنك الدولي .. طيب .. البنك الدولي ألغى توصياته ..

غير يراجعون أنفسهم ..؟ ..؟ لا .. ماذا تسمي ذلك أنت ..؟ أنا اسميه فساد أسود مكرر .. ولذلك فان جهود مكافحة الفساد في العراق أضرت بها وأعاقتها أسباب عديدة من بينها هذا التباين في النظرة له كمفهوم وماهية وأسباب ودوافع وأجهزة وحجم ..

بينهم من هو حسن النية وآخرون سيئو النوايا .. ومن بينهم قانونيون أو إداريون أو اقتصاديون أو مختصون بعلم النفس أو بالسياسة أو في مجال علم الأخلاق .. منهم أدباء وأكاديميون وفنانون ومثقفون وناس عاديون كل ينظر لموضوعة الفساد من زاوية اختصاصه أو الزاوية التي ينظر من خلالها.. لكنهم يشتركون بقاسم مشترك يجتمعون عليه جميعا .. أظنك ستقول لي: أن القاسم المشترك الذي يجتمعون عليه هو حبهم للعراق وحرصهم على مقدرات الشعب .. دعك من هذا.. وأظنك ستقول لي أن القاسم المشترك هو وجعهم وحرقة قلوبهم من جراء إحساسهم بالمعاناة التي يواجهها فقراء الشعب العراقي .. وأيضا دعك من هذا .. وقد تقول لي أن اجتماع الموقف على إقامة نظام حكم صالح هو القاسم المشترك .. وأيضا أقول لك: دعك من هذا يا سعدُ.. القاسم المشترك عند العراقيون يا صديقي هو الأنا والتميز وان يكون هو دون غيره في المقدمة ..والآخرون خلفه ..

هذا هو القاسم المشترك الذي يجتمع عليه 90 ./. من العراقيين وهذه المقولة التي تقول أنهم قد اتفقوا على أن لا يتفقوا تنطبق على العراقيين دون غيرهم .. وهاي جابوها من جدهم ذاك الذي عاف أهله وقومه وذهب إلى البرية يصارع الثيران والوحوش بحثا عن أكسير الخلود وضيع في الأحلام عمره لحد اليوم من هو ..؟ كلكامش .. هذا القاسم المشترك وهذه مشكلة العراقيون ..

 فأنت مثلا يا صديقي ومثلك كثيرون من بين حسني النية..

 ترون في الفساد مجرد عدم تمكن أو إحاطة بالجوانب الفنية..

ولكن لو كانت أسباب الفساد وبواعثه هي هذه فقط ما أطلقوا عليه فسادا .. ولكان الوصف الأقرب للموضوعية له هو: قلة خبره مثلا.. أو تخلف وتدني كفاءة النظم المالية المعتمدة في البلد، وفي هذه الحالة فان تدريب الموظفين الماليين وتطبيق نظم عمل مالية ومحاسبية كفيل بإنهاء الفساد.. لكن الفساد في واقع الحال غير ذلك من حيث الماهية والوصف ومن حيث الأسباب والبواعث والدوافع وتبعا لذلك إمكانيات وسبل العلاج ..

 . بالضد منكم يوجد سيئو النية والذين يرون في الفساد مجرد السرقة والرشا والكومشنات..ويصبون جام غضبهم على الحكام الحرامية السراق .. وهؤلاء ينطلقون من دافع العداء السياسي للحكومة والنظام السياسي وهم مستعدون لإلصاق تهم وأوصاف أخرى ضد الحكومة والنظام السياسي حتى وان لم يجدوا فسادا .. فيصفونها بالطائفية والعميلة والصفوية.. ولكن قدر تعلق الأمر بالفساد فانه أوسع بكثير من السرقة والحرمنة المباشرة وهم في واقع الحال لا يسعون لمعالجة أو مواجهة الفساد بل يواجهون خصما سياسيا.. وما إثارتهم لموضوع الفساد غير استخدام لسلاح من أسلحة الإجهاز على ومحاربة النظام السياسي أو الحكومة وهم في كافة الأحوال ليسوا اقل فسادا ممن يوجهون إليهم تلك الاتهامات .. في سؤالك عزيزي سعد أمر جوهري تتساءل عنه .. وهو كيف توجد تخصيصات خارج الموازنة ..؟ تعال معي لنر كيف يمكن أن تتولد مثل هذه الحالة في العراق .. وما هي مصادرها ..؟: .

 أولا: توجد قاعدة مالية تقول بالفصل بين الإيرادات والنفقات بمعنى أن دائرة الضريبة مثلا والتي تقبض الإيرادات ليس لأنها تقدم خدمة أو منفعة، بل بقوة القانون فإنها لا تستطيع أن تصرف على نفسها من تلك الإيرادات إنما تقوم بإيداع تلك الإيرادات في الخزينة العامة بالكامل، وتصرف ما تحتاجه من نفقات من خلال التخصيصات المقررة لها في الموازنة العامة.. هذا المبدأ ينطبق على الحكومة أيضا فلا يوجد شيء اسمه تخصيصات خارج موازنة الدولة وإنما توجد لديها تخصيصات مقررة ضمن الموازنة العامة تتقيد بها وتصرف منها خلال السنة وبصرف النظر عن الإيرادات التي تقبضها ..حتى موضوع الصرف على الكوارث الطارئة فانه يفترض وجود تخصيص باسم الكوارث والحالات الطارئة وفي حال عدم كفايته لتغطية المصروفات الفعلية يتم مناقلة مبالغ من أبواب أخرى في الموازنة .. ثانيا: إلا إن هذا المبدأ حصل الالتفاف عليه من قبل الحكومة عندنا .. كيف ..؟ ولماذا ..؟ سأبين لك ذلك:

 . 1: النظام المالي عندنا متخلف وخصوصا في مجال تحديد تخصيصات النفقات لأجهزة الدولة .. فبدلا من أن يكون المنطلق في تحديد تلك التخصيصات هو خطة نوعية لأهداف الدائرة أو الجهاز، ومن ثم يتم ترجمة تلك الخطة النوعية إلى خطة كمية زمنية، وأخيرا تترجم الخطة الكمية الزمنية إلى خطة مالية .. بمعنى انك مدير عام للدائرة.. س عندما تراجعني وأنا في وزارة المالية قيل نهاية السنة تطلب تخصيصات لدائرتك للسنة القادمة .. سأقول لك اعرض علي خطتك أولا .. ما هي أهدافك النوعية ..؟ الجواب: تقديم خدمات علاجية .. كم شخصا خططت أن تعالج ..؟ 100 ألف مريض خلال السنة .. ما نوع العلاج ..؟ 10 آلاف عملية كبرى و30 ألف عملية صغرى و60 ألف مراجعة للعيادة الخارجية .. في هذه الحالة أسحب الاندكس من الجرارة وأقول لك: الكلفة المعيارية أو القياسية للعملية الكبرى الواحدة هي 100 $، والكلفة المعيارية للعملية الصغرى الواحدة هي 50 $، والكلفة المعيارية لمراجعة المريض للعيادة الخارجية هي 10 $.. فإذن أنت تستحق مني الآتي: 10000 × 100 + 30000 ×50 + 60000 × 10 = 3100،000 دولار (طبعا هذه بأبسط صورها).. وسأقول لك : تفضل هذا الوصف المعياري لكل نشاط من تلك الأنشطة من ناحية النوعية والجودة .. وسأقوم بالتفتيش فان وجدت انحرافا عن النوعية سأغرمك وفي نهاية السنة سأقوم بمراجعة انجازك فان وجدته اقل مما خططت له ستعيد لي الفرق ... في العراق لا يوجد مثل هذا الأسلوب .. الأسلوب البديل عن هذا هو ما أسميته أنا شخصيا ومنذ أواخر السبعينات بأسلوب تمشية الأمور .. كيف يكون ذلك ..؟ يكون كالآتي: أولا: يستعاض عن الأهداف الكمية الزمنية بعبارة.. الله كريم ..

 ثانيا: يستعاض عن إلزامية تنفيذ الخطة بعبارة ..إن شاء الله .. أما تحديد التخصيصات فيكون كالآتي: رئيس الدائرة أو الوزير إذا يحتاج مليون ..فانه يطلب تخصيصات مقدارها مليونين .. لماذا ..؟ لأنه يعرف أن أبو المالية مينطيه اللي يريده ويعصر له ألعكه عصر .. وبعد شيسوي ..؟ يودي اللبلبان من الموظفين حتى يفاوض ومعه أجمل موظفه في الدائره .. ألماليه من هو الذي تختاره ..؟ تختار العصّي عندهم.. يطبر التخصيصات طبر.. يتفاوضون ممثل الدائرة يرفع وممثل المالية يكبس .. فتتحدد التخصيصات عند تقاطع الضغط المتعاكس .. والسلام.. لا علم ولا بطيخ .. لكن توجد اعتبارات .. مثلا: إذا كان الوزير من احباشات الريس .. أبو ألماليه العصي يصير خوارده .. ولا ينزل دينار ويحمل ممثل الدائرة تحياته إلى جناب السيد الوزير .. وإذا الوزير مو من احباشات الريس لو كاكا هاي اللي الله كتبها على الدائره .. شهرين وتخلص التخصيصات..! وتشوف الموظفين في الوزارة المحظيه غركانين بالمخصصات والايفادات وزملاءهم في الوزارة الثانية مظلوميتهم مثل مظلومية أتباع أهل البيت بالعراق ...(هاي قبل مو هسا .. هسا أتباع أهل البيت في العراق .. يالمسعده وبيتج على الشط .. منين ما ملتي غرفتي ..!).. في عام 1978 انتدبت الأمم المتحدة فريق برئاسة الخبير السويدي جونسون إلى المركز القومي للاستشارات والتطوير الإداري الذي كنت موظفا فيه كي نطبق نظام ميزانيات البرامج والأداء أو الإدارة بتحديد الأهداف.. .

 )MANAGMENT BY OBJECTIVES (وقد كنت احد أعضاء الفريق الرديف لفريق الأمم المتحدة وطبقنا النظام في الطرق والجسور ومستشفى الولادة في العلوية ومستشفى الطوارئ بشكل تجريبي ونجح وهو يقوم على هذه الفكرة: ارتباط التخصيصات بالنتائج.. لكن الحكومة وبمجرد سفر الخبير ألغت النظام بسبب مقاومة التغيير .. لكن الخبير السويدي تعلم أمرا جوهرياً وهو انك إذا نجحت مع العراقيين فان نجاحك في أية دولة مضمون ... بس الحكومة استفادت .. كيف ..؟ من خلال المطالبة بالنتائج فمثلا: أن رؤوساء الدوائر الزراعية في المحافظات يعقدون مؤتمرا في وزارة التخطيط لإعداد الخطة الزراعية فتشتغل المزايدات يقوم أحدهم فيتعهد بان ينتج خلال السنة 100 ألف طن فيصفقون له .. يشوفه صاحبه صفقوا له ..يغار.. يتعهد بإنتاج 200 ألف طن فيتعالى التصفيق له .. في نهاية السنة ..لا 100 ولا 200.. متحققة.. يكربوهم .. شافوا التصفيق للذي حقق الخطة الإنتاجية أو تجاوزها .. في هذه الحالة يتجهون إلى العكس يبالغون في تقليل الأرقام المستهدفة .. أبو الـ 100 يقول 30 وأبو الـ 200 يقول 40 في نهاية ألسنه الاثنين محققين ألخطه ومتجاوزيها فتتم مكافئتهم بالتصفيق ...!. لكن لو كانت الخطة مبنية على أساس الغلة المعيارية للدونم ما ظفر أي منهم بتصفيقة .. شفت أستاذ سعد ..؟ هذا الأسلوب غير العلمي واقصد به أسلوب تمشية الأمور معتمد في الحكومة في العراق منذ عقد الأربعينات من القرن الماضي ولازال معتمدا .. ما هي الآثار المترتبة على ذلك ..؟ يتسبب في أن الدوائر والوزارات تحصل على تخصيصات أكثر من حاجتها بكثير فتفيض عندها مبالغ طائلة في نهاية السنة خصوصا إذا كانت الموازنة دسمة مثلما يحصل عندنا في هذه السنوات ..فتتجه الدوائر في الشهرين الأخيرين من السنة إلى ما يشبه عملية حرق الفلوس .. لأنه في 31 / 12 يتوقف الصرف من تلك التخصيصات ويعاد الفائض إلى الخزينة المركزية للدولة فتحصل حالة الفرهود .. شراء سيارات دون حاجة إليها ، شراء أثاث دون مبرر، صرف مكافئات .. دون أي مبرر المهم يصرفون أكثر ما يمكن صرفه للتخلص من الفلوس ..! ..لأن المالية ستقول لهم: في السنة الماضية لم تصرفوا كل تخصيصاتكم فلماذا تطلبون تخصيصات مغالى بها .. مع ذلك فان مبالغ طائلة تعود للخزينة .. هذا السبب الأول لوجود مبالغ خارج الموازنة فالموازنة للسنة القادمة أعدت قبل ذلك بحوالي 3 أشهر .. هذه الحالة يطلق عليها في العرف المالي تدني القدرة الاتفاقية ..

 2: تدني القدرة التنفيذية في دوائر وأجهزة الحكومة وحتما انك سمعت بالـ 100 يوم التي حددها رئيس الحكومة للوزارات والأجهزة وتقرر بعد انقضاءها أن الوزير الذي يقل انجازه عن 60 ./. تتم إقالته وصادق مجلس النواب على هذا .. غير اليواعد وعد ..يوفي ..؟ تفضل هذا كتاب وزير التخطيط المرقم 2 / 8 / 2968 بتاريخ 12 /2 / 2012 موجه إلى مجلس النواب يقول: أن نسبة انجاز الحكومة في سنة 2011 لم تتجاوز 27،55 ./. ومرفق بالكتاب كشف تفصيلي يتضمن نسبة انجاز كل وزارة وجهاز ودائرة وكما في أدناه: .

 1 . مكتب رئيس الوزراء: نسبة الإنجاز24،53 ./. . .

 

 

. 2 .الأمانة العامة لمجلس الوزراء: 28.66./. 3. ديوان الرئاسة: 2.02 ./. . .

 

4. وزارة النفط: 15.59%

5. وزارة الكهرباء: 14.61%

6. وزارة الدفاع: 19.17%

7. وزارة الداخلية: 50.69 %

8. وزارة الأعمار و الإسكان: 46.80%

9. وزارة العلوم و التكنولوجيا: 44.85%

10 وزارة البلديات: 39.79%

11. وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية: 46.01%

12. وزارة التعليم العالي: 31.65%

13. وزارة العدل: 9.50%

14. وزارة حقوق الإنسان: 78.73%

15. وزارة الثقافة: 9.87%

16. وزارة الشباب و الرياضة: 28.61%

17. وزارة التربية: 5.46%

18. وزارة التجارة: 13.54%

19. وزارة البيئة: 42.31%

20. وزارة التخطيط: 12.85%

21. وزارة الخارجية: 16.56%

22. وزارة الصناعة: 19.93%

23. وزارة الصحة: 24.57%

24. أمانة بغداد: 45.76%

25. وزارة الموارد المائية: 34.38%

26. وزارة النقل: 15.57%

27. وزارة الاتصالات: 5.96%

28. وزارة الزراعة: 13.90%

29. المجمع العلمي: 33.44%

30 شبكة الإعلام العراقي: 43.79%

31. وزارة المالية: 5.56%

32. ديوان الوقف الشيعي: 9.34%

33. ديوان الوقف السني: 97.86%

34. ديوان أوقاف المسيحيين: 82.42%

35. وزارة المهجرين: 79.83%

36. مؤسسة الشهداء: 67.77%

37. المفوضية العليا للنزاهة: 41.74%

38. مجلس القضاء الأعلى: 85.79%

39. ديوان الرقابة المالية: 12.17%

40 جهاز المخابرات العراقي: 5.09%

41. المفوضية العليا للانتخابات: 3.56%

42. مجلس الأمن الوطني: 78.20%

43. الهيئة الوطنية للاستثمار: 1.35%

44. محافظ بغداد: 1.25%

45. محافظ النجف: 27.13%

...........................................

نسبة إنجاز مجموع الوزارات يكون 21.55% ..

 يمكن الرجوع إلى الرابط أدناه للوقوف على صورة الكتاب والجداول المرفقة به: .

 http://www.shatnews.com/index.php?show=news&;action=article&id=1762فإذا كانت نسبة الانجاز لجميع دوائر الحكومة هي فقط 21،55 ./. فيفترض أن تعود نسبة 79،45 ./. من الأموال إلى الخزينة في نهاية السنة .. .

 3 . المصدر الثالث لما يمكن أن يكون إنفاقا خارج الموازنة هو فرق أسعار النفط .. فالذي يحصل هو أن الموازنة عندما يجري إعدادها فانه يتم تقدير العائدات المتوقعة خلال السنة بأقل من الحقيقية ..كيف يكون ذلك ..؟ خذ السنة الحالية مثلا 2012 الإيرادات المتوقعة لها تحسب على أساس معدل التصدير اليومي من النفط × عدد أيام السنة × سعر البرميل .. وفي حين أن سعر البرميل اعتبر 85 $ لكن سعره في السوق يتجاوز 104 $ للبرميل .. هذا يعني أن الإيرادات التي تقبضها الحكومة تزيد عن تلك المتوقع بنسب 20 ./. تقريبا وهذه الزيادة غير موزعة على دوائر الدولة بموجب التخصيصات فتبقى عند وزارة المالية ورئاسة الحكومة .. .

 فأذن ..بسبب تخلف النظام المالي وبسبب فشل الأداء الحكومي بشقيه تدني القدرة الاتفاقية وتدني القدرة التنفيذية تعود نسبة كبيرة من أموال الموازنة .ولما كانت الموازنات تعد على أساس الواردات المتوقعة من النفط خلال السنة القادمة فان تلك الفوائض لا تحتسب ضمن الموازنة وتعود للخزينة إلى جانب ذلك فان الزيادة في الواردات المقدرة للنفط من جراء اعتماد سعر افتراضي أقل ..فان مبالغ هائلة تبقى خارج الموازنة ويفترض أن تأخذ طريقها للبنك المركزي لتستخدم في سد العجز ولأغراض احتياطي ثبات العملة ..ولكن هل هذا يحصل ..؟ في الغالب ..لا .. وتبقى تحت تصرف رئاسة الحكومة ووزارة المالية .. وفي هذه الحالة يمكن أن تصرف منها مبالغ خارج تخصيصات الموازنة وهو أمر مخالف للقانون ..

 هل يعتبر هذا فسادا ..؟ ..نعم وبكل تأكيد فالفساد ليس الفضائحي وهو السرقة والكومشنات فقط ..لأن من واجب الحكومة أن تستخدم نظم مالية متطورة .. ومن واجبها أن تضع على رأس الوزارات والأجهزة والدوائر مسؤولين أكفاء ... يعني .. مريض في مستشفى أهلي وتقرر إجراء عملية جراحية له هي عملية القلب المفتوح.. ومات المريض ..فتبين لاحقا أن الطبيب واحد من حالتين: الحالة الأولى .. لا يحمل شهادة تخرج علمية أو ممارسة تتيح له إجراء هكذا عمليات .. الحالة الثانية.. تبين أنه مختص بإجراء عمليات البواسير .. في هذه الحالة يتغرم صاحب المستشفى وينحبس الذي أجرى العملية ..أم لا ..؟ .. طيب شنو تختلف هذه الحالة عن حالة أن وزير الزراعة العراقي خريج علوم سياسية .. يعني شنو ..؟ ماكو مهندسين زراعيين في البلد ..؟ وشنو تختلف عن حالة وزير العلوم والتكنلوجيا خريج دراسات إسلاميه ..؟ وشنو تخلف عن أن وزير المالية طبيب أطفال ..؟ وشنو تختلف عن أن محافظ شهادة المتوسطة مالته تطلع صادره من متوسطة بنات ..والتعليم عدنا مو مختلط ..؟.. هذا فساد لو ابن أخته ..؟ طبعاً فساد ... وبإمكانك أن توجه لهم سؤالين سبق إن وجهتهما لهم صفة رسمية: .

 السؤال الأول: هل أن التخصيصات المالية المخصصة للوزارات والدوائر تمثل وديعة ثابتة في عهدتها أم أن الغرض منها أن تصرفها لتحقيق انجازات على الأرض للشعب العراقي ..؟ فإذا كانت ودائع ثابتة فيفترض أن تعود الأموال زائدا الفوائد .. وإذا كان القصد منها إنفاقها وتقديم نتائج مقابلة في هذه الحالة لم يتم إنفاق غير 21./. من الأموال .. والنتائج على الأرض حتما اقل من ذلك بكثير وفي هذه الحالة هل توجد تسمية أخرى لهذه الحالة غير أنها فشل الأداء الحكومي ..؟ ومادمتم قد تعهدتم للشعب بان الذي يقل انجازه عن 60 ./. تتم إقالته فهل تمت الإقالة الجماعية للحكومة .. ألا يقول القرآن الكريم: وقفوهم فإنهم لمسؤولون .. .

 السؤال الثاني: ما هو مصير الأموال التي تم تخصيصها ولم يتم إنفاقها خلال السنوات السابقة ..؟ .. .

 صندوق تنمية العراق: وهو الحساب الذي استحدث في أعقاب سقوط نظام صدام تنفيذا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483 وتودع فيه الأموال المتحصلة من مبيعات النفط العراقي تمهيدا لوضعها تحت تصرف الحكومة العراقية .. لماذا أنشئ ..؟ لأن جهات عديدة دول وشركات وأفراد كانت قد حصلت على قرارات قضائية في الدعاوى التي إثارتها ضد نظام صدام من جراء أضرار لحقت بها من قبله تتيح لها تلك القرارات الحجز على الأموال العراقية ومصادرتها .. فتم تأسيس هذا الحساب وتحت إشراف دولي لحماية الأموال العراقية وكانت الأموال العراقية المجمدة في الولايات المتحدة الأمريكية هي الدفعة الأولى التي أودعت في هذا الحساب.. ومن ثم بوشر في إيداع أموال مبيعات النفط العراقي فيه.. المخولين بسحب الأموال من هذا الصندوق هم رئيس الوزراء العراقي ووزير المالية العراقي وأمين عام مجلس الوزراء .. يراقب التصرف بالأموال العراقية المودعة في صندوق تنمية العراق مجلس يسمى مجلس المشورة والرقابة الدولي وتدقق حساباته من قبل شركة تدقيق أجنبية هي شركة (k.P.M.G) .. في عام 2011 وبعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق قامت الحكومة العراقية بشراء الديون المترتبة عليها بموجب قرارات قضائية للدائنين الأفراد بمبلغ 400 مليون دولار وباتت الأموال العراقية في منأى عن عمليات الحجز التي يقوم بها الأفراد المتضررين من نظام صدام لكن الدول لم يتم تسوية القضايا المتعلقة بها ولا زالت احتمالات الحجز على الأموال العراقية من قبلها تشكل تهديدا على الأموال العراقية .. وبانتظار تسوية تلك المشاكل وخروج العراق من أحكام الفصل السابع فقد تم الاتجاه إلى أن تودع في صندوق تنمية العراق 25 ./. من أموال مبيعاته النفطية زائدا 5 ./. من مبالغ مبيعات النفط العراقي وقيدها لصالح الحكومة الكويتية عن مطالباتها بتعويض الأضرار التي تسبب بها لها صدام من جراء احتلاله للكويت أما المتبقي ومقداره 70 ./. فيودع لصالح العراق في البنك الفيدرالي الأمريكي والذي يتمتع بالحصانة ولا يحق لأية جهة السحب منه إلا بموافقة الرئيس الأمريكي تمهيدا لوضع الأموال العائدة للعراق تحت تصرف السلطات العراقية .. .

 أما عن التقارير عن الأموال التي تصرف خارج الموازنة يا صديقي سعد .. فانا قد قلت لك انك حسن النية يا صديقي .. ولكي اثبت لك ذلك .. ألفت نباهتك الى انه في كل دول العالم ومن بينها طبعاً الدستور العراقي الذي ينص على عدم إمكانية ومشروعية المصادقة على أية موازنة سنوية ما لم تدرس التقارير المالية للموازنة التي تسبقها .. اشلونك إذا في العراق لم يصدر تقرير مالي ولم يناقش تقرير مالي من قبل مجلس النواب طيلة السنوات الممتدة من عام 2003 إلى عام 2011 باستثناء تقرير ختامي صدر في عام 2011 يغطي ولدفعة واحدة السنوات 2003 إلى 2008 ..؟..تدري معنى هذا ..شنو ..؟ بالضبط مثل وحده ابنها يلعب دعبل بالشارع ويا الولد وهي ليهسا لم يقولوا لها: زوجتك .. نكحتك .. بالمهر المعلوم .. وتسألني عن تقارير عن أموال خارج الموازنه ..؟.. ألا يشكل هذا دون غيره عذرا لكي استأذن منك الآن .. وأؤجل الإجابة على بقية الأسئلة إلى الحلقة القادمة ..؟.. تقبل تحياتي وللقراء الأفاضل مثلها ...

 

 

 

يمكن توجيه الاسئلة عبر الاميل الاتي

 

[email protected]

 

 

 

للاطلاع

 

حوار مفتوح مع الاستاذ موسى فرج

 

 

 

 

 

خاص بالمثقف

 

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

 

............................

 

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2105الأحد  29 / 04 / 2012)

 

في المثقف اليوم