حوارات عامة

حوار مع الشاعرة التونسية أسماء الشرقي

38 أسماء الشرقيفي زيارتي الأخيرة الى تونس التقيت في مدينة المهدية بمبدعة من مبدعات الوطن العربي في الشعر والفن التشكيلي .. الشاعرة والفنانة التشكيلية التونسية أسماء الشرقي ، أصيلة مدينة القيروان ومقيمة في مدينة المهدية

أسماء الشرقي شاعرة تونسية حاصلة على الأستاذية في اللغة والآداب والحضارة العربية . لها كتابات في النقد الأدبي في صحف ومجلات تونسية وعربية. صدر لها عن دار الأطلسية عام 2013 ديوانها " ذاكرة اللغات " وعن دار زينب صدر لها عام 2016 "ابواب مفخخة: وفي اشراقة احدى صباحات المهدية الجميلة، التقيتها وأجريت معها هذا الحوار

- حين تفتح أسماء صفحة من حياتها ماذا تقول؟

- أسماء الشرقي أصيلة مدينة حفوز من ولاية القيروان التونسية وأقيم حاليا في مدينة المهدية ، خريجة كلية الآداب والعلوم الانسانية، متصرف مستشار في أجهزة وزارة الداخلية التونسية. شاعرة وفنانة تشكيلية، رئيس الفرع الجهوي لاتحاد الكتاب التونسيين بالمهدية

نشأت في عائلة صغرى تحترم المعرفة وعائلة كبرى تجل الأرض وتعشقها . وفي هذا الفضاء تشكلت شخصيتي الشعرية بحبي للمطالعة وانكبابي على كل ما له صلة بالمعارف . أصدرت مجموعتين شعريتين بعنوان " ذاكرة اللغات " وأبواب مفخخة " وأنا بصدد التوظيف النهائي لمجموعتي الثالثة التي ستصدر قريبا ان شاء الله. تجاربي متعددة في مجال الفنون التشكيلية والنقد الأدبي والأعداد و التقديم الاذاعي و انتاج وتقديم برامج اذاعية فكرية وتاريخية في اذاعات تونس الوطنية

- كيف كانت بدايتك مع الشعر؟

- للشعر في حياتي وقع خاص ارتبط بطفولتي التي ارتسمت بالحرف والارض منذ نعومة أظافري ومن خلال حبي الشديد للكتاب والقصة سيما اني عشت في مدينة صغيرة لم يكن لي فيها وسائل ترفيه سوى المطالعة والطبيعة، لذا كان الشعر بالنسبة لي عالما في الحياة والقصيدة كانت ولاتزال تناور أحاسيسي وتكشف أحلامي وتحفر خطواتي كأمرأة وكانسانة. فأنا قبل كل شيء أحترف الشعر عالما وان كنت أعالج الأرقام في دروب الواقع، ولي تجارب في النص النقدي والانتاج والتقديم الاذاعي و الفنون التشكيلية

ـ بمن من الشعراء تأثرت أسماء وهل قرأتي للسياب؟

- لاشك ان مدارات تأثر اي مبدع بمنظومة فكرية وابداعية ما تتعدد بتعدد مشاربه واطلاعاته في مختلف مراحل حياته الأكاديمية أو اليومية، وأنا بدوري قرأت لشعراء الزمن الجاهلي والعصر الأموي والعباسي وصولا الى شعراء الحداثة مثل شوقي والسياب ودنقل ودرويش وغيرهم .. وهو مالا يضع مجالا للريب ان كتاباتي تداخلت فيها أنفاس هولاء الشعراء، لكن يبقى التفس الأعمق هو نفس الكاتب ذاته لأن الشعر في . نعم النهاية هو ولادة عسيرة لما هو في قرار الروح من أمل وألم وحلم . نعم قرأت للسياب في دراستي الجامعية وأعجبتني قصيدته التي يقول فيها " عيناك غابتا نخيل ساعة السحر

أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر

عيناك حين تبسمان تورق الكروم وترقص الأضواء .. كالأقمار في نهر

- برأيك هل مازال للشعر حضور في المجتمعات العربية؟

- ان الذائقة العربية هي سماعية بالأساس وان النص بمختاف أجناسه وأشكاله يظل رهين علاقته بالتأثر والأنفعال الحسي الخارجي وليس الداخلي . لذا فأنا أعتقد وان كان الشعر قد اختلط بأجناس أدبية متعددة كالمسرح الضارب بالقدم والرواية والأقصوصة وغيرها من الأجناس الأدبية الأخرى ، لكن يبقى في جميع اشكاله أرقى وسيلة للتعبير عن خوالج الذات وتدفق المعنى الباطن للانسان . لدى مجتمعاتنا هو متروك كتابة مرغوب سمعا

ـ كيف يكون الكاتب أو الشاعر مبدعا؟

- الابداع هو ان تكون سيد حرفك وخطك في الكتابة الشعرية وبالتالي فالمبدع هو من يستثني لنفسه نهجا مختلفا في الكتابة ورسم تصوراته شعريا بصورة مستحدثة ولغة قريبة من ذائقة القاريء

- من خلال قراءتي لديوانك " أبواب مفخخة " لمست أن تجربتك الشعرية تتسم بالصدق والتلقائية وانك تحبين الطبيعة والوطن

- يدعوني كلامك الى عودة خاطفة للحديث عن قصيدة النثر، فهذه الأخيرة تقتضي آلية الانزياح الشكلي للنص الشعري و تحرره خاصة من ربق القافية وتؤسس للنص الشعري عالما منفتحا على آفاق اخرى، بامكانها أن تهبه جمالية خاصة ومساحات ارحب للبوح

وبين هذه الضرورة وما اكتبه قواسم مشتركة تتلخص تحديدا في استدعاء معاجم لغوية مختلفة لخدمة النص وتطويعا لتعميق الصورة والمشهد في القصيد كاستخدام الرموز الأسطورية والملحمة والنظرية الفلسفية والدينية، لكن تبقى للغة بداخلي" مدار انثروبولوجي " مخصوص يصنف عوالمي على نحو أرى من خلاله كل الكون المادي واللامادي المرئي واللامرئي ينبع من نقطة ضوء .. وميض قادح يستكين داخل الذات البشرية أو بالأحرى داخل كينونة الشاعر الذي يكتب بخيوط متشابكة حينا ومتداعية أحيانا .. يحكمها الشعور والاحساس . فنحن يا سيدتي نكتب لنكون ولنرسم كونا نحلم به .. كونا مثاليا قوامه الحب والسلام والنقاء والشفافية، فنحن نحارب بنصال الحرف قاذفات الصواريخ العابرة للقارات ونعري بالقصيد بروتوكولات حكام العالم .. هنا أقف وسأظل

ـ ماذا حققت الثورة للمرأة التونسية؟

- رغم أن الثورة أو ما يعبر عنه بالربيع العربي قد خطا خطوة ايجابية نحو مسار الحريات العامة، الا انها لم تمنح المرأة التونسية مزيدا مما اكتسبته سابقا من استقلالية ذاتية وتبجيل واحترام اجتماعي خاصة في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الذي خصها بمجلة قانونية تشريعية حديثة هي " مجلة الأحوال الشخصية " وهي دستور وحيد في مجال حرية المرأة في العالم العربي والأوربي على السواء

- كيف توفقين بين حياتك كزوجة وام لولدين وعملك وكشاعرة وفنانة تشكيلية ، وهل لزوجك الطبيب دور في تحفيزك والوقوف الى جانبك لتحقيق أحلامك كمبدعة؟

- أنا زوجة وام بحكم نواميس الطبيعة وهو ما يجعلني مسؤولة عن تربية اولادي والأهتمام بافراد اسرتي بكل محبة وحرص وهذا الأمر لا اناقشه حتى مع نفسي لما أرى فيه من واجب مقدس .

أما زوجي الطبيب فهو في الواقع أكثر من زوج عادي له حقوقه وعليه واجبات، فهو صديقي الذي رافقني منذ دراستي الثانوية ورفيقي في مراحل تعليمي العالي وزوجي وناصحي بعد تخرجي والى الآن وسيظل ان شاء الله. وهو يقف صنوي كشاعرة وفنانة تشكيلية واستشيره كلما استعصت علي خطوب الحياة

- مثلما لزوجك دور كبير في دعمك لتحقيق احلامك كشاعرة وفنانة تشكيلية ، كان لزوجي الشهيد الطبيب ابو ظفر دور جدا كبير في دعمي وتطوير امكانياتي الأدبية. في الختام أشكرك لهذا اللقاء ولنا ان شاء الله لقاءات قادمة

 

في المثقف اليوم