مدارات حوارية

رافع جعبري لصحيفة المثقف: " التطبيع فشل في الشرق الاوسط وعملية السلام يحددها الميدان

تجري صحيفة المثقف مقابلة خاصة مع رافع جعبري، باحث ومحلل سياسي مختص في الشرق الأوسط مركز العلوم السياسية– باريس. حول مجريات وتبعات عملية طوفان الأقصى فلسطينيا واسرائيليا وإقليميا ودوليا في ظل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فأهلا وسهلا به، في مدارات حوارية.

إعداد وتقديم : أورنيلا سكر

***

السؤال الأول: بداية، ما هو تقيمكم لعملية طوفان الاقصى التي قامت بها حماس؟

- رافع جعبري: لفهم عملية طوفان الأقصى لابد من ذكر كتاب الحرب للمفكر الاستراتيجي والعسكري الألماني كارل فون كلاوزفيتس والذي تحدث في كتابه "عن الحرب " وقال إن " الحروب لا تأتي من العدم" ولهذا لا بد من مناقشة سياقها السياسي حيث أتت في ظل صراع إسرائيلي فلسطيني الذي بدأ منذ أكثر من 75 عاما بدأ بالنكبة الفلسطينية وفي سياق الاحتلال العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة قي عام 1967.

لقد قاوم الفلسطينيون منذ بدأ الصراع بكافة الوسائل البدائية المتاحة وبدعم من قبل بعض الدول العربية والإسلامية سياسيا وماليا وعسكريا حسب المراحل السياسية التي مر بها هذا الصراع، ولكنها كانت غير كافية مقارنة بالدعم السياسي والاقتصادي والعسكري الذي تلقته إسرائيل من الولايات المتحدة الامريكية والدول الأوروبية حتى يومنا هذا.

لقد أثبتت الحكومات الإسرائيلية المتتالية منذ اتفاق أسلو في عام 1993 أنها لا تريد إعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة وهي الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة من خلال مسار سياسي تفاوضي سلمي. لقد كان هذا واضحا من خلال إدارة الحكومات الإسرائيلية المتتالية المسار التفاوضي لعملية اسلو وأيضا سياساتها الاستيطانية والقمعية تجاه الشعب الفلسطيني وقادته بما فيهم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي قضى اخر أيامه محاصرا بالدبابات الإسرائيلية في مقر تواجده والذي أدى الى استشهاده في عام 2004. وواجهة هذه السياسات القمعية مقاومة مسلحة من الحركات الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس والتي كانت بخلاف مستمر مع ياسر عرفات واصطدمت في بعض الأحيان مع الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية التي كان دورها الوظيفي توفير الامن للفلسطينيين والإسرائيليين.

على الرغم من ذلك، تبنت الإدارات الأمريكية والحكومات الأوروبية الرواية الإسرائيلية التي كانت تقول إن ياسر عرفات كان يدعم الإرهاب الفلسطيني ويدعم الفساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية وأنه مسؤول عن فشل المفاوضات من خلال رفضه للعرض الإسرائيلي في كامد ديفيد والذي لم يرق لطموحات قادة الشعب الفلسطيني في السيادة والاستقلال في كافة الأراضي التي احتلت في عام 1967. وخلال هذه الفترة قامت الإدارات الأميركية والحكومات الأوروبية بدعم وترويج للتيار السلمي الإصلاحي في حركة فتح وبعض المستقلين بقيادة محمود عباس وبرفقة محمد دحلان وسلام فياض الذين كانوا على خلاف واضح مع ياسر عرفات. وبعد رحيل الرئيس الفلسطيني عرفات، خلفه محمود عباس الذي أصبح رئيسا لحركة فتح ومنظمة التحرير وانتخب رئيسا للسلطة الفلسطينية ببرنامج سياسي القائم على التمسك بالمبادرة العربية للسلام في بيروت لعام 2002 والمقاومة السلمية للاحتلال من خلال مقاومة جدار الفصل العنصري وتحرير الاسرى الفلسطينيين ومقاومة الاستيطان وسياسات الهدم والتهجير والقتل بالوسائل السلمية المتاحة وبناء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية وأقامه الدولة الفلسطينية وحل عادل للاجئين الفلسطينيين. لقد واجة الحكومات الإسرائيلية وبدعم الدول الأوروبية الإدارات الامريكية برنامج محمود عباس من خلال رفضها لوقف الاستيطان وتحرير الاسرى وإزالة جدار الفصل العنصري وعدم التنسيق معه خلال الانسحاب العسكري من قطاع غزه في عام 2005 وما تلاها من قبول الحكومة الإسرائيلية لتنظيم انتخابات تشريعية في عام 2006 ومن ثم رفض نتائجها بسبب فوز حركة حماس والذي دعمها في هذا المسار الإدارة الامريكية والحكومات الأوروبية والذي أدى الى شرخ في النظام السياسي الفلسطيني في أهم مراحلة التكونية والذي اعتمد على مبدأ شمولية العملية الديموقراطية ومشاركة كافة الأطياف السياسية الممثلة في المجتمع الفلسطيني.

هذا الرفض أدى الى تصادمات عديدة خلال عام 2006 وعام 2007 والذي انتهى باصطدام دموي بين حماس وفتح في قطاع غزة وأحدث شرخا عميقا في النظام السياسي الفلسطيني وأيضا عزز الانفصال الجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية وأدى الى انتقال العديد من قادة فتح والسطلة بمن فيهم مسؤول الأجهزة الأمنية محمد دحلان من قطاع غزة الى رام الله. استغلت إسرائيل هذا الشرخ في النظام السياسي الفلسطيني وقامت بالخطوات التالية: فرض حصار شامل على قطاع غزة وفرضة تنسيقا أمني شامل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وعززت الانقسام الفلسطيني بتسهيلات اقتصادية ومالية ودعمت عملية الإصلاح وبناء المؤسسات التي قادها رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض وبدأت بمفاوضات سياسية مع السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس لكسب الوقت والتي توقفت كليا في منذ عام 2014.

استغلت الحكومات الإسرائيلية المتتابعة الاستفراد بالضفة الغربية وتنفيذ سياساتها الاستيطانية وتعزير التبعية الاقتصادية والتحكم الكامل في كل المعابر والطرقات الفلسطينية بين المدن والقرى في الضفة الغربية وأيضا تعزيز الاستيطان ومحاربة الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية من خلال سياسة الاستيلاء على البيوت ومنع التراخيص للبناء او الترميم للفلسطينيين وفرض الضرائب العالية على العائلات الفلسطينية ومهاجمة المسجد الأقصى. هذه السياسات أضعفت الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة فتح والسلطة الفلسطينية لان فلسفة المفاوضات والمقاومة السلمية لم تعط أي ثمار، بل عززت الاحتلال من خلال تكثيف الاستيطان والفصل العنصري والجغرافي والسياسي وأضف الى ذلك التنكيل والتحكم والسيطرة على كل مناحي الحياة للفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس من خلال الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش والمعابر وهجوم المستوطنين على الفلسطينيين وبيوتهم بالسلاح وحرق وتدمير وقتل الفلسطينيين.

وفي صعيد اخر، عززت الحكومات الاسرائيلية أولا الحصار على قطاع غزة من خلال التحكم بجميع المعابر بما فيها معبر رفح الذي يربط القطاع بجمهورية مصر العربية وسيطرة على شاطئ غزة وفرضت قيود عديدة على الصيد وحدد المجال البحري الذي يسمح للفلسطينيين والوصول له ولا تزال تسيطر على المجال الجوي أيضا و في ظل الحصار، قامت إسرائيل بشن العديد من الحروب على القطاع في نهاية عام 2007 وقتل فيه 1300 فلسطيني مقابل 13 إسرائيليا أي بنسبة 1- 100 و في عام 2012 قتل 160 فلسطيني مقابل 16 إسرائيليا أي بنسبة 1- 100 وفي عام 2014 قتل 2250 فلسطيني مقابل 60 إسرائيليا أي بنسبة 1- 38 وفي عام 2021 قتل 205 فلسطيني مقابل 12 إسرائيليا أي بنسبة 1- 18 ودمرت إسرائيل في كل مرة البنية التحتية لقطاع غزة وكان شعارها القضاء على حماس وفشلت في كل مرة. اليوم نتحدث عن قتل أكثر من 16000 فلسطيني مقابل 1400 إسرائيلي حتى الان أي بنسبة 1- 11.

جاءت عملية طوفان الأقصى في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي ذكرت سابقا جاءت ضمن اليأس الفلسطيني من المسار التفاوضي والمقاومة السلمية في مواجهة الاحتلال والسياسات الإسرائيلية بتعزيز التوسع الاستيطاني واضعاف القيادات الفلسطينية السياسية والتدخل السلبي في النظام السياسي الفلسطيني وسياسة أسر الفلسطينيين وقادتهم من حركة فتح والجبهة الشعبية وحماس والجهاد الإسلامي وحركات أخرى وضمن الحروب التي شنتها إسرائيل على غزة والشعب الفلسطيني وجاءت عملية طوفان الأقصى للتصدي لسياسات الاحتلال الإسرائيلي و التي شكلت انتصارا عسكريا استخباراتيا على الجيش الإسرائيلي الذي يتمتع بأحدث التقنيات العسكرية وانظمة المراقبة وجيش نظامي يسيطر على قطاع الاتصالات والمعابر ومع ذلك قامت حركة حماس بابتكار حلول عسكرية من خلال بناء شبكة انفاق تحت قطاع غزة وتحقيق انتصار عسكري. هذا الانتصار العسكري قضى على نظرية التفوق العسكري الإسرائيلي والذي سيفتح الطريق لمقاومة بأشكال جديدة في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة حتى انهاء الاحتلال. فلسطينيا، شكلت هذه العملية دعما شعبيا في كل انحاء فلسطين وخاصة باستهداف القاعدة العسكرية الإسرائيلية واسر الجنود والضباط.

السؤال الثاني: هل تجد ان حماس اخفقت ام تورطت في الحرب؟

- رافع جعبري: حركة حماس بدأت هذه العملية وهي تعرف جيدا كيف تبدأ الحرب، ولكنها لا تعرف متى وكيف ستنتهي.

"مسرح الحرب" هو الذي يقرر التطورات العسكرية والسياسية، ولكن حماس قامت بعملية طوفان الأقصى من مبدأ ان الحرب هي تكملة للسياسة بطرق أخرى والتي تم تناولها من الكاتب كارل فون كلاوزفيتس وهي تعلم بان إسرائيل تبنت في عام 2006 "نظرية ردع الضاحية" التي تقوم على الردع العسكري والتدميري للبنية التحتية والعقاب الجماعي والشعور بعدم الأمان والخوف والريبة من مستوى الرد وهذا ما استعملته إسرائيل حتى الان في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس.

الحرب حتى الان لم تنتهي، ولكنها أعادة القضية الفلسطينية لتصبح الأولوية الأولى على أجندات القادة في العالم.

حيث أصبحت قضية امن قومي في العديد من الدول. انها تأثر سلبيا على النظام العالمي بسبب الفجوة التي حدثت بين مبادئ القانون الدولي ومواقف وأعمال الدول العظمى وخاصة أعضاء مجلس الامن.

السؤال الثالث: اليوم وبعد ٨ ايام من الهدنة عادت الاشتباكات مرة اخرى، برأيك ما حدود هذه الحرب؟

- رافع جعبري: كما ذكرت سابقا، لا حدود للحرب وقد تستمر لوقت طويل وقد تتحول من تبادل إطلاق النيران بين حزب الله والجيش الإسرائيلي الى حرب إقليمية ولا بد من ان نذكر استهداف الحوثيين وحركات الحشد الشعبي في اليمن والعراق للمصالح العسكرية والاقتصادية لإسرائيل والولايات المتحدة. ولكن سياسة الردع العسكري للولايات المتحدة الامريكية من خلال قوتها العسكرية والنووية، ولكن هذا لن يمنع حزب الله وقوى أخرى بالتدخل لان الفشل الأمريكي في العراق وأفغانستان كان جليا وواضحا وقد يفتح المجال لتحالف المقاومة بالتدخل بشكل أكبر. المعضلة الأساسية، تبقى الى أي مدى سينتقل مسرح الحرب، هل سيبقى إقليمي في حال توسعة؟

السؤال الرابع: لماذا الاطراف العربية غير معنية في الصراع وقد صرحت صحيفة بلومبرغ عن خبر مفاده: السعودية تحاول عرض بعض المشاريع الاستثمارية الاقتصادية على إيران خوفا من توسع الحرب اقليميا؟ كيف تعلق؟

- رافع جعبري: نعلم جميعا أنه هناك تقارب سعودي ايراني من خلال الاتفاق الذي التم هذا العام من خلال الوساطة التي قامت بها الصين وهذا الاتفاق يلعب دورا إيجابيا حتى الان على المستوى الإقليمي. جميع الدول لا تريد أن تصبح الحرب إقليمية لان لها أبعاد إقليمية ودولية وهي ستأثر على السعودية مباشرة من خلال الصراع القائم في اليمن بين الفرقاء بتدخل سعودي إيراني. نعم، الشعب اليمني يدعم التدخل العسكري الحوثي ضد إسرائيل وهذا سيكون له أبعاد سياسية داخلية في اليمن والعلاقة مع السعودية ودول الجوار. وأيضا سيفتح المجال لمواجه أوسع في العراق بين فصائل الحشد الشعبي وقواعد الجيش الأمريكي المتواجدة في العراق، وسيكون لها تأثيرات إقليمية ودولية. لهذا امتنع حزب الله من توسيع "مسرح الحرب" حتى الان بكل تأكيد بالتوافق مع إيران.

السؤال الخامس: برأيكم ما هي الأهداف التي حققها كل اسرائيل وحماس بعد ٤٥ يوم من الحرب حتى الآن؟

- رافع جعبري: لا يوجد أهداف عسكرية إسرائيلية حتى الان سوى شعار القضاء على حماس وهذا ليس هدفا ولا استراتيجية. هذا يندرج ضمن سياسة الردع التي تعرف بسياسة الضاحية التي ذكرتها سابقا. لم تحقق إسرائيل أيا من أهدافها العسكري مثل القضاء على قادة حماس أو القضاء على الانفاق، ولكن السؤال المهم ما هي تبعات هذه الحرب وما بعد الحرب؟

لن يكون من الممكن إعادة الامن والاستقرار في الأراضي الفلسطينية بعد هذه الحرب الا من خلال عملية سياسية واتفاق سياسي شامل يؤدي الى إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية وهذا غير ممكن حتى الان بسبب الدعم الدولي لإسرائيل والذي يمكنها ويشجعها بتنفيذ سياستها.

أما بالنسبة لحماس، هذه الحرب شكلت انتصارا عسكريا لها في بداية الحرب من خلال السيطرة على قاعدة عسكرية إسرائيلية واسر جنود وضباط إسرائيليين وهي تواجه الجيش الإسرائيلي على الأرض وتمنعه من السيطرة على القطاع حتى الان وقامت ببناء معادلة جديدة وهي الاسرى المدنيين الإسرائيليين مقابل الاسرى المدنيين الفلسطينيين والعسكريين مقابل العسكريين، وأيضا أنه لا سلام في المنطقة والعالم بدون دولة فلسطينية مستقلة والاهم هو ضرب صورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر وتفوقه العسكري والاستخباراتي. السؤال المهم يبقى ما هو الهدف السياسي الذي تريد أن تحققه اسرائيل في هذه الحرب؟

السؤال السادس: هل برأيك اسرائيل سوف تذهب بعيدا ام سوف تجري مفاوضات على غرار اسلو وتقديم مزيد من التنازلات؟

برأيكم، من سوق يتنازل لمن؟

- رافع جعبري: الحروب تنتهي بمسارات سياسية أو اتفاقات سلام شاملة مهما طالت مدتها ومهما كانت نتائجها. ولكن التنازلات تعتمد على نتائج الحرب ومن الصعب التنبؤ بها من الان وهناك عدة مسارات قد تؤول لها الحرب:

-  اتفاق سلام ينهي الاحتلال خلال أشهر قليلة كما حدث بين فرنسا والجزائر في عام 1962 وسيكون ثمنه قتل عشرات الالاف من الفلسطينيين وجرح مئات الالاف وتدمير قطاع غزة.

-  اتفاق لوقف النار من خلال اتفاق لتبادل الاسرى كما حدث في الحروب السابقة التي تم ذكرها.

-  إعادة التواجد العسكري والاستيطاني في قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين الى صحراء سيناء. وفي حال نجاحها، ستكون الخطوة القادمة تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس الى الأردن من خلال سياسات التنكيل والاستيطان وتسليح المستوطنين. وهذه الخطة، أول من اقترحها هو القائد العسكري لقطاع غزة أرييل شارون خلال العملية العسكرية التي قادها ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غرة في شهر مارس من عام 1971 والتي كان هدفها القضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين الى الضفة الغربية وجزء منهم لإسرائيل. لم تنجح هذه العملية رغم قتل المئات من الفلسطينيين ودمار جزء كبير من المخيمات الفلسطينية وأدت هذه الحرب الى الاستغناء عنه كقائد لغزة في عام 1972.

-  اتفاقية سياسية تعيد السلطة لقطاع غزة بتحالف عربي دولي ولكنها ستعزز الاحتلال كما حدث سابقا.

السؤال السابع: بالختام ما هي النتائج التي حققها كل من حماس واسرائيل في حرب طوفان الاقصى؟

- رافع جعبري: لم تنته الحرب للتحدث عن نتائج نهائية، ولكن حتى الان إسرائيل لم تحقق أيا من أهدافها العسكرية وحماس حققت انجاز في بداية الحرب وهو تدمير صورة الجيش الإسرائيلي وقدراته العسكرية والاستخباراتية في العالم وخاصة لدى الفلسطينيين والإسرائيليين وأخيرا اهتمام الرأي العالمي للقضية الفلسطينية وفضح سياسات الاحتلال والتي ساهمت السلطة الفلسطينية بفضحها بطريقة غير مباشرة لان الضفة الغربية ليست تحت سيطرت حماس، ولكنها تتعرض للقمع والتوسع الاستيطاني.

السؤال الثامن: برأيكم ما هي النتائج المترتبة على منطقة الشرق الاوسط بعد طوفان الاقصى؟

هل. التطبيع لايزال أمرا مفعول ام تم اجهاضه؟

- رافع جعبري: طوفان الأقصى غير كثيرا في الشرق الأوسط وهنا بالتحديد، أعاد للشعب الفلسطيني كرامته وعزته بانه لا يقبل التدجين والاحتلال وأنه يتعرض للقمع والسيطرة من قبل الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية التي تضلل العالم بالحديث عن المسار السياسي وهي تقوم بكل شيء ضد هذا المسار من خلال سياساتها على الارض.

أما بالنسبة للتطبيع مع الشرق الأوسط، الشعوب لن تقبل بهذا التطبيع وسيصبح مستحيل في حال عدم وجود عملية سياسية جدية وافاق سلام يفضي لحل الدولتين. الأردن سحبت سفيرها من تل أبيب وكذلك البحرين وتركيا، ولكن الاتفاقات قائمة بين الدول وهذا يدل على وجود أزمة في العلاقات، ولكن تبقى قائمة بالحد الأدنى من خلال التواصل على المستوى الأمني والعسكري. وهناك بعض الدول لم واصلت علاقاتها مثل الامارات والمغرب. ولكن من المهم التذكير أن معظم هذه العلاقات قائمة على التعاون بين الدول وليس بين الشعوب ولهذا لن تنجح، بل أصبحت شبه مستحيلة لتطويرها بين الشعوب لان قتل الفلسطينيين وتدمير قطاع غزة من خلال سياسة الانتقام يشكل صدمة للشعوب في الشرق الأوسط وخاصة التي عاشت تحت الاحتلال وسيطرة القوى الاستعمارية عليها وعلى مواردها. وأيضا توفر المعلومات من خلال الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي لعب دورا هاما في إيصال الحقيقة للشعوب العربية وشعوب العالم.

السؤال التاسع: بالختام هل تجد أن إيران خذلت حماس كما افادت وكالت رويترز؟ وما أسباب تلك المواقف المتضاربة؟

- رافع جعبري: لقد أعتقد الجميع بان حزب الله سيتدخل بالحرب بشكل أكبر وأسرع والذي سيؤدي الى تدخل إيراني أيضا.

ولكن من الواضح أن تحذيرات الادارة الأمريكية منذ اليوم الأول من خلال وزير خارجيتها أنتوني بلينكن وارسال حاملات الطائرات الهجومية " يو إس إس دوايت دي أيزنهاور" و " يو إس إس جيرالد آر فورد" قد لعبت دورا هاما في التدخل من حزب الله والحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن والدعم الايراني ولكن من المبكر الحديث عن خذلان ايران لحليفتها حماس لأنه حتى الان وبالرغم من قوة الدمار والقتل الذي قام به الجيش الإسرائيلي في غزة لم يحقق أي انتصار عسكري او سياسي يجعل استحقاق التدخل بشكل أكبر من حزب الله وايران واجبا ويعتبر خذلانا.

هنا يبقى بيت القصيد، لا أحد يستطيع التنبؤ بما ستؤول اليه الحرب وحجم التدخل، فمثلا، لم يتوقع أحد التدخل اليمني في الحرب، ولكنه حدث. وهذا يدل على أن الجميع يعرف كيف ومتى وأين تبدأ الحرب، ولكن لا أحد يستطيع التنبؤ بامتداداتها وتفاعلاتها ومتى وأين ستنتهي ولهذا فان الحكومات في الشرق الأوسط والإدارة الامريكية والحكومات الاوروبية تتحرك سياسيا ودبلوماسيا من خلال قادتها ووزراء خارجيتها، وعسكريا وأمنيا من خلال وزراء الدفاع أو مسؤولي الامن القومي والمبعوثين العسكريين والامنيين للعمل على عدم توسع مسرح الحرب ليشمل دول أخرى بالشرق الأوسط.

***

حاورته: الأستاذة أورنيلا سكر

في المثقف اليوم