مدارات حوارية

العصفورة الدمشقية .. الأديبة سلوى فرح في مدارات حوارية

hamodi alkenanisalwa farahفي هذه الحلقة من مدارات حوارية تستضيف المثقف الأديبة سلوى فرح وحوار أجراه معها الأديب حمودي الكناني، فاهلا وسهلا بهما في المثقف

 

هي السلوى وهي الفرح وهي النسمة العليلة التي تفرش جناحيها على مساحة الشوق الى وطن يعبق بشذا الياسمين، العصفورة الدمشقية التي لا تضمر في نفسها إلاّ الحب والمودة للجميع فالحب بالنسبة لها حياة والحياة حب .. ولدت في غمرة الياسمين الشامي وتربت في عائلة محبة للأدب ونهلت من رحيق الليلك .. تتذكر الطيبة والتنور وهمسات عطر الليمون. سلوى فرح الشاعرة الدمشقية المغتربة تُحبّ دائما أن تُنادى بالنسمة .. لأنها فعلا نسمة. حاورتها مباشرة عبر النت فكنتُ اسأل وهي تجيب بكل عفوية وبلا تردد وتفيض طيبة وبساطة وبشاشة، فأهلا وسهلا بالنسمة في مدارات حوارية في المثقف الغراء.

 

س1: حمودي الكناني: أين ولدت سلوى فرح؟

ج1: سلوى فرح: ولدت في سوريا في غمرة الياسمين الشامي، وتربيت في أسرة محبة للأدب والشعر والعلم، ونهلت من رحيق الليلك، وأتذكر الحب والطيبة والتنور، وهمسات عطر زهر الليمون.

 

س2: حمودي الكناني: وماذا بعد؟ أترابك والأزقة والمدرسة والصبية سلوى ذات الضفائر وهي ذاهبة إلى المدرسة كالفراشة؟

ج2: سلوى فرح: يغفو الحنين على شاطئ الأمل .. ويهدأ الحلم بين رموش العاشقين .. اسهر وحيدة.. استرجع ذكريات القرية، والتنور .. وعبق ألليلك الفواح من تلك القرية الدافئة يوقظ براعم النرجس الغافية في نبض قلبي .. وتبرق عيناي دمعاً، ولوعةً .. تداعب زخات المطر الناعمة شفاه الأرض .. فتزدهر أحلام القرنفل وتفوح رائحة التراب عطرا سحريا فواحا..لا عطر يشبه عطر التراب الممزوج بحبات المطر كما عطر بلادي .. وحفيف أشجار التفاح من تلك البساتين يهامس ذاكرتي.. فيزيد صباحي عذوبة وأملاً .. وترتشف أمسياتي منه دفئاً لطيفاً كنت أنتقل بين زهر الجلنار إلى طريق المدرسة وأرفل كفراشة وكل العصافير كانت تتراقص على أغصان الشجر وتغازلني بحنان زقزقتها .

 

س3: حمودي الكناني: سلوى فرح الشابة الجميلة ذات العينين الخضراوين والوجه الصبوح كم مرة صاحت آه من الحب وعمايله؟

ج3: سلوى فرح: الحب حياة والحياة حب.. أنا اتنفس الحب ولا أحيا بدونه

 

أَنْا عصفورتُكَ الدَّمشقِيَّةُ

705-salwaليس لي مأوىً

خارجَ مقلَتَيكَ

أَنا جوريَّتُكَ اَلاِسْتثنائيَّة

ليس لي ندىً إلاَّ من شفَتَيكَ..

لأَجْل آهاتكَ أَنا مُعجَمُ حَنينٍ

لأَجْلِ خَفق ِ قَلبِك

أَنْا مَملَكةُ أنوثَةٍ..

لأنَّك مُعَتَّقٌ

بِنبيذِ الأُسطورةِ

أَنت ملحَمَتي

لأنَّكَ تَمْخُرُ عُبابَ البَحرِ

بأَجنحَة النوارس

أَنْا "ماريا" الحُلم

ولأنَّكَ تَنحَرُ اَلرِّيحَ أَنتَ فارِسي..

لأَنَّكَ قُربانُ المحبةِ أَنْتَ وَطَني..

ولأنَّكَ حبيبي أنا أَحيـا

 

(من قصيدة نداء الروح)

كم أحتاجُ إلى كلمة أحبُّكِ

من جِمارِ روحِكَ

دَعِ الحُبَّ يتَحرَّر على شِفاهِكَ

في كلامِ الحبِّ تكمُنُ منابعُ الحياة

في البَدءِ كانتِ الكلمةُ

فغَدت حياةً حَقيقَةً

قُلْ أُحبُّكِ كَي تتفجَّرُ براكينَ الإبداعِ

وتَنطلقَ بَلابلُ الحُرِّيَّةِ

قُلْ أُحبُّكِ فأكونُ ذاتي

فيُزهِرُ الغارُ في دروبِ العاشِقيْن

قُلْ أُحِبُّكِ بدون حُبِّكِ لا أُريدُ طريقاً

أَحتاجُ نَدى روحكَ ليَفوحَ

عَبقُ السَّوسنِ من أنفاسِيَ

ولدِماءِ فُؤادِكَ... ليَتَفتَّقَ الحَبقُ من عُروقِي

 

س4: حمودي الكناني: ما الذي ورثتِهِ من المرحوم والدك، وكيف تستحضرين ذكراه؟

ج4: سلوى فرح: كان والدي مدرساً للغة العربية، وشاعراً، ويكتب الزجل الشعبي أيضا، وكنت أراقبه وهو ينظم الزجل والشعر، وتأثرت كثيراً بروحه وحبه وتفانيه لذلك، وكنت دائما أكتب وأطلعه على كتاباتي، وكان أثره فعالاً في تدفق موهبتي وإبداعاتي. وما زلت أشعر بالتواصل الروحي معه ومع إلهامه الذي يغذي كتاباتي محبة وإبداعاً.. لقد أورثني روحه الخالدة..

 

س5: حمودي الكناني: يسكنك الشعر الموشى بالورد والمعطر بشذا الياسمين، متى بدأت حكايتك مع الشعر؟

ج5: سلوى فرح: بدأت أكتب القصص وأنا في العاشرة من عمري .. وأرسمها بأناملي البريئة.. وأحوِّلها إلى أشكال كرتونية كأنني أجسِّدها أو أصوِّرها تصويراً..

كانت أول قصيدة كتبتها في سن المراهقة بعنوان "مناجاة السماء" وأذكر أن والدي كان يتعجب من حروفي الخيالية و منذ نعومة أظفاري، كنت أسابق الريح، وأشعر تارة، بأنني حصانٌ أبيض، له أجنحةٌ يطير بها نحو السماء والقصيدة تبرق وميضاً أبيضاً محلقاً ألحق به.

الياسَمينُ يبكي الياسَمينْ

اللَّيلُ يجلدُ النَّهارَ الحَزينْ

وأنا أميرةٌ شاميَّةٌ لاعرشَ لِي

أرقدُ كيمامةٍ في حُضنِ الغُروبْ

أرتجفُ مِن سيلِ الشَّقائِقْ

اِغْتالوا فضائِيَ عَشيةَ أمسْ

قمري يَنتَحبْ

السَّماءُ غَدَتْ قريبةً جداً

لا لونَ لي ... لاظلَّ لي

تساقَطتْ عَناقِيدي

وجَفَّ نَبيذِي

يا قمري الدَّامعْ

يعتَصِرُني الحنينُ إلى تلكَ الليمونة

الغافيةِ على كتفِ أمّي

 

س6: حمودي الكناني: أين تجد سلوى فرح نفسها أكثر في الشعر أم في السرد؟

ج6: سلوى فرح: الشعر هو الحالة الأسمى الذي أجد نفسي فيه، لكنني أكتبُ أحياناً نصوصاً قصصية من واقع الحياة، أجد نفسي في الشعر وفي النثر معا أيضاً، حسب ظروفي النفسية والروحية والإجتماعية والسياسية والأوقات المناسبة لجو الكتابة.

أُريدُ أَنْ أَشرَبَ النَّارَ ثانِيَةً

أريدُ بعضَاً من الشَّمس

وكأسَاً تَجْتاحُكَ

لا تَتَسَكَّعْ في مَسَامَّاتِي حائِراً

اِرْحَلْ بِدَمي

اِجرحْ شَمْسي وهي تَفِكُّ أَزْرَارَها

خُذْ منِّي كُلَّ خَليَّةٍ وعَصَب

غَيْمَةٌ أنا

تَحْتاجُ إلى الرَّحيل ِ أبْعَدَ مِن عَينَيكَ

مَوجَةٌ أنا

تَحتاجُ إلى الإبْحار ِ أَعْمَقَ في شَفَتَيكَ

مَجْنونَةٌ تِلكَ الغُيومِ التي

لا تَمْطرإلا في الشِّتاء

مسْكِينَةٌ تلك الأرواحُ التي

لا تُعانِق الفردوس

 

س7: حمودي الكناني: متى تحتوشك القصيدة؟ هل تحتلك احتلالا مباغتا من غير استحضار؟

ج7: سلوى فرح: بداية القصيدة هي الومضة الالهامية تأتي في خيال الشاعر وتلح عليه في مكان ما في زمن ما للتعبير عن حلة وجدانية او روحية ذات أحاسيس مقرونة بالخيال لولادة القصيدة

وتتملكني الرغبة في الكتابة عندما يصادفني مشهد من مشاهد الحياة، أو عندما تخطر في بالي فكرة من الواقع المعاش، أو عندما يصادفني حدث هام أو موقف معين يستدعي الكتابة، وأحيانا تشع في ذهني القصيدة فأبدأ بكتابة الأفكار التي يجب أت تتضمنها القصيدة ثم أبدأ الكتابة مرات ومرات اكتب وأحذف وأعدل وأغير حتى تنضج،

 

س8: حمودي الكناني: هل سبق وحاولت عمود الشعر أم أنك تجدين قوالب الخليل مقيدة لخيالك؟

ج8: سلوى فرح: لا لم أحاول بعد كتابة الشعر العمودي لأنني أجد الشعر الحر النثري أقرب لروحي ولأسلوبي وخيالي الذي ليس له حدود، رغم ان الراحل والدي كان يكتب بالعمودي... وعلينا ان لا ننسى ان الشعر الحديث فيه صور جمالية رائعة، فضلاً عن الإيقاع الموسيقي الضروري في بناء القصيدة العمودية او الحرة.

 

س9: حمودي الكناني: هل أنت مع من يقسم الأدب إلى نسائي ورجالي أم أنك ضد هذا التقسيم؟

ج9: سلوى فرح: ليس هناك أدب نسائي وآخر رجالي .. هناك فقط ابداع وابتكار في الادب .. شعراً او قصة أو رواية .. توجد نساء أديبات مبدعات ومبتكرات وكذلك يوجد رجال

وأعتقد أن بعض الرجال هم الذين قسّموا الأدب إلى نسائي ورجالي ولسنا نحن النساء،أما بالنسبة لي فلا أرى فرقا بينهما سوى في الكيفية التي يطرح كل واحد منا همومه، لكننا موحدون تجاه هموم الوطن بشكل عام.

 

س10: حمودي الكناني: ما الذي أضافته الغربة إلى تجربتك الشعرية وهل هناك ما يعكس الحنين والشوق إلى ربوع الوطن الأم؟

ج10: سلوى فرح: الغربة هي التي دفعتني للكتابة، وهي التي وسّعت مداركي وعشت حالة الاختلاط الثقافي الغربي والشرقي معا بحسناتها وسيئاتها، وكذلك الحنين للوطن أشعل نار الغربة في جسدي والاشتياق إلى حاراته وجباله وسهوله وسواحله الرملية الذهبية الساحرة والأقارب والأهل وحياة الطفولة بكل حذافيرها.. هذا الاحتكاك صقل موهبتي وحفّزني مثلما حصل مع شعراء المهجر.

الغربة هي المنفى البعيد عن ملاعب الطفولة والأصدقاء... ولقد أضافت كثيراً الى تجربتي الشخصية والشعرية كذلك ... وكثير من قصائدي فيها رموز اللوعة والحنين الى الوطن، كيف وهو القلب ....

 

س11: حمودي الكناني: هل أنصفك النقاد؟

ج11: سلوى فرح: لا أعتقد .. وربما لم يطلعوا على ديوانيي الاثنين ومجموعتي القصصية، رغم انني انشر قصائدي في مواقع عديدة، فضلاً عن صفحتي في الفيسبوك.

لكن الحمد لله لقد نشرت العديد من القراءات النقدية حول إنتاجي الأدبي من قبل الإخوة النقاد والكتاب، في الصحافة المطبوعة والإلكترونية، والمسموعة وغيرها، ولا بد لي في هذا المقام إلا أن أوجه لهم كل التحية والإكبار والشكر الجزيل لهم ولجهودهم المشكورة.

 

س12: حمودي الكناني: هل أثر الفيسبوك على المواقع الإلكترونية الأخرى؟

ج12: سلوى فرح: نعم الفيسبوك يجعل تواصلك مع الاخرين مباشراً وسهلاً وقد أثر على المواقع الالكترونية، رغم أهميتها أيضاً.

 

س13: حمودي الكناني: من برأيك يتسيد قصيدة النثر من الرجال والنساء الآن؟

ج13: سلوى فرح: لا يوجد من يتسيد القصيدة، الابداع الشعري هو الذي يتسيد ورأي الجمهور هو الذي يحدد من هو المبدع ومن هو غير المبدع.

 

س14: حمودي الكناني: وماذا يحمل اصدارك الجديد، هل ينبض بروح سلوى فرح الشفيفة؟؟

ج14: سلوى فرح: خلال الربع الأول من هذا العام، أصدرت معا ديواني الثاني (لا يكفي أن تُجنَّ بي) ومجموعة قصصية (سوار الصنوبر)، صدرا عن دار الفرات للنشر والتوزيع في بيروت، لقد كانا وسيلةً للتعبير عما جال ويجول في خاطري من احاسيس ومشاعر وتجربة غنية اختزنتها ذاكرتي لأحداث مرت في حياتي ومازالت تمر .. الحياة هي نهرٌ جارٍ لن يتوقف فمن هذه الحياة نخلق الشعر والنثر .. نحوّل كل هذه الاحاسيس والمشاعر سواء الفرح او الألم الى قصائد موسيقية ذات ايقاعٍ خاص، تحمل نسمات الهواء العليل وقطرات ندى الفجر، وشرارة نار تدفئ قلوبنا خلال أيام الشتاء الطويل، وقصص نستلهمُ منها العِبَر .. بالتأكيد لولا هذه المشاعر لما تمكنت من تحويلها الى قصائد فهي تنبض من أعماق روحي لتحلق في السماء كطيورٍ مهاجرة لتبحث عن السلام والسعادة والفرح ...

 

س15: حمودي الكناني: ماذا تمثل لك الأسماء التالية:

ج15: سلوى فرح: الماغوط شهيد الشعر

ادونيس: هو شاعر سوري متمكن وفريد في الشعر العربي الحديث

دريد لحام: الفنان الكوميدي الأول في الوطن العربي صرخة الشعوب العربية في وجه الظلم والفقر وهو الابتسامة الحزينة

صباح فخري: مغني القدود الحلبية صوت فرح الانسان العربي

يحيى السماوي: إيقونة السماء وزمردة الشعر،،

سمر محفوض: وردة دافئة فواحة بالابداع تزين خصلات وطني

احمد فاضل: المحبة والعطاء يحمل كل معاني الانسانية في قلب طفل بريء نقي..يرف في سماء الابداع عالياً.

سامي العامري: التميز والابداع فريد في حروفه وأفكاره،عميق جداً وله فلسفة رائعة يدرك من خلالها المعنى الحقيقي للحياة .

 

سلوى فرح: في النهاية شكراً جزيلاً للكاتب الطريف المبدع حمودي الكناني إبتسامة الأدب الدائمة.

 

حمودي الكناني

صحيفة المثقف

في المثقف اليوم