تقارير وتحقيقات

الحضارية السومرية .. فجــر تأريخ البشرية

وهواللقاء الثاني والمتميز للجالية العراقية مع الأستاذ الدكتور خزعل الماجدي في محاضرته الثانية من سلسلة محاضراته المعنونة " وحدة حضارات العراق " والتي كانت تحت عنوان :

الحضارة السومرية : فجر تأريخ البشرية .  

وقد تميزت المحاضرة بالمهنية العالية من خلال تكثيف المعلومة وتوضيحها وتقديمها مرفقة بالصور والمخططات لتسهيل المهمة على المستمع ليتواصل مع المحاضر . بدأ السيد جمال المباركي المحاضرة بمداخلة قدم فيها الدكتور الماجدي بالاضافة الى الحديث عن سيرته الذاتية وعن اعماله ودراساته .

ثم بدأ الدكتور الماجدي محاضرته عن عصور ما قبل التاريخ والتاريخ البشري، وهي تنقسم إلى ستة عصور، ثم تطرق إلى بداية العصور التاريخية والتي بدأت مع اكتشاف الكتابة في بلاد ما بين النهرين واستخدامها في تدوين شؤون الحياة العامة .

بعدها تحدث الماجدي عن الحضارة السومرية التي هي اقدم بذور لحضارة الانسان وثقافاته في مطلع مايسمى العصور التأريخية والتي سماها معجزة الاصول التي وضعت الاسس الاولى الراسخة والنوعية والمتينة للحياة المادية والثقافية والروحية التي سارت عليها البشرية بعدها. واضاف الماجدي ان المعجزة السومرية كانت تتويجآ لكل منجزات الانسان منذ العصور الحجرية، وخصوصاً ذلك التسارع الحضاري الذي بدأ بأكتشاف الزراعة في الالف التاسع أو الثامن قبل الميلاد، ثم انفجر نوعياً في سومر عند اكتشاف الكتابة في منتصف الالف الرابع قبل الميلاد، وانفتحت معه آفاق عظيمة كانت أساس كل الحضارات بعد سومر. كان الانسان في سومر هو العامل الحاسم، كانت عبقريته في صبره ودأبه على تفحص هذا الكون بثبات ودون يأس . كان الشعب السومري اكثر من غيره أختلافاً عن ما حوله من شعوب كانت، رغم دأبها تعيش منهج الاستهلاك والاسترخاء بعيون مغمضة أمام الكون . ولذلك فجرت الايدي الارض وبنت بهندسة خلاقة نظام الري .

واخذت خارطة سومر والمدن الاولى حيزاً مهما من محاضرته، حيث كان موقعها حسب الاكتشافات من بغداد (سبار) الى اقصى جنوب الناصرية حيث (اريدو) ويرى بدقة حيث حدود الفرات (القديمة والجديدة) من خاصرة غرب بغداد حتى منطقة الفهود، وحدود دجلة من مروره في بغداد حتى الكوت (كوثا) حيث يمتد منها نهر الغراف بأتجاه المدن السومرية (أوما) و(لكَش) وبأتجاه الفهود أيضاً تاركاً (اي الغراف) الى الشرق منه، بينه وبين دجلة، أهواراً كبرى تتصل بالخليج . 

 بعدها تطرق الاستاذ الماجدي الى النظريات التي تتحدث عن اصول السومرين . هناك ما يقارب من عشر نظريات او افتراضات تبحث في أصل السومرين وهي مرتبة حسب الجهات التي تشير لأصل السومرين ابتداء من الشمال الى الشرق فالجنوب والغرب ماعدا النظرية الاخيرة العراقية :

الاصل الاناضولي، الاصل وسط اسيوي، الاصل الايراني وجبال زاغروس، الاصل السندي، الاصل الخليجي (دلمون)، الاصل الجزيري (عاجد)، الاصل المتوسطي (الايجيون)، الاصل الشامي (سوريا فلسطين)، الاصل الاوروبي (الهنكَاري)، الاصل العراقي (الرافديني المحلي) .

 بعدها تطرق المحاضر الى النظام السياسي السومري الذي امتاز في تلك المرحلة بدولة المدينة، حيث تحتفظ كل مدينة بأستقلالها السياسي وبحكامها ومعابدها وآلهتها، رغم أن هذه المدن جميعها تسودها معتقدات دينية عامة وعلاقات سياسية و اجتماعية وحضارية عامة . واشار الى السلالات التي حكمت سومر في ذلك الزمان والتي كان لها الفضل في المنجزات الحضارية، هذه السلالات هي : سلالات كيش الاربعة، سلالات اروك الثلاثة، سلالتا اور، سلالة لكَش، سلالة أوما، سلالة أكشاك، سلالة اوان، سلالة أدب، سلالة ماري، سلالة حمازي . كانت هذه المدن السومرية الاساسية التي حكم فيها ملوك سومريون . واضاف الماجدي ان للاساطير السومرية دوراً أساسياً في الدين السومري، فهي منهل عقائده وطقوسه وتعتبر كل جوهر مثولوجيات الاديان التي جاءت بعدها .

أهم ما تميزت به المحاضرة هو حماس الاستاذ خزعل الماجدي و اعتماده المادة العلمية، وجدية التناول، حيث انه استخدم الصورة كمادة موثقة لكل ما شرحه وتحدث عنه في توصيل المعلومة الصحيحة . اختتمت الفعالية بفقرة الاجابة على الاسئلة التي وجهها له المستمعون .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1434 الاثنين 21/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم