تقارير وتحقيقات

ارشيف خاص بالمدرسة المركزية في مدينة الناصرية

akeel alabodتلك البقعة العامرة بتاريخ جيل ما انفك ينبض بالخير والعطاء، نفسها مشاهد لمحطة ستينية، غادرها الأهل، والأحبة، والأصدقاء، شجرة باسقة، كما منارة وسط القلب، تحكي فصول ربيعات معطرة بالوفاء.  

مرشد الصف الثاني، والعام 1964، بيت عامر بأزهار محبتنا، ذلك المكان الذي ما زلت أنظر صوبه بخشوع، تاريخ له في القلب مكانة، تتألق بفيض بركاتها، مثل مزارات، تحتفي وضيوفها بطقوس الكتابة، وابجديات اللغة العربية.

801-akeel

الهمزة مثل منارة شاخصة بكبريائها، تتطلع نحوي ما برحت، لكانها تستنهضني، تريدني ان أقف هكذا مثل نخلة سومرية، لذلك لم أنس اول عثرة تعرضت لها في درس الإملاء، كما لم تفارقني هيبته، وطلعته البهية، معلم العربية، تتلوه قصيدة شاعر، أسوة بأولئك الذين تم تكريمهم، ليس على شاكلة المجاملات، فالتبجيل ليس معناه ان تمنح فلانا من الناس قلادة مزخرفة بعنوان، أوشهادة فخرية، انما هو ذلك العلو، تلك المكانة، هو مثل شجرة، نكبر مع أغصانها، نتطلع اليها بين الفينة، والفينة، فتتسع جذورها، تمتد هكذا مثل قامة وارفة الظلال، نستفيض بظلها، فتحتوينا.

المسافات تلك، عبرها، ومنها تعلمنا لغة الوفاء، كنا نعفر أرواحنا برحيق الارض، وزخات المطر الممزوج برائحة السنابل.

801-akeel2

الكشافة زي بلون التراب، نرتديه، لكي نقتديه،

نحمل عرش العراق، في ضمائرنا، نغني للماء، للطير، للنخل، وللإنسان.

هي هكذا حكاية العمر الفائت، وتلك الازمان ، كلمات تنمو في القلب، فيلتقطها الوجدان، كما يلتقط العصفور حبة قمح.

هنا ومقارنة مع تداعيات تفاصيل عصر يسكنه الشيطان، المدرسة لم تكن مؤسسة للعلم والتربية فحسب، انما هي كلمة، ومنارة، وحضارة، ووطن، اذ المعادلة بالمعلم، والطالب تبنى الاوطان.

الطالب كان، احتراما وإجلالا، لمن يقف خلف تلك التي تعلمنا اسرار الكلمة ومكوناتها الابجدية، يقف ممتلئا هكذا بالصبر وبالإيمان.

هنا، حيث مثل طلاسم الحروف، أسمائهم واوصافهم، بقيت ماثلة امام أعيننا، حتى مع رحيلهم، اوالبعض منهم ،وابتعادهم بقينا، كما ذاكرتنا، نحفر صورهم في قلوبنا، نخلد ذكراهم، نحبهم وذوينا، وابناءنا، كما نحب آباءنا.

فها هو عبد الوهاب البدري مدير المدرسة، بروعته شامخا، وحسن علي لطفي معلم العلوم، وخالد عبد القادر معلم الحساب، وهنالك عند أقصى الزاوية، بدري قمرالبيضاوي معلم القراءة الخلدونية، وها هي بناية العلم، تلك التي تكاد ان تكون بنظامها، وزيها، وإدارتها أفضل من وزارة التربية وطاقمها هذه الأيام.

 801-akeel3

"مديرية المدرسة الابتدائية في الناصرية"، هكذا هو اسمها بحسب ارشيف المدرسة منذ تأسست (1916-1917)، لم تكن مؤسسة لتعليم وتخريج الطلبة فحسب، انما جامعة لتعليم المعلمين فنون العلم والتعليم، ومنبر نتعلم فيه هندسة بناء النفوس والأبدان.

هي الام نفسها، تلك التي حملتني ذات يوم فعلمتني، لغة القران، وهي الأب الذي من عطفه تعلمت لغة العلم، والحلم ،والوفاء.

 

عقيل العبود

............

المصادر: الصفحة الرسمية للمدرسة المركزية، بالتعاون مع الطالب المتفوق والمتميز عبد الله محمد نجم عبد الله جلاب.

في المثقف اليوم