تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أخبار ثقافية

كريدية تحاضر عن العنف وتحديات البناء المعرفي في لندن

عرضت الدكتورة مروة كريدية للآفاق المستقبلية الجديدة في البناء المعرفي الانساني، معتبرة أن السبب المنتج للعنف هو المنطق الكلاسيكي القائم على الفعل ورد الفعل، والثنائيات الضدية، وان التخلص منه لا يكون بالعنف المضاد؛ مستنتجة ان الحروب مهما "سمت أهدافها" لا يمكن ان تقضي على "الارهاب" ، وان البشرية ان أرادت الخلاص منه فلا مفر من تغيير جذري في البناء المعرفي نفسه بالاستفادة من بزوغ الثورة الكوانتية والثورة المعلوماتية التي يمكن ان تقدم استراتيجية قيمية جديدة لادارة الهوية والقضايا والعلاقات بين الدول. وأضافت أن ظهور الفيزياء الكمومية واكتشاف الجزئيات الكونية واللانعكاسية في سير الظواهر استدعى انعطافات جديدة في الفكر على صعيد العلوم النظرية لأن مقولة الحتمية اضمحلت تحت وطأة المتغيرات وأن العالم أمام تحدٍّ حقيقي لإيجاد سبل رياضية جديدة لفهم مسار الظواهر المتشظية.

وترى كريدية ان الانسان قد تمت "برمجته" من خلال المعارف المكتسبة المحملة بالإرث البشري بما تحتويه من فلسفات متباينة على أن البشر كائنات فردية منفصلة تجاهد في صراع دائم منذ ولادتها كي تعيش بشكل أفضل ولا ينتهي ذلك إلا بالموت، وهذا ما تقبلته الإنسانية كلها ، وان هذا الصراع سوَّغ العنف وحمّل البشر أوزار القرون الماضية المثقلة بالجراح. وترى أن الخروج عن العنف لا يكون إلا عبر فهم الطبيعة الكلية لبنية العالم الخارجي والداخلي .

مشيرة الى ان النتاج الكلاسيكي الذي يعتبر ان الكون مجرد منظومة ميكانيكية مؤلفة من مكونات اولية، وان "العلم الوضعي" الطريق الأوحد الى المعرفة، والنظر الى الكائنات الحية والتعاطي معها كآلات، واعتبار الحياة المجتمعية صراعا تنافسيا البقاء فيه للأقوى .كل ذلك سوّغ العنف وحول الكوكب الى "مملكة ارهاب". وخلصت لنتيجة مفادها ان البشرية مقبلة على مرحلة معرفية جديدة قوامها عدم استقرارية النظم الفيزيائية بحيث يمكن استلهام أدوات فكرية مغايرة للمعهود .

جاء ذلك خلال لقاء فكري ضمها بالباحثين والطلاب المهتمين بالدراسات الشرقية في لندن بالمملكة المتحدة و تم من خلاله مناقشة الطروحات التي يتضمنها كتابها "رهانات السلام أزمات المنطق وآفاق الكون" والصادر باللغة الانكليزية عن جامعة أبردين .

من جانبه اعتبر الدكتور بول مانويل ان ما طرحته كريدية يحمل قيمة عميقة ويشكل نواة حقيقية لفهم مختلف للكون، لأنها لا تنطلق من أسس تقليدية بل من الظاهرة التي تنتمي إلى المنظومة الدينامية المتداخلة وانعكاساتها على المجالات السوسيولوجية والسياسية ويؤدي في عمقه الى انقلاب مفاهيمي.

فيما اعتبرت الباحثة ماري سميث ان النقاش المطروح يعد خروجا حقيقيا عن النمطية في معالجة الظواهر عبر الخوض في البنية الحقيقية المنتجة للعنف في السلوك البشري الذي توارثته الأجيال وكان بمثابة المسلمات عبر العصور .

هذا وأهدت كريدية مجموعة من اصداراتها الفكرية للمكتبة البريطانية من خلال جولة علمية قامت بها ضمت زيارة للمعهد الملكي للدراسات الانتربولوجية، وكلية الدراسات الفلسفية في جامعة لندن، اضافة الى معرض المخطوطات التاريخية والكتب النادرة التي تعود الى القرن الرابع الميلادي، وأوائل المطبوعات الصادرة في القرن السادس عشر التي أسست لفلسفة الأنوار.

 

في المثقف اليوم