صحيفة المثقف

ثقافة نفسية (1) حذار من ..الحب الرومانسي!

والنفوس التي ترقص للفرح ..فكيف اذا كان الوطن مشتعل نارا بعمر جيل، والقلوب مفجوعه بالأحبة، والنفوس مسكونه بالوجع !.

 والرومانسية بوصفها مشاعر رقيقه، وانفعالتها معطّرة بروائح القرنفل والكاردينيا والياسمين، نتوق اليها حتى لو كان الواقع الذي نعيش فيه أشبه بالجنّة..فكيف اذا كان كل ما في هذا الواقع ..خشن، والعلاقات فيه صارت جافه!.

 غير أن الرومانسية في العلاقات الانسانية هي غير الحب في العلاقات العاطفية. في الأولى: حالة ايجابية نسعى لها، وفي الثانية: حالة ينبغي ان نحذر منها. ذلك أن هدف العلاقات العاطفية في مجتمعنا هو الزواج، والمشكلة أن الحب الرومانسي لا يسير في السكة التي تؤدي الى الزواج ..بل هو يرى في الزواج أنه قاتله!!.

 ما يحصل في الحب الرومانسي أنك تنبهر بالشخص الذي تراه من أول نظرة ..وكأنك تستيقظ على صوت يقول لك من داخلك :" هذا هو الذي كنت أنتظره العمر كله!".. فتلتهب فيك مشاعر شديدة من السمو والرقة والقلق والرغبة الجنسية ..وما أن تقع فيه ..أعني حين يعيش الطرف الآخر الحالة نفسها، حتى تكون مثل رقّاص الساعة في مزاجك الانفعالي، فمرّة تكون طائرا من الفرح وأخرى مضنوكا كأنك في قفص، ومرّة تصعد بك البهجة الى السماء وأخرى يطرحك اليأس أرضا .

والعدو الذي يقتل الحب الرومانسي هو ..الزمن، فغرامه يبرد بمرور الأيام، وناره تكون مثل شمعه ..تمضي نحو الانطفاء بتقدم الزمن .

 ومشكلة الحب الرومانسي أنه خيالي ..مثالي ..أشبه بحلم، وأن الذي يقع فيه يريد أن يكون هذا الحلم حقيقة واقعه، فيما هما عالمان متباعدان..أعني :عالم الخيال الذي كلّ ما فيه جميل وطريقه سهل وناعم، وعالم الواقع الذي فيه القبيح والجميل وطريقه صعب وخشن .

 وقد تستغرب أن دراسة حديثة نصحت المتزوجين بعدم مشاهدة الأفلام الرومانسية ! وعللت السبب أن المقارنة بين العالم المفعم بالعواطف الرقيقة الذي يشاهده الزوجان في هذه الأفلام، والمنغصات التي يعيشانها في عالم الواقع، يدفع الزوج أو الزوجة الى لوم أحدهما الآخر على أنه هو السبب في حصول ما هم عليه من مشاكل ومتاعب . وغالبا ما تبدأ الزوجة  فتقول لزوجها: وين ذيك المشاعر ..وين ذيك اللهفه ..وين ذاك الحب ..تبخر لو ذبيته بالشط ..لو خاف هايم بحب جديد . وطبعا ينتهي الموقف بديرة وجه اذا موعركه من صدك .

 وهنالك اعتقاد شائع هو أن الشابات أكثر رومانسية من الشباب، غير أن العكس هو الصحيح. فالفتاة ترى في الحب الرومانسي أنه (لا يفتح بيت ولا يوكل خبز) و(حب جنون من غير مأذون، يفتح الله) على حد تعبير نبيلة عبيد .

 ونبقى نحن العراقيين جوعانين حيل للرومانسية ..وعلى الزوجات أن يوقدن شموعها ويشعلن بخورها ..ولو بين خميس وخميس !.

 

أ.د.قاسم حسين صالح

رئيس الجمعية النفسية العراقية

 

......................

ملحوظة: هذه سلسلة مختصرة ومكثفة تهدف الى التعريف بموضوعات سيكولوجية صرفة.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1302 السبت 30/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم