صحيفة المثقف

انف كليوباترا وانف الانتخابات

وقيصر ومارك انطونيو الذي حارب روما ودفع حياته ثمناً لمطامحمه من جهة ولحبه لكليوباترا من جهة أخرى .

يبدو ان بعض سياسيي العراق في عهده الديمقراطي، يريدون التمثل بأنف كليوباترا، علّهم يدخلون التاريخ، لكن المشكلة انهم لايملكون جمال تلك الملكة ولاقدرتها في التكتيك السياسي الذي رغم تأثيرها على اعظم قواد روما، الا انها هزمت في النتيجة وقتلت نفسها بلدغة افعى . 

 يطمح بعض السياسيين  الى قيادة العراق للمرحلة المقبلة بعد ان يطوبهم العراقيون عبر صناديق الاقتراع،لكنهم يمدون اعينهم وانوفهم – بل وتقودهم خطاهم كذلك – الى روما التي اصبحت بنظرهم تتمثل بالنظامين السعودي والسوري باعتبار ان اولهم يوليوس قيصر والثاني مارك انطونيو،  وهكذا يذهب بعض (كليوباتريينا) لطلب  المباركة من ملك السعودية ومدير مخابراتها ثم يذهب للاجتماع مع بشار الاسد ليقضي هناك يومين ينسق خلالها مع السوريين في كيفية قيادة العراق للاربع سنوات قادمة، وكان نائب رئيس جمهوريتنا  قد سبقه الى ذلك .

ماالذي يريد ه بعض سياسيينا من دول الجوار – وتحديداالسعودية وسوريا؟ هل يريدون القول اننا تحت رحمة هاتين الدولتين؟ وانهم في الواقع يحكمون العراق وبالتالي يقررون مصيره؟ ثم اي نوع من الانظمة يشكل هذان النظامان؟ وهل هما نماذج صالحة للاقتداء؟ اليس تلك مفارقة، ان من يريد بناء الديمقراطية في بلده، يسعى لطلب العون من نظامين: احدهما يحكم بملكية مطلقة، والثاني بواسطة اجهزة مخابرات وبحزب أوحد؟ .

لاشك انها اسئلة لن يقدر سياسيونا الاجابة عنها، فهذان النظامان لعبا ومايزالان دورا في هدر دماء الاف من العراقيين، لقد دعموا الارهاب علناً وسرا بالمال والتسليح والتدريب والتهيئة وكل ما من شأنه الحاق الاذى بالعراق، وكانت الرجولة تقتضي الحرص على دماء العراق أقله في عدم طلب الصفح  والمعونة من القاتل وجعله وصياً على ماتبقى من العراقيين، وكل هذه الانظمة  تحكم بلداننا اقل شأنا من العراق تاريخاً وحاضرا وموقعا واهمية، لكن المشكلة ان هؤلاء (الزعماء)، لايشعرون بأهمية العراق ولا بحساسية موقعه، وهم يعتبرونه مجرد ولاية يتقاسمها الملك السعودي والرئيس السوري، وبالتالي يتسارعون للحصول على تكليف منهما لحكم العراق .

أي يكن مايقدمه بعض السياسيين لزياراتهم (المقدسة)  من تبريرات، فإنها لا تصمد أمام الحقيقة، فإن يختار سياسي عراقي موعد زيارته الى سوريا قبل يومين من الانتخابات، ثم يقرر ان تستمر الزيارة يومين كذلك، فهذا يعني انه سيكون مرابطاً هناك في وقت يذهب فيه العراقيون الى صناديق الاقتراع، وهي اشارة ضمنية مفادها: ان الأمن لن يتحقق الابارضاء هاتين الدولتين، وما نشهده اليوم ماهو الا هدنة مؤقتة بانتظار النتائج، فاذا لم تكن طبقا لتوقعاتهما، فسوف ينتشر العنف من جديد وبشكل اكبر هذه المرة، انها باختصار خضوع كامل للابتزاز ووقوع تحت تأثير لايمكن من خلاله  بناء العراق، فالعلاقات مع الدول لاتبنى بالخضوع، بل وفق قاعدة تقول : منفعة متبادلة أو ردع متبادل وهو مايجعل للسياسة معنى وللمصالح حساب موضوعي، لكن ماذا نفعل بسياسيينا الذين يريدون تأمين مصالحهم بأي ثمن.

قد يكون لكليوباترا انفها الجميل، لكن للانتخابات انفها كذلك، وهو قد لا يكون معوجاً بالضرورة كما يتخيلون .

 

             

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم