صحيفة المثقف

الرقّ والعنصرية في اليمن / حميد عقبي

ومن المضحك المبكي ردة فعل بعض المؤسسات الحقوقية ووزارة حقوق الإنسان باليمن بقولهم إن الموضوع كان صدمة كبيرة، وهناك وعود بالتحرك السريع لحل المشكلة حسب التصريحات والتحرك السريع يعني سيتم إرسال لجان تقصي الحقائق وغيرها من الإجراءات الروتينية التي تستغرق سنوات.

أكثر من مليون شخص في اليمن يسميهم المجتمع "الأخدام"، هذه الطائفة ذات البشرة السوداء والملامح الأفريقية يقال إنها بقايا جيش أبرهه الحبشي وهناك تقسيمات معقدة لهذه الشريحة، فالأخدام والحلاقون والطبالون واللحوج الذين يمتهنون "الشحاتة" هي شريحة معزولة ويمارس ضدها كل أساليب العنصرية بسبب اللون والأصل ولا حظ لهم في وظائف أو تعليم أو دخول السلك العسكري، بل يعيشون على هامش الحياة في تجمعات سكانية عشوائية تفتقد أقل الخدمات حيث لا ماء ولا كهرباء ولا مجارٍ.

ولهذه الفئة عاداتها وتقاليدها الخاصة ولا يمكن لعربي أن يتزوج من خادمة أو العكس حتى لو كان الخادم مليونيرًا.

نجد هذا مثلاً بمدينة الحُديِّدة بعدة حوارٍ مبنية من الصفيح ولا تخلو أي مديرية في تهامة من وجود فئة الأخدام، بل لا تخلو أي مدينة يمنية من وجودهم، في صنعاء العاصمة نجد منطقة "المحوى" ويسكنها الأخدام وأغلبهم عمال نظافة والكثير من هذه الشريحة الاجتماعية يمتهن مهن ينظر إليها المجتمع بتحقير ولا يعترف بهم إلا في الانتخابات حيث يتم شراء أصواتهم بمبالغ مالية بسيطة جدا ووعود كاذبة وأغلب الحكومات لم تبحث أي طريقة أو تضع أي خطة لتغيير وضع هؤلاء الناس.

المنظمات الحقوقية اليمنية والعربية والدولية تتحمل المسئولية تجاه هذه القضية وعليها الضغط على الحكومة والنظام اليمني للإسراع بعمل تشريعات تجرم الاستعباد والرق وتجرم العنصرية وازدراء الناس بسبب اللون.

ولا يكفي فقط إصدار تشريعات وقوانين، بل يجب أن تكون هناك فعالية لهذه التشريعات وليست مجرد حبر على ورق.

لن يتحرك رجال الدين باليمن لنقد وتحريم ظاهرة العبودية والعنصرية كون بعضهم ما زال يملك عبيدًا وجواري، وهم من يبيح للمشايخ استباحة حقوق وانتهاك شرف الناس، ونحن باليمن نعيش فترة أشبه بالقرون الوسطى حيث كانت الكنيسة والبرجوازية وجهين لعملة واحدة.. هذا ما يحدث الآن باليمن، فهناك زواج وعقد وثيق بين رجال الدين والطبقة البرجوازية والطبقة الحاكمة وهم يتقاسمون السلطة والمصالح ويجنون الثروات ويستعبدون الناس كل واحد بطريقته الخاصة.

الزنداني هدد بمسيرة مليونية من أجل تعطيل مجرد إصدار قانون لتحديد سن الزواج ولكنه الآن صامت تجاه قضية الرق والعنصرية هو وغيره أمثال الحزمي، والأخير يبذل جهدا جبارا لتكفير والتحريض ضد دعاة الفكر والحرية ويصفهم بالعملاء ويدعو عبر المنابر لقتلهم ويصنع اليوم من نفسه بطلا وقديسا بعد عودته من قافلة الحرية وهو باسم الدين  يبيح الاغتصاب والرق والعنصرية.

الأمل الوحيد أن يخرج اليمن من عنق الزجاجة ويصبح جزءا من الحضارة الإنسانية بإعطاء الناس حريتهم وهذا لن يحدث في ظل فساد حكومي منتن ومقرف.

اليمن بحاجة لثورة جديدة ليست فقط سياسية بل حضارية وإنسانية.

 

* مخرج سينمائي وكاتب يمني

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1456 الثلاثاء 13/07/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم