صحيفة المثقف

المثقف في حوار مفتوح مع ا. د. عبد الرضا علي (6)

 

حمودي الكناني: قاص وكاتب / عراقي: الأستاذ الكبير الدكتور عبد الرضا علي  حياك الله وأمد في عمرك وجنبك كل شر . وجدت من المناسب أن أتوجه لحضرتكم الكريمة بعدد من الأسئلة مساهمة في هذا الملف الذي تبنته مؤسسة المثقف العربي وفق الله القائمين عليه ومن عليهم بالخير والصحة.

 

س 56: حمودي الكناني: الدكتور  الناقد والأديب  الكبير عبد الرضا علي وأنت على أبواب توديع العقد السابع من العمر هل لك وان تحدثنا عن الطفل عبد الرضا علي أين نشأ وترعرع وكيف كانت تعني له الحاجات البسيطة التي كان يلعب بها أو التي كان يتمنى اللعب بها - باختصار – من هو عبد الرضا على الطفل؟

ج 56: ولدتُ في بغداد (في محلّة الدوريين- الكرخ ) وترعرعتُ في عائلة فقيرة كفلها والد بقّال كان يكدّ ُ من أجل إعاشتنا، وحين كان يمرض لا يتغيّب عن دكّانه كثيراً كي لا نجوع، و لي أخٌ يكبرني بعشر سنوات (محمّد) اكتفى بالثانويّة كي يسهم في إعانة والدي، فتوظّف في أحد المصارف لإجادته اللغة الإنجليزيّة.

  لم تكن طفولتي سعيدة، ولم أحصل على هدايا ذات قيمة إلّا مرّتين:الأولى حين أصبتُ بالتايفوئيد، والثانية حين أصبتُ بالتراخوما، وأحبُ أن أشير هنا أنّني كدتُ أن أفقد عينيّ خلال مرضي الثاني، لأنَ المشفى الحكومي لم يعالجني كما ينبغي، وكنتُ أصرخ من الألم، وهنا أقنع أخي محمّد والدي بضرورة أخذي إلى عيادة طبيب اختصاص في جراحة العيون قبل أن أفقد بصري، فأزال هذا الجرّاح كلّ ما كان من الحبوب التي نبتت داخل أجفاني، وكنتُ أصرخ من شدّة الألم رغم زرقي بالإبر التي كانت تؤلمني بعد الزرق، وليس أثناءه، وحين كنتُ أبكي ولا أهدأ كانوا يقولون لي إن هذا الألم هو بسبب إبرة الحليب، فلم أفهم ما عنوه بإبرة الحليب لا أيام طفولتي، ولا أيام شيخوختي الحاليّة.

  باختصار كانت طفولة فقيرة في كل شيء.

 

س57 : حمودي الكناني: وأنت تسير من البيت إلى المدرسة بماذا كنت تفكر؟ هل كانت تراودك فكرة الجلوس على كرسي الأستاذية وتشرح للدارسين أننا خير مخلوق خلقه الله فعلينا أن نقابل هذه النعمة بمعرفة الخالق حقا وحقيقة وأن نراه في كل ما نقول ونكتب؟

ج 57 : كان والدي كثيراً ما يصطحبني معه بعد صلاة الفجر إلى علوة الشيخ معروف للخضار والفواكه، فقد كان يجلسني عند السلعة التي يشتريها حماية لها من السراّق، وكان يقولُ لي دائماً: (فتّح عينك زين لحد يشيل شي من السلعة) لهذا لم ألتحق بالمدرسة الابتدائية في العامين الأول والثاني من الاستحقاق العمري مع أقراني، لأنّ عائلتي اكتفت بتعليم أخي الأكبر منّي، فكان على طفولتي أن تضحي من أجل العيش، لكنّني كنتُ أجلس مع أقراني عصراً وهم يقرؤون في قراءاتهم، ويكتبون واجباتهم في دفاتر القراءة، وكنتُ شغوفاً بتكرار ما يقرؤون، فتعلّمتُ قراءة معظم ما في القراءة خلال السنتين، وبدأتُ أكتب جملاً أحفظها منهم، وهي جمل قصيرة، لكنّني لم أكن أرسمها وفقاً لقواعد الرسم، إنّما أنقلها نقلاً، وقد سببت لي هذه الطريقة ضعفاً في خطّي ما زلتُ أعاني منه.

وحين سجلتُ اسمي طالباً في مدرسة المنصور الابتدائيّة (كانت تقع مقابل مبنى الإذاعة العراقيّة، ثمّ أصبحت في السبعينيّات معهداً للتدريب الإذاعي) لم تسعني الأرض، فكانت دفاتري مقدّسة، وكان كتاب القراءة الخلدونيّة كنزي الثمين، وكنتُ مزهوّاً لأنّني أفضل من الطلاب الباقين، وبعد شهرين اكتشف معلم القراءة والحساب (الأستاذ سالم) تمكّني من قراءة معظم ما في الخلدونيّة، فسألني إن كنتُ راسبا السنة الماضية أم كنتُ منقولاً من مدرسةٍ أخرى، وعندما أجبته بالنفي خرج من الصف وطلب من الجميع الهدوء حتى يعود، وما هي إلّا دقائق حتى عاد إلى الصف، وبمجرد دخوله رنّ جرس الفرصة، فقال لي : (تعال عبد الرضا وياي )فتبعته، فصعد السلم إلى حيث غرفة المدير(عبد الجبار شريدة) وغرفة المعلمين، قائلاً :هو هذا

فأخرج المدير نسخةً جديدة من كتاب القراءة الخلدونيّة، وفتحها من الوسط قائلاً :( لتخاف بابا...تعال اقرأ) فقرأتُ، فقلب عدّة صفحات وطلب منّي القراءة ثانية، فقرأتُ، وهكّذا استمرّ الحال أمام بعض المعلمين، ثم سألني إن كنتُ أعرف الأرقام؟فأجبته : (آني بالحساب أحسن من القراءة استاد) عندها كرّر عليّ ما كان معلمي قد وجه إليّ من أسئلة، فضلاً عن أخرى لمعرفة كيفيّة تعلّمي القراءة، وحين صدّقني الجميع أشار إلى معاون المدير أن رحله إلى الصف الثاني، وطلب من معلم الصف الثاني اصطحابي معه إلى صفه بعد انتهاء الفرصة، وحين دخلتُ الصف الثاني (أ)بكيتُ وطلبتُ من المعلّم إرجاعي إلى صفّي الأول، فقال : لتخاف هسة (سالم ) الفراش يجيبلك كتبك ودفاترك من صفك القديم، أنت صرت بالثاني .)

وهكذا اختزلت لي المدرسة سنة دراسيّة، لكنّها سببت لي إشكالاً حين تخرّجتُ في معهد إعداد المعلمين، فقد أرادت منّي تربية بغداد الرصافة كتاباً من المدرسة يبين تاريخ دخولي الصف الأول، وكان ذلك بعد ما يقارب من ثلاث عشرة سنة، فاستغربت إدارة مدرستي مما رويت، وسألني المدير عمن أعرف من المعلمين القدامى، فقلتُ له :أنت،  كنتَ تدرسنا الجغرافية، وكنت ترسم خارطة العراق على السبورة على نحوٍ جيّد، ثم ذكرته بحادثة اغتيال معلم الرياضة المرحوم عليّ الشماع، وأنّ الفاتحة قد أقيمت في جمعيّة الشبان المسلمين التي كان مقرها مقابل المدرسة، وتجاور مبنى الإذاعة وووووووو، فقال : سأزور التربية غداً وسأحل هذا الإشكال، ثم التفت قائلاً: (شنو كوترة يرحله عبد الجبار شريدة من الأول للثاني من غير أي موافقة من التربية؟ هاي وين صايرة؟ روح استتاذ روح وتعال بعد بكرة)

  صديقي الأستاذ حمودي..كان من الضروري أن أقدم هذه اللمحة لتكون الصورة مؤطرة بالحقائق، فقد يحتاجُ إليها أحدٌ حين يكتشف خلو سجلّي المدرسي من درجات الصف الأول، فضلاً عمّا في الحكاية من هوى النفس.

  أعود الآن إلى سؤالك فأقولُ: كان الوالد كثيراً ما يصطحبني للجامع معه، وكنتُ أصلي في الصفوف الخلفيّة مع الأطفال، وكنتُ في رمضان أتنقل معه في الأماسي إلى حيث يقام دعاء الافتتاح، سواء في حسينيّة الدوريين التي كان يشرف عليها أبو أصيبع، أو في منطقة الشواكة، وكنتُ ألا زم الحسينيّة معه في محرّم، وأرافقه إلى كربلاء في العاشر من محرّم، لهذا عرفتُ الله منذ صغري، وأحببتُ أهل بيت رسوله، وتعرّفتُ على ما جرى لهم من عنت، وظلم،  وتغلغل الإيمان في قلبي، ولم أكن في يومٍ من الأيام ملحداً رغم إيماني بالديمقراطيّة، ومحبّتي للمناضلين اليساريين، ومقاومتي للظلم والظالمين، ودفاعي عن الزعيم عبد الكريم قاسم، وكرهي للاستعمار والصهيونيّة والرجعيّة والراديكاليّة،، لكنّني لم أكن أحلم بكرسي الأستاذيّة، إنّما كان حلمي أن أكمل الجامعة، وأن أعيش إنساناً مترفعاً عمّا يسيء إلى إنسانيّتي، أو إلى غيري، وأن تكون لي قناعاتي الخاصة في التفكير والحياة.

 

س58 : حمودي الكاني: لقد طفت الكثير من المدن ورأيت الكثير،  واشتغلت طويلا في جامعة صنعاء هل صادف وان أمضيت أوقاتا في مقيل رئيس جامعتها آنذاك الدكتور الشاعر عبد العزيز المقالح،  هل كانت تربطك بهذا الأديب صداقة،  أي انطباع تركت صنعاء وأهلُها في نفسك؟

ج 58 - تعرّفتُ عبد العزيز المقالح في بيت الدكتور جابر عصفور(عندما كان بيته في حي المهندسين بالقاهرة) سنة 1973، أو 1974م، ثم التقيته أكثر من مرّة في جامعة القاهرة عند زيارته لأستاذتي الدكتورة سهير القلماوي(رحمة الله عليها) وفي قاعة جامعة الدول العربيّة يوم مثل اليمن في التأبين الذي جرى للدكتور طه حسين بعد مرور سنة على وفاته، ثمّ انقطعت الصلة بعد رجوعي إلى بغداد حتّى سنة 1992م، حين غادرتُ العراق إلى اليمن بعد مضايقة المنظمة السريّة للكتاب والأكاديميين، ومحاولة تركيعي لأكون من ضمن الجوقة التي تقضم الجزرة، وتسوّد صفحات الثقافة العراقيّة، وتطبّل للطاغية دون استحياء، فكان الرجل وفيّاً بكل معنى الوفاء، وكنتُ ألتقيه متى ما أشاء،  (مع كونه رئيساً للجامعة، ومديراً لمركز الدراسات والبحوث اليمنيّة)وقد احتضن الأكاديميين العراقيين، ومدّ لهم يد العون والمساعدة، والتكريم، فأصبحت كليات جامعة صنعاء المنتشرة في معظم محافظات اليمن (قبل تأسيس الجامعات الأخرى) تستقبلهم امتثالاً لتوجيهاته السديدة، وقد وقف معي كثيراً، ودعمني بكلّ قوّة يوم عرضت عليه مع صديقي د. صبيح التميمي فكرة تحويل مركز اللغات إلى كليّة،  وكنتُ بدوري أميناً على الثقة التي منحها لي حين أصدر قراره بتعيني نائبأ لعميد كليّة اللغات للشؤون العلميّة والدراسات العليا والبحث العلمي، فلم أسمح لأحد مهما كانت علاقته بي أن يثلم تلك الأمانة مدة بقائي في صنعاء.

  كنتُ أسبوعيّاً أزور مقيله، وقد أسميته صالون المقالح الثقافي، وأشارك في المناقشات التي تدور فيه، وقد ألقيتُ فيه بعض فرضيّاتي في موسيقى الشعر، وبعضاً من مداخلاتي، وقراءاتي النقديّة، كما شاركتُ الدكتور المقالح في العديد من مناقشات الرسائل التي كان يشرف عليها مثل رسالتي حاتم الصكر وعائد خصباك اللتين حصلا بهما على الدكتوراه، وغيرهما من رسائل الدكتوراه والماجستير.

  إنّ عبد العزيز المقالح هو شاعر اليمن الكبير، ورمزها الثقافي، لذا لا غروَ أن قيل :إذا ذُكرت اليمن ذُكر المقالح.

 

س59 حمودي الكناني: الدكتور عبد الرضا علىّ لقد رأيت الكثير وخبرت الكثير،  ويقينا أنك أمعنت النظر إلى السماء في منتصف ليلة لا غيوم فيها  فماذا كانت تقول لك النجوم  و هل تلألؤها كان يعني لك شيئا؟

 

ج 59 - لعلّها كانت تقول لي: اتق الله، ولا تلوث قلمك من أجل متاع هو زائل، ولا تلّوث يديك بما تجلبه الرياح، لأنّ العواصف تبدده، وكن متواضعاً، فلعلّ فيه رفعتك.

 

س 60: حمودي الكناني: لقد بحثت كثيرا وكتبت كثيرا والفت كثيرا ودرست ودرّست كثيرا،  ماذا وجدت؟

ج 60 - وجدتُ أنّ (ليس في الكون فكرة أغلى من الإنسان.)

 

س61: حمودي الكناني:  الثقافة مفهوم كوعاء كبير يحتوي على الكثير الكثير فهل خامرتك فكرة من أن هذا المفهوم يعاني من أزمة وان كان الجواب بالإيجاب فما هي الأسباب وما هو العلاج؟

ج 61 - الأزمات ترافق الانقلابات والتحوّلات السياسيّة، وهي تختلف باختلاف الوضع السياسي العام، ففي عهد الدكتاتوريّة تجسدت في تدجين الثقافة، وجعلها في خدمة الطغيان، وتقديس القائد الضرورة، وتبرير حروبه، وعدوانه، والتصفيق له حين يقتل المعارضين، ويلاحق عوائلهم وأقاربهم حتى الدرجة الثالثة، وتغميض العيون عن المقابر الجماعيّة والإعدامات، وتهجير الناس بحجّة التبعيّة، بعد أن يتم اعتقال الشباب منهم، ومن ثمّ تصفيتهم، وغيرها من الجرائم كالأنفال، وقصف حلبجة بالقنابل الكيماوية.

  أما حين يتولّى المتزمّتون من الراديكاليين الدينيين الحكم،  فإنّ الأزمات تتجسّد في كبت حريّة التعبير الفلسفي،  أو الوجودي بذريعة المساس بالمقدّس، فيحرمون ويحللون على هواهم المذهبي، أو الحزبي.وهكذا في كلّ تحوّل تظهر أزمات جديدة تشغل بال المعنيين بالفضاء الثقافي بكل تأكيد، لذلك فالأزمة قبل ثلاث سنوات ليست كأزمة الثقافة اليوم، فحين تسلّم وزارة الثقافة رجلٌ إرهابيّ قاتل حكم على الثقافة بالموت، بينما تنفّست الثقافة هواء الحريّة حين هرب الوزير الإرهابي، وتسلّم قيادة الوزارة أكاديمي مثقف، وهكذا تتجدّد الأزمات، ولا سبيل إلى تجنبها إلّا بإشاعة حريّة القول والتعبير والتفكير، وعدم إخضاع الثقافي للسياسي، فضلاً عن تسلّم الرموز الثقافيّة المستقلة للوزارة، ولبقيّة المؤسسات الثقافيّة في الدولة، وإبعادها عن المحاصصة، والطائفيّة، والاستحقاق الانتخابي.

 

س62: حمودي الكناني: الأدب بكل أنواعه هو مرآة ترى فيه الأمم واقعها ....... فأي صورة عكستها هذه المرآة لأمة العرب؟

ج 62: عكست الكثير من إنجازات الأمّة في معظم حقول المعرفة، لكنّها عكست أيضاً حالات العقم التي مرّت بها، فينبغي عدم التركيز على حالات العقم،  لكونها خلواً من النسق الحي،  والاهتمام بحالات الإشراق والأصالة.

 

س 63: ماذا تعني لك التعابير والأسماء التالي:

 س- بغداد

ج - هي نبض قلبي، وتجلّيات روحي، وتاريخي الحزين والجميل.

 

س - دجلة

ج : من مائها العذب تكوّنتُ، ومن طينها العطر تجسّدتُ، ومن عسل نخيلها جنيتُ معرفتي.

 

س-  باب اليمن

ج – باب النجاة من المنظمة السريّة بعد الهرب.

 

 س-  المدرسة المستنصرية

ج – عبق المعرفة المداف بالتراث الأصيل.

 

س-  الجامعة المستنصرية

ج – التفوّق على الأقران.

 

س- عناد غزوان

ج - أستاذي الحاني،  وصديقي الحميم صاحب المروءة،  والصوت المدوّي في قاعات الدرس،  وضحكة العبقري المجلجلة.

 

س - مصطفى جواد

ج - حامي العربيّة من الخطل والخطأ والزلل في الكلام والكتابة.

 

س- جسر الصرافية

ج – أبكاني حين أسقطه الإرهاب، ومع أنه استعاد عافيته ونهض، إلّا أنّني مازلتُ عاتباً على الشعراء حين لم يستجيبوا لجروحه يوم تعرّض للتفخيخ، وكأنهم لم يعبروا دجلة الخير بوساطته، ولم يترنّموا بأغنية:

ياعين موليّتين ياعين موليّة   جسر الحديد انكَطع من دوس رجليّة

فلماذا كان أبناؤه من الشعراء عاقين؟

 

س :- نصب الحرية في ساحة التحرير

ج :- هو ملحمة الحريّة في الفن المدهش التي جسّدها جواد سليم، وتذكرني أيضاً بتقدير المرحوم عبد الكريم قاسم لدور الفن التشكيلي، والنصب الفنيّة في تطوير ذائقة الشعب الجماليّة.

 

س:- كهرمانه

ج - تذكرني بألف ليلة وليلة، وأيام الحضارة العربيّة، ووجه بغداد التراثي.

 

س : محمد القبانجي

ج : التراث العراقي الأصيل في فن الغناء، وموسيقى الجالغي البغدادي الشجيّة.

 

س :الكفة (تلك التي كان يستخدمها البغداديون لعبور دجلة)

ج : الخوف من الغرق.

 

س :شارع المتنبي وسوق الصفارين

ج: شارع المتنبي هو رئة بغداد الثقافيّة، وهو مطبوع في ذاكرتي منذ اشتريتُ أول دفتر لي، ولعلّ شريط الذكريات يمر أمامي بداءةً من مطعم تاجران (الذي كان من أجمل مطاعم بغداد قبل تهجير صاحبه إلى إيران) وكان قريباً من مطبعة الزاهد (آنذاك) التي يرتفع فوقها مقر الشبيبة الديمقراطيّة أيام الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، مروراً بمكتبة عليّ الخاقاني، والمثنى، وغيرهما من المكتبات، وصولاً إلى رأس سوق الورّاقين (السراي) حيث دكان صاحب الكبة المشهورة التي أشمّ رائحتها الآن يا حمودي،  و في زيارتي الأخيرة لبغداد صحبني د.عليّ الشلاه معه لزيارته، فتجوّلنا فيه كثيراً، وجلسنا في مقهى الشابندر، وشاهدنا صور شهداء المقهى الذين قضوا حين فجر الدمويّون شارع المتنبّي.

  أمّا سوق الصفارين فلعلّ ارتباطي به قد توثّق يوم قرأت رواية تقول إنّ الخليل بن أحمد الفراهيدي قد اكتشف أوزان الشعر العربي يوم مرّ بسوقٍ مشابه له، واستمع إلي إيقاعات الصفّارين المختلفة، فوضع علم العروض العربي، لذلك كان الخليل يرافقني كلّما دخلتُ هذا السوق، وكثيراً ما كنّا نبتسم ساخرين عندما نسمع اختلالاً في الطرق. 

 

س: أضاعوني وأي فتى أضاعوا 

ج: الحمدُ لله أنّني نجوتُ منهم.

أرجو أن تكون أسئلتي موفقة وتنال استحسانكم

حمودي الكناني - كربلاء

 

-- شكراً لكَ أخي القاص المبدع حمودي الكناني على أسئلتك الجميلة التي جعلتني أكشف الكثير ممّا كان غائراً في ذاتي، أو سيرتي.

 

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تكريم ا. د. عبد الرضا علي من: 17 / 8 / 2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم