صحيفة المثقف

مكونات الوحدة وعوامل الإنقسام في المجتمع العراقي

وعوامل خارجية؟ ثم هل أن الشعب العراقي يمتلك من مقومات الوحدة ما يُمكنهُ من تجاوز أي محنة يحملها الإنقسام، فيما لو جرى تفعيل تلك المقومات والاشتغال عليها او الانطلاق منها؟ أم ان عوامل الانقسام تستطيع تفكيك الجسد العراقي اذ ا شحنت بمضخات خارجية توفرت لها عوامل القوة والادامة ؟ هذا ما نُحاول استقراءه تاليا .

 لنبدأ اولا من مؤشرات وعوامل الانقسام، في هذا المرتكز سنتطرق الى ثلاث إشكاليات عاشها العراق :

 

الإشكالية الأولى: جدلية الماضي والتاريخ

 التأريخ لاسم لعراق كمفردة ومصطلح، بدأ منذ الألف الثالث قبل الميلاد،إمتداداً للكلمة السومرية (أوروك) التي تعني الضياء أو المضيء أو المنير كما ترجمها علماء اللغات والأنثربولوجيا، وكانت من الناحية السياسية، تشمل المناطق الواقعة من جنوب أور حتى أعالي الزابين شمالا، ثم تمددت الدولة على يد سرجون الاكدي لتصل إلى شواطيء رفح أو شواطيء " بليستا " كما جاء في وثيقة لاحد القادة الاشوريين، أما كلمة العراق بصيغتها الحالية، فقد وردت في بيت شاعر عربي قبل أربعمائة سنة من ظهور الإسلام " وفي العراق مكوس --- "أي قبل اكثر من ألف وثمنمائة عام، ً وفي العصر الإسلامي، كانت كلمة العراق تطلق على الكوفة والبصرة حيث سميتا بالعراقين .

واذا كان التاريخ يعرّف بانه فعل الانسان في الجغرافيا،فأن التاريخ العراقي – وهذه مفارقة اخرى - يُمكن أن يُعرف مقلوباً،بمعنى فعل الجغرافيا في الإنسان،فذلك الوادي الخصب الغزير المياه الذي يقع بين صحراء قاحلة وجبال وعرة، كان دائما موضعا لهجرات ومكان استقرار لاقوام تقاتلت عليه وتفاعلت فيه، فبنت حضارة مزدهرة من جهة وخلقت عامل توترات من جهة اخرى، لذا صنعت تلك الخصوصية التي طالما ادهشت المؤرخين، أما عن جدلية الماضي والتاريخ، فكانت واحدة من تلك الخاصيات الاشكالية متواصلة التأثير، فماذا فعل الماضي؟ وما علاقته بالتاريخ؟، ثم ماذا نعني بهذين المصطلحين؟.

 الماضي هو أحداث وقعت في زمان ومكان مُعينين، ولكي يصبح الماضي تاريخاً، ينبغي أن يدخل ضمن منهجية علم التاريخ، بإعتبار ان التاريخ علم له منهجيات وأسس وقواعد، كذلك فأن وظيفته الاساسية تمكن في الاجابة على أسئلة ثلاث .. ماذا حدث؟ وكيف حدث ؟ ولماذا حدث ؟

ماذا حدث ؟ ذلك يعني أن يخبر عن وقوع الحدث، أما كيف حدث ؟ فيروي كيفية وقوع ذلك الحدث، كأن نقول – في معرض ذكرنا عن بداية ثورة العشرين مثلا - أن ثورة العشرين قد اندلعت بعد أن إقتحم عشرة رجال مُسلحين مركز الرميثة فقتلو شرطيين وأطلقوا سراح الشيخ شعلان أبو الجون، وهكذا -- . الإشكالية الكبرى التي نعاني منها في الماضي والحاضر، هي في المسألة الثالثة، لماذا وقع؟ كي يُجيب علم التاريخ على هذه الإشكالية فإنه يحتاج إلى علوم أخرى مُساندة، كعلم الإجتماع والإقتصاد وبُنية ثقافية متطورة، ولما كانت تنقصنا تلك العلوم كما استخدام منهجية علم التاريخ في اخضاع الماضي لمتطلبات القراءة وفقا لتلك المنهجيات، لذا قيل دائماً بأن التاريخ يكتبه المنتصرون، وفي حالتنا كانت السلطات هي الغالبة في صراعها مع المجتمع، لذا يُمكن أن يُحول الخائن إلى بطل قومي فيما يحول الوطني الى خائن، في مثل من لبنان: كلف الدكتور فؤاد افرام البستاني والدكتور عُمر فرّوخ بكتابة تاريخ لبنان، فكتب الأول عن الدخول العربي إلى لُبنان : عندما جاء الغزاة العرب قاتلهم سُكان جبل لُبنان بضراوة !! فيما كتب عُمر فرّوخ : حينما وصل الفتح الإسلامي إلى لُبنان رحّب به اللبنانيون !! هكذا هو الإختلاف بين الإثنين، أما تاريخنا، فهناك الكثير من الوقائع على هذه الشاكلة، لذلك نقول :أن من يقرأ تاريخنا بإمعان، سيجد هذه الإشكالية قائمة بوضوح، يُمكن من خلالها القول بأننا نملك ماضياً ولكننا لا نملك تاريخاً . بمعنى أننا لم ندخل هذا الماضي إلى علم التأريخ، ولنفترض أن التأريخ هو الذهب الذي لكي يكتسب قيمته الحقيقية عليه أن يُنقى مما علق به من شوائب، لم تتخلص اوروبا من مشاكل الماضي، إلاّ بعد أن إعتمدت علم التاريخ الحديث في قراءة ماضيها، لذلك فإنها تعتز بتأريخها بعد أن قرأته قراءة موضوعية هرمية وتراكمية، إذن أن نملك ماضيا تعاد صياغته وفقا للاهواء والرغبات، تلك اول اشكالية ما تزال تفعل فعلها في واقعنا .

 

الإشكالية الثانية: السياسة من دون فكر سياسي:

تعّرف السياسة بانها فن ادارة الممكن في ظل المتغيرات، اذ انها تفترض العمل بين اطراف تمتلك قدرا من التكافؤ، وبذلك فأن لها مقومات ثلاث هي : فكر سياسي يحدد الاطر والنظريات الملائمة للمارسة السياسية،: ثم مُمارسة سياسية تنقل الفكر الى حيز التطبيق وتقيم علاقة جدلية معه تاثرا وتاثيرا، ثم اهتمام سياسي يمارسه الشعب من اجل مراقبة الحكومة في كيفية اداء وظيفتها السياسية .

التكافؤ النسبي بين السلطة والمجتمع، يحتم أن تجد السلطة أنسب الطرق وأكثرها نجاعةً لاداء وظيفتها، ذلك عندما تكون هذه السلطة منبثقة من حركية وارهاصات المجتمع ذاته، وعليه تحتاج إلى الفكر الذي يُنظم ويُحدد ويُشخص أنسب الطرق لإدارة المجتمع لكي تأتي التطبيقات منسجمة وفاعلة، الفكر والممارسة السياسية تحتاجها السلطة لأنها صاحبة قرار بإعتبارها قادرة على تطبيق القوانين والدفاع عن امن البلاد بواسطة قوات خصصت لهذا الغرض، في العراق بدانا فقط من العامل الثالث بمعنى أن لدينا إهتماماً سياسياً حيث اشتهر العراقيون بولعهم السياسي حتى قيل تندرا : اذا اجتمع عراقيان فسيؤسسان ثلاثة احزاب، لكن ليس لدينا فكرا سياسيا متطورا أو ممارسات سياسية صحيحة،هذه من المفارقات كذلك، لكن لماذ لم يتطور لدينا فكر سياسي ؟

لأن السلطة أتت قسراً فتمتعت بالحقوق دون الواجبات،لذا مارست إملاءات على رعايا عليهم واجبات دون حقوق وليس على مواطنين ينبغي ان يتمتعوا بالحقوق كذلك، وعليه شعرت السلطة بعدم حاجتها الى فكر تتطلبه مُمارستها السياسية مادامت تملي اوامرها.

 الحركات المعارضة التي يُمكن أن تنتج فكراً سياسياً مقابلا كي تقدم بدائلها، لم تجد بنية سياسية مناسبة يمكن من خلالها أن تطمح بالإنتقال إلى السلطة بشكل سلمي، لذا لجأت إلى العنف، واللجوء إلى العنف هو طلاق مع الفكر السياسي، الحركات المعارضة عندما تسير بتراتبية صحيحة،فأنها تقدم فكراً سياسياً بديلاً، لكن عندما تفقد هذه التراتبية وتلجأ إلى العنف، تخرج عن عملية انتاج الفكر السياسي . عندها تلجأ السلطة إلى القمع والمعارضة إلى العنف وفي هذه الحالة تضيع محاولات انتاج وتطوير فكر سياسي وهذا عامل اخرلعب دورا في عوامل التجزئة او احتمالاتها .

نقطة أخرى تتعلق بمضوعة الولاء والإنتماء، فالهوية في اللغة العربية تنبع من (هو) و(هي) أي أنها كينونة إنسانية، والكينونة الإنسانية لا تتكامل وتصقل الا بالجماعة، والجماعة كي تحقق ذاتها، ينبغي أن تتحول إلى مُجتمع - الجماعة قد تكون اسرةاو عشيرة الخ - بعد ذلك تنتمي إلى مُجتمع أوسع ينتظم بالدولة التي تنقله من اطار العرف الى حماية القانون، هذه الهرمية الطبيعية في حياة الشعوب، ولكي يتم التعامل مع النشاط الإجتماعي بحيوية، ينبغي اتباع هذه التراتبية، لكن حين تختل او تنكسر، تفقد السلطة صلاتها بالمجتمع وبالتالي تنفصل عنه، وعندما لايرى المجتمع قانوناً يتمتع بحمايته، بل قمعاً وقهراً،فماذا يفعل ؟ يعود إلى تكويناته الاجتماعية ماقبل الدولة سواء كانت عشائرية أو طائفية أو قومية، اذ لابد للانسان من إحتماء، لذا فهو يفقد الانتماء الوطني المحصن بقانون ودستور، لصالح الولاء الاجتماعي الذي تسيره الاعراف والتقاليد.

 

الإشكالية الثالثة: الهوية الوطنية:

الهوية الوطنية كي تتحقق فلا بد من مشروع الدولة، ذلك لأن الهوية مدلول سياسي قانوني دستوري حصرا، و بذلك تحمل مفهومين : المواطنة أي أن للمواطن حقوقا – بما فيها العمل السياسي - يضمنها الدستور، كما تترتب عليه واجبات نظير تلك الحماية، ولما كانت حقوق المواطنة ليست مصانة دستوريا لذلك آلت مسألة الإنتماء الى قضية مشكوك فيها وبقي الشعوروحده هو الرابط الوحيد، رغم انه لا يضمن حقوقا ولا يرتب واجبات كذلك، من هنا لجأ المواطن إلى الولاء بديلا للانتماء، والولاء حالة متبدلة داخل الشخص الواحد وفي الزمن الواحد، فهو موال لاسرته او عشيرته في محلته، وموال لمحلته في المدينة، وللمدينة في الوطن، اما في الخارج فالولاء للوطن ككل، تراتبية الولاءات وتعددها هنا، تتعايش داخل الانسان السوي من دون تصارع او استنكار، لكنها تخرج عن طبيعتها حين تتحول الى تعصب وانغلاق أوالى مواجه وبديل مع الهوية ونقيض لها، من هنا فإن هذا المكون العراقي او ذاك قد يدين بالولاء إلى مجموعة أخرى خارج نطاق الوطن، خاصة عندما ينهارمشروع الدولة بما هي كيان سياسي تجتمع فيها مضامين ثلاثة : ارض وشعب وسلطة، لذا فالسلطة هي واحدة من مكونات الدولة، لكن حين تبتلع السلطة كل مكونات الدولة، الجغرافيا وما تنتجه من خيرات، القراروبما يعنيه من ممارسات، يصبح المواطنون مجرد رعايا، عندها تتفكك الروابط حتى المجتمعية منها . هذه هي الإشكالية الثالثة التي عاشها المجتمع العراقي والتي تعتبر من عوامل الإنقسام في الشعب العراقي .

 

أما عوامل الوحدة في المجتمع العراقي فتكمن بالتالي : لاحظوا المفارقة التي قد لا يوافقني البعض عليها وهي الإختلاف الطائفي، إذ كيف يُمكن أن يكون الإختلاف الطائفي عاملاً من عوامل الوحدة وهو الذي نعيش مأساته الآن ؟!

لنبدأ اولا بالعرب السنة، يشعر العربي السني العراقي، بنوع من الخذلان من انقلاب اوضاعه، كان تاريخه مزدهراً وبلاده مركز الخلافة حينما كانت " بغداد عاصمة والكون بلاد" وكان العراق يشكل مرجعية سياسية وثقافية بل -ودينية كذلك- للعرب والمسلمين كافة، واليوم فقدت بغداد مكانتها وبالتالي فقد السني العراقي مكانته ومن ثم إنتقلت هذه المكانة والمرجعية إلى أماكن اخرى كالسعودية و مصر،هذا الشعور بالمرارة بقي كامناً لديه، لذا عندما يتفوه المصري او السوري او الايراني او أي كانت جنسيته، بما يمس مكانة النجف كمرجعية دينية في العالم،فأن السني العراقي يُثار من هذه الكلمة، يُثار من أي مساس بمرجعية النجف، هذه قد تكون معادلا تعويضيا، بمعنى اذاكانت بغداد قد فقدت بعض مكانتها، فالمكان العراقي مازال يمثل ثقلاً مرجعيا وان على القسم الاخر من المسلمين، ذلك مركب تعويضي كامن في الدواخل النفسية وان لم يعبر عنه بشكل صريح .

في الجانب المقابل، كيف ينظر الشيعي العراقي بلدا ومكاناً ؟ أنه يرى نفسه بمثابة "الشيعي الأول " بمعنى أنهُ عندما يقرأ تاريخ المنطقة، يرى أن حركة التشيع لم تصمد في أي مكان آخر مثلما صمدت في العراق، ورغم كل ما قيل عن الكوفة، فهي الوحيدة التي بقيت على تشيعها بعد انهيار كافة الممالك الشيعية من فاطمية وحمدانية وادريسية ودولة بني عمار في طرابلس الخ، التي تحولت مذهبياً كما هو معروف، كذلك فأن عاصمة الإمام المنتظر وفعل الخلاص للبشرية حسب المعتقد الشيعي، هي الأرض العراقية، لذلك يرى الشيعي العراقي أن الله إختصه برسالة كُبرى ليكون من جُند الإمام، هذا النوع من المشترك المكاني في الجغرافيا العراقية، يلتقي عنده الشيعي والسني معاً، يراه الشيعي العراقي إمتيازاً، ويراه السني العراقي تعويضا – في المكون العربي على وجه الخصوص - .

هذه من العوامل التي لا أقول أنه يُمكن المراهنة عليها قطعيا، لكن يُمكن تفعيلها والاشتغال عليها في ظروف مناسبة .

 

العامل الثاني: العشائر

يرتبط مفهوم العشائرية دائماً بمفهوم متخلف، اذ انه مكون اجتماعي ما قبل الدولة كما يفترض، وقد ذكرنا،ان فشل مشروع الدولة سينتج عنه عودة الإنسان إلى مكوناته الأولى، لذلك عندما نذكر الإنتماء العشائري كواجهة اساسية،فمعنى ذلك أننا نفترض ضمنا سقوط مشروع الدولة، وفي الواقع العراقي لعبت العشائر دوراً إيجابياً في كونها واحدة من مكونات الوحدة، قد يكون هذا غريباً لكنه واقعا، كيف ؟ تعرفون أن القبائل السبع الرئيسة المكونة للمجتمع العراقي والتي تتفرع عنها كافة العشائر والبطون، هي خليط ما بين الشيعة والسنة، وهذا الإنتماء الذي يحمل إرثاً قبليا وجداً مشتركاً ونخوات ومصاهرات وحياة مشتركة في ارض ومصالح وتجارة وغيرها، ذلك واقع يسير في الأرض العراقية وهو ما ترك فعله على المجتمع العراقي، كذلك نلاحظ أن العشائر لديها نوع من التكافؤ اذ لاتسطيع عشيرة الغاء الاخرى لإرتباطها بسلسلة اجتماعية كبيرة التنوع والاعداد، ضمن هذه الحيثيات، إستطاعت العشائر أن تتعدى مسألة الإنقسام بشكل ملفت حتى لو احدثت الدوافع الطائفية تأثيراً في بداية إندفاعها .

 

العامل الثالث: الشعور الوطني:

تحدثنا عن الموضوع الوطني في العراق وقلنا أن الشعور الوطني لم يتوج يوما بإكتمال الهوية الوطنية كما سبق تعريفها، لقد كان الشعور الوطني هو العامل الاكثر تجليا في الأمد القريب، بإعتباره مسألة شعورية يحملها الفرد منذ تشكله النفسي الاول، تلك العلائق الخاصة، تميل في الغالب الى الثبات لأن لا مترتبات حقوقية تتطلبها بالضرورة أما الهوية فكانت دائما قلقة غير مستقرة، هنا لعب "الفكر" السياسي دوراً في قلق الهوية الوطنية وعدم تبلورها،ذلك لانه لم ينظر للعراق على أنهُ وحدة مكتملة المعالم، بل كان دائماً جزءا من كل، ربما بإستثناء أحزاب قليلة طرحت فكرة الهوية الوطنية،كحزب الإستقلال بقيادة كامل الجادرجي وجعفر أبو التمن، أما بقية الاحزاب والحركات السياسية، فإنها وضعت العراق بموقع الجزء كما اسلفنا، أما جزء من امة عربية – أو كردية أو تركمانية استطراداً- أو جزء من حركة أممية أو امة اسلامية الخ -- من دون أن يوضح مفهوم الأمة، ربطاً بمدلولها الحقيقي كما عرف في اوربا مثلا، اي الامة / الدولة، أو الأمة المتجسدة واقعا دستوريا،فإعتبرت الأمة إفتراضية،يكفي الإنتماء الفكري إليها . وهي إشكالية أخرى لا نريد الخوض فيها كثيرا، لكن يمكن التأكيد على أن التجارب أثبتت أن ليس هناك أمة إفتراضية بل ان الأمة الحقيقية، انما هي الأمة الدستورية .

العراق هو الدولة الوحيدة في العالم الذي انشئت على أرضه أربع إمبراطوريات كُبرى، الاكدية والاشورية والبابلية ثم الاسلامية خاصة في العصر العباسي الاول، وقد يكون هناك إنقطاع حضاري في الإنتساب إلى هذه الحضارات، بمعنى أننا لسنا ورثة بابل أو سومربالضرورة، لا من الناحية العرقية ولا من الناحية الحضارية، فالعراقيون قبل أربعة آلاف سنة كانت لديهم مائدة مستديرة وسنًّوا القوانين والتشريعات، واليوم هاقد بدأنا من جديد، لكن في الوقت عينه، هناك شعور بالزهو ظل يُرافق العراقي أينما حل، كذلك فإن العراقي يرى نفسه الأجدر لأن يكون متبوعاً لا تابعاً، فقد كانت بابل عاصمة الدنيا، وعندما إنهارت بابل إنهار كل ما حولها، ثم دار الزمن دورة كاملة، قبل ان تصبح بغداد عاصمة الدنيا، وكذلك عندما إنهارت بغداد تحت خيل المغول، إنهارت معها المنطقة ودخلت في سبات لم تنهض منه الى اليوم، هذا الزهو هو مما يُمكن المراهنة عليه وتفعيله في المستقبل لاستنهاض مكنونات الانتماء في الذات العراقية .

محاضرة القيت في نادي نقابة الصحفيين العراقيين – في النجف الاشرف

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1175 الاثنين 21/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم