صحيفة المثقف

ملف: الدين لايحتاج الى رجال لكن الرجال بحاجة الى دين / عبد الاله الصائغ

كل من يقول بكروية الارض فنهض مارتن لوثر بانتفاضة مدوية ضد تدخل الدين في حيوات الناس رهبة او رغبة فالغى مشروع صكوك الغفران التي يبيعها رجل الدين المسيحي على فقراء الناس واثريائهم على حد سواء لضمان قطعة ارض في الجنة.

 اسلاميا ظهر مصلحون كبار مثل جمال الدين الهاشمي الملقب الافغاني ورفاعة طهطاوي ومحمد عبدة وعراقيا ظهر الشرقيان على ومحمد باقر والشبيبيان محمد رضا ومحمد ومحمد سعيد الحبوبي والسيد ابو الحسن الموسوي والشيخ محمد رضا المظفر لكن التغييرات كانت تنتهي بموت اصحابها او صمتهم. ان الصراع بين التيارين العلماني والديني ليس صراعا مخيفا بسبب من ان التيارين تقربا الى بعضهما لاشتجار الخطابات مع المصالح والمنافع فرجل الدين اضاف الى خطابه السياسي كلمات مفرغة من دلالاتها مثل ديموقراطية برلمان الرأي الآخر والعلماني اضاف الى خطابه كلمات مفرغة من دلالاتها ايضا مثل إبعاد الديني المقدس عن السياسي المنجس نحن نحترم الاديان ورجالاتها مع التوكيد ان الجمجمة البشرية لاتحتمل النقائض في آن واحد كمثل الديني والدنيوي لكن الصراع الكبير المخيف هو الصراع بين التيارات الدينية مع بعضها مثل توزع المسيحية على مذاهب كاثوليك بروتستانت ارثدوكس وتوزع الاسلامية بين سنة وشيعة والصراع الشيعي الشيعي (الاخباريون والاصوليون مثلا) والصراع السني السني مثل الصراع بين الاحزاب الاموية والعباسية والعثمانية ماذا نريد ان نقول في هذه المكابدة ؟ نريد ان نقول ان صيغة السؤال الذي طرحته مؤسسة المثقف مشكورة (دور رجل الدين في الدولة المدنية) صيغة ملتبسة توحي ان لابد من دور لرجل الدين في الدولة المدنية وهذا لايستقيم مع الواقع.

 ان الدولة ينبغي ان تكون مدنية تحترم المعتقدات غير الضارة والدين بحدوده الواقعية معتقد غير ضار بل هو معتقد مفيد وضروري وليس من العلم في شيء اعتداد رجل الدين كماً ضاغطاً قبالة المؤسسة السياسية الدستورية فهو كما يفترض كمٌّ يقلل الضغط ويعقلن الهوس وعليه يكون الافضل الحديث عن الدولة المدنية مبرأً من المؤسسة الدينية والعكس صحيح ويضطرد هذا وفقا للهيكلة الاحصائية المشكلة (التماهي بين الديني والمدني) قديمة كقدم التاريخ البشري لكن وسائط الاعلام في هذا العصر منفلتة ذات الاهداف المركبة استغلت الواقع العولمي الجديد لتهدم او ترمم او تستثني او تعمم مما اوجد تخلخلا في البنية التركيبية للسلوك البشري والدول العظمى اي الدول الراقية تكنولوجيا ودستوريا فشلت فشلا مروعا كارثيا في التعامل مع الرؤية الدينية المتشددة ففي زمن الحرب الباردة والغزو السوفيتي لافغانستان في ذلك الزمن النحس ارادت الانظمة الغربية اسقاط المنظومة السوفيتية من خلال اسقاط الجيش الروسي في افغانستان فاعتمدت على قوى دينية وركزت على المذهب الوهابي (النصي الاصولي) لتهزم العسكر السوفيثتي وافغانستان مشؤومة فسقطت منظومة الاتحاد السوفيتي بكاملها وتهدم جدار برلين ونهض مارد جديد اسمه الظاهرة اللادنية نسبة الى المليونير السعودي الوهابي الشاب وقتها اسامة بن لادن فبات هذا المارد المرعب يهدد الغرب في عقر حدوده وهاهو الغرب يعيد التجربة نفسها في منطقة الخليج (جنوب الجزيرة العربية وغربها وشرقها زد على ذلك شمال افريقيا) السعودية اليمن دول الخليج ايران العراق مصر المغرب تونس ليبيا الجزائر) فالغرب يعيد التجربة الافغانية او يعيد تأهيلها كخارطة طريق دون ان يعرف منطق التحليل السياسي او الاقتصادي المسوغات الغرب ساند الربيع العربي الشبابي (العلماني) ومحللوه يعرفون ان الشباب العربي دون تجربة تعصمهم من الشطط والغفلة وان الفيسبوك والتويتر لايصنعان نظاما سياسيا فتحول الربيع الشبابي العلماني في مصر المغرب ليبيا تونس الى ربيع سلفي متشدد ومع هذه الكوارث هناك من يسمي خيبات الفكر الشبابي العلماني ربيعا عربيا مع ظهور النتائج الملتبسة التي قاءها الاقتراع المغشوش اذن نحن نرى ان تشكيل الدولة المدنية ينبغي ان يقوم على نتائج خبرات الفكر العالمي والتكنولوجيا المعاصرة بعيدا عن وهم لوذعية الفكر الاسلاموي السياسي فرجل الدين لن يقبل بأقل من الاستحواذ على الحقيقة Might is right الحق او حقيقته كامن في القوة او الاستحواذ واذا استحوذ عليها فالكل سواه كفر وباطل وحرام.

ان الفكر الغيبي يركز على الشباب لادراكه انه فكر متحمس مستعد للتضحية بكل شيء حتى الحياة ففي افغانستان والباكستان ثمة حركة شبابية اسمها طالبان وباتت طالبان خارطة طريق لكل الحركات الشبابية هنا وهناك وللمثال فان الصراع بين الافكار الاسلامية الاسلامية افرزت لنا في افريقيا الناهضة جماعة بوكا حرام اي الغرب حرام المنهاج الغربي حرام وقتلت هذه الجماعة مايزيد على وزنها اضعافا من الناس سنة وشيعة مسلمين وغير مسلمين وجماعة الإخوة التي صارت الاخوان ومعلوم ان اللغة الغارسية تعتد الألف والنون علامة للجمع فالحصان أسب جمعها اسبان وطالب جمعها طالبان واخو جمعها اخوان مع العلم ان لدينا جمعا يعتمد (الألف والنون) مثل ضيف ضيفان بكسر الضاد وفارس فرسان .. الخ اذن لابد من تحجيم دور الدولة بحيث لاتزحف على المنضومة الدينية وطقوسها ومعتقداتها ويفضل ان لاتتعدى حدود المؤسسة الدينية جدران الجامع والكنيسة والمعبد كذلك يحظر على مؤسسة الدولة اختراق حدود الامكنة الدينية هي اشكالية حادة تلك التي تحدد الجدل بين الدين كمؤسسة وجدانية سماوية وبين الدولة كمؤسسة ارضية لتصريف الاعمال ومالم يحدد دور رجل الدين من اليوم والساعة هذه فان قراءتنا تجزم على ان العقد القادم سيحسم الامر إن لهذا او لذاك والامر امران الاول التخلص من الفكر الديني نهائيا وهذا امر ضار لأنه ينقل البشرية الى مجتمع الحيوان والحواس اما الأمر الثاني فهو الغاء الدولة والدساتير الارضية لصالح الدولة الغيبية ودساتيرها ويتم قيادة الناس عبر الامكنة الدينية والنصوص الحرفية وفي هذه الحالة ستنقرض الحياة على هذا الكوكب بل سينقرض هذا الكوكب المحسوب على المنظومة الشمسية فالفكر الديني كان حدد يوم القيامة من القرن الثالث الهجري الى اليوم ونظرة الى كتاب تاريخ الرسل والملوك (تاريخ الطبري الجزء الاول) كافية لنعرفة حسابات الطبري الفلكية بان الحياة ستنتهي في زمانه وكذا القديس اوغسطين في كتابه (ما الزمان)

ينبغي ايلاء الدين مكانته العظيمة التي يستحقها فهو يطهر الانفس وينمي الوازع الانساني وفتح كليات واقسام للعلوم اللاهوتية والاستفادة الجزئية من خبرات المؤسسة الدينية لتذليل المشاكل المتصلة بالنفس والوجدان دون ان تقع الدولة في هوة الاجتهاد الديني مع التوكيد على ان القانون الاعظم هو قانون المواطنة وكل شيء هو بعض من بعض المواطنة الدولة والدين والناس والمعتقدات ان المواطنة تصنع الدولة ولكن الدولة لا تصنع المواطنة

 

عبد الاله الصائغ فرجينيا التاسع عشر من جنوري 2012

استاذ في تحليل النص

Analysis of the text

   

خاص بالمثقف

للاطلاع: (استطلاع: ما هو دور رجل الدين في الدولة المدنية؟)

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :209 الأحد 22 / 01 / 2012)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم