صحيفة المثقف

ليلة لاتنسى وطوفان من الكتب إحياء لذكرى السفينة تيتانيك / احمد فاضل

في غضون أسابيع من حادث غرق السفينة تيتانيك خرج علينا لورانس بيسلي وهو مدرس بريطاني بأول كتاب عن هذه الحادثة الأليمة وما كاد ذلك الكتاب يتصدر المكتبات حتى بدأ ناج آخر هو ارشيبالد جرايسي بإصدار كتاب تضمن محاضر لجنة تقصي الحقائق حول غرق السفينة، الكتابان صدرا في غضون عام من غرقها لكن موضوعها أصبح غير قابل للغرق كما يقول مارك ميدلي، فقد نشرت مؤخرا العديد من الروايات والكتب جميعها تتحدث عن سر جاذبيتها واهتمام العالم بها كما وصفها الكاتب والناشر تورنتو بروستر في أحدث كتاب نشره عنها مؤخرا، ويبدو أن غراهام ريبوارد ليس الناشر الوحيد الذي حجز تذكرة مع مسافري السفينة قبل 100 سنة فهناك غراهام ماكستون وجون ريتشارد دافنبوت وتيم مالتين جميعهم كتبوا قصصا أسطورية عنها بعد نجاتهم من الغرق، أما أندرو ويلسون مؤلف كتاب " ظل تيتانيك " الذي صدر مؤخرا قال عنه: (أنه احتوى على كل عناصر الحب والتشويق والمغامرة حيث اختلطت جميعها في قصة واحدة، لكن المشكلة التي واجهت الكتاب هو في بحثهم عن مواضيع جديدة يمكن أن تقنع القارئ، وقد واجهت فعلا تحديا وأنا أكتب عنها وقد سألت نفسي هل هناك جديد يمكن أن يضاف لقصة تيتانيك ؟ فمن الواضح أن هناك الآلاف من الكتب لاتعد ولاتحصى عنها والأفلام السينمائية والتسجيلية التي تبثها القنوات الفضائية حتى هذه اللحظة جميعها يمكن أن يفرض تحديه عن كل من يفكر بإخراج كتاب عنها ) .

استخدم اكثرالكتاب الذين كتبوا عن السفينة المنكوبة خيالهم الخصب في توليف مادة تقوم على ادهاش القارئ والبعض الآخر منهم حاول أن يبتعد في كتابته عن الخيال والركون الى الحقائق التي مكنتهم من إنتزاعها من أفواه الناجين من الكارثة فكانت هذه الكتب هي الأقرب إلى قلوب القراء في كل مكان، ففي كندا أصدرت دار نشر هاربر كولينز وحدها أحد عشر كتابا مع أن بروستر سلوبين وكيل بيعها قال: (عندما رأيت العدد الكبير من الكتب تتحدث عن غرق السفينة تيتانيك وهي تغزو المكتبات هنا في كندا قلت في نفسي يبدو أننا سنضيع وسط موجة المد والجزر هذه، لكنني عدت في تغيير موقفي بعد أن رأيت شغف القارئ وهو يلهث وراء كل جديد عنها، فكريستوفر وارد هو واحد من هؤلاء الكتاب الذي نشركتابا في شهر مايو الماضي في المملكة المتحدة تحدث فيه عن عازف الكمان الشاب هيوم جوك البالغ من العمر 21 عاما حين نجا من حادثة غرق السفينة وهو أصغر عضو في فرقة موسيقية كانت تعزف لركابها ولا توجد أية نسخة منه الآن في كندا وأعتقد ان الاندفاع سيكون كبيرا جدا لاقتناء أيا من الكتب عن تيتانيك خاصة في ذكراها المئوية التي نعيشها حاليا، والجميع يعيشون حالة من القلق سواء أكانوا من الناشرين الأمريكان أو الكنديين باللحاق في السباق الكبير الذي انطلق عقب الإحتفال بمئويتها وتقديم كل ما هو جديد عنها وقد يتم الإفراج عن ثلاثة من هذه المؤلفات في ربيع هذا العام مع أن الكثير من العناوين السابقة لم يتسنى عرضها بسبب نسيانها) .

الذكرى المئوية كانت بالتأكيد في أذهاننا كما يقول الناشر باتريك مورفي الذي يقع مكتبه في شارع قريب من مقبرة فيرفيوحيث تم دفن 121 من مجموع 1514 شخصا الذين لقوا حتفهم في الكارثة، ولكي لانقول أن الناشرين الآخرين لايملكون الحق في نشر هذه الكتب أو أي شيئ من هذا القبيل، ولكن بالنسبة لنا أنها جزء حقيقي من تاريخ مدينتنا، أما الناشر تيمبوس ميرفي فأنه يأمل بمواصلة استكشاف عالم هذه السفينة على الرغم من طوفان الكتب الصادرة بحقها وذلك لايعني نهاية الهوس المصاحب لها، فالقصص الكثيرة الخارجة من أعماق تلك المآساة ولمدة 100 عام لاتزال لافتة جدا لاهتمامات القراء، بينما يعتقد بروستر أنها قصة لامثيل لها في عالمنا المعاصر والأكثر تأثيرا من غيرها من القصص، الناشر ويلسون يوافق على كل ما قاله ميرفي وبروستر على الرغم من أن الكتاب سيضطرون للبحث عن طرق جديدة للكتابة عن هذه الكارثة، وقد ينتظر حتى الذكرى المئوية الثانية لها كي يقوم بنشر أعمال جديدة إذا كان بالعمر بقية .

الغريب أن تلك الليلة التي لاتنسى قد تركت لنا كل هذه الحكايات فقبل أربعة عشر عاما أصدر الكاتب مورغان روبرتسون رواية بعنوان " حطام تيتان " يحكي فيها قصة السفينة التي تغرق بعد اصطدامها بجبل جليدي، وقد أعيد اصدارها مؤخرا لتنافس عشرات الكتب حول السفينة تيتانيك التي تم نشرها بمناسبة الذكرى المئوية لغرقها، ولا يستبعد الناشر من إعادة طبع كتب أخرى لأن الإقبال على قرائتها كبير جدا مع ما تقدمه المطابع حاليا كرواية " رماد تيتانيك " لبول تبلد الذي يروي فيها قصة أحد الناجين الذي أسعفه الحظ وترك الصعود الى السفينة قبل رحلتها المشؤومة، وكتاب " آخر ليلة لتيتانيك " لجون الويلزي يروي فيه دقيقة بدقيقة الساعات المرعبة لغرق السفينة من خلال لقاؤه بإثني عشر راكبا من ركابها، وكتاب " هاليفاكس وتيتانيك " لمؤلفه بوالو جون يسلط فيه الأنظار على العلاقة بين السفينة ومدينة نوفا سكوتيا التي دفن فيها 150 من ضحاياها، القائمة تطول لليلة لايمكن نسيانها بسهولة .

* مارك ميدلي كاتب ومحرر وناقد كندي يشرف على تناول الكتب في صحيفة ناشيونال بوست، وقد أجرى العديد من المقابلات مع شخصيات أدبية مرموقة من أمثال مارغريت آتوود و جوناثان فرانزين ومارتن اميس، نشرت أعماله تلك في العديد من الصحف والمجلات في جميع أنحاء أمريكا الشمالية .

عن صحيفة / ناشيونال بوست الكندية .

 

ترجمة / أحمد فاضل

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2124 الجمعة  18 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم